الباحث القرآني

﴿فَلَمّا جاءَهُمُ الحَقُّ مِن عِنْدِنا﴾ الفاءُ فَصِيحَةٌ أيْضًا مُعْرِبَةٌ عَمّا صَرَّحَ بِهِ في مَواضِعَ أُخَرَ كَأنَّهُ قِيلَ: قالَ مُوسى: قَدْ جِئْتُكم بِبَيِّنَةٍ مِن رَبِّكم إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَألْقى عَصاهُ فَإذا هي ثُعْبانٌ مُبِينٌ﴾ ﴿ونَزَعَ يَدَهُ فَإذا هي بَيْضاءُ لِلنّاظِرِينَ﴾ فَلَمّا جاءَهُمُ الحَقُّ ﴿قالُوا﴾ مِن فَرْطِ عِنادِهِمْ وعُتُوِّهِمْ مَعَ تَناهِي عَجْزِهِمْ: ﴿إنَّ هَذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ 76﴾ أيْ ظاهِرُ كَوْنِهِ سِحْرًا أوْ واضِحٌ في بابِهِ فائِقٌ فِيما بَيْنَ أضَرابِهِ فَمُبِينٌ مِن أبانَ بِمَعْنى ظَهَرَ واتَّضَحَ لا بِمَعْنى أظْهَرَ وأوْضَحَ كَما هو أحَدُ مَعْنَيَيْهِ والإشارَةُ إلى الحَقِّ الَّذِي جاءَهم والمُرادُ بِهِ كَما قالَ غَيْرُ واحِدٍ الآياتُ، وقَدْ أُقِيمَ مَقامَ الضَّمِيرِ لِلْإشارَةِ إلى ظُهُورٍ حَقِّيَّتِهِ عِنْدَ كُلِّ أحَدِ، ونِسْبَةُ المَجِيءِ إلَيْهِ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِعارَةِ تُشِيرُ أيْضًا إلى غايَةِ ظُهُورِهِ وشِدَّةِ سُطُوعِهِ بِحَيْثُ لا يَخْفى عَلى مَن لَهُ أدْنى مَسْكَةٍ، ومِن هُنا قِيلَ في المَعْنى: فَلَمّا جاءَهُمُ الحَقُّ مِن عِنْدِنا وعَرَفُوهُ قالُوا إلَخْ فالِاعْتِراضُ عَلَيْهِ بِأنَّهُ لا دَلالَةَ في الكَلامِ عَلى هَذِهِ المَعْرِفَةِ، وإنَّما تُعْلَمُ مِن مَوْضِعٍ آخَرَ كَقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وجَحَدُوا بِها واسْتَيْقَنَتْها أنْفُسُهُمْ﴾ مِن قِلَّةِ المَعْرِفَةِ لِظُهُورِ دَلالَةِ ما عَلِمْتَ وكَذا ما قالُوا بِناءً عَلى ما قِيلَ مِن دَلالَتِهِ عَلى الِاعْتِرافِ وتَناهِي العَجْزِ عَلَيْها وقُرِئَ (لَساحِرٌ) (p-164)وعَنَوْا بِهِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ لِأنَّهُ الَّذِي ظَهَرَ عَلى يَدِهِ ما أعْجَزَهُمْ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب