الباحث القرآني
﴿قُلْ هَلْ مِن شُرَكائِكم مِن يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ احْتِجاجٌ آخَرُ عَلى حَقِّيَّةِ التَّوْحِيدِ (p-113)وبُطْلانِ الإشْراكِ ولَمْ يَعْطِفْ إيذانًا بِاسْتِقْلالِهِ في إثْباتِ المَطْلُوبِ، والسُّؤالُ لِلتَّبْكِيتِ والإلْزامِ وجَعَلَ سُبْحانَهُ الإعادَةَ لِسُطُوعِ البَراهِينِ القائِمَةِ عَلَيْها بِمَنزِلَةِ البَدْءِ في إلْزامِهِمْ ولَمْ يُبالِ بِإنْكارِهِمْ لَها لِأنَّهم مُكابِرُونَ فِيهِ والمُكابِرُ لا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ فَلا يُقالُ: إنَّ مِثْلَ هَذا الِاحْتِجاجَ إنَّما يَتَأتّى عَلى مَنِ اعْتَرَفَ بِأنَّ مِن خَواصِّ الإلَهِيَّةَ بَدْءَ الخَلْقِ ثُمَّ إعادَتَهُ لِيَلْزَمَ مِن نَفْيِهِ عَنِ الشُّرَكاءِ نَفْيُ الإلَهِيَّةِ وهم غَيْرُ مُقِرِّينَ بِذَلِكَ فَفي الآيَةِ الإشارَةُ إلى أنَّ الإعادَةَ أمْرٌ مَكْشُوفٌ ظاهِرٌ بَلَغَ في الظُّهُورِ والجَلاءِ بِحَيْثُ يَصِحُّ أنْ يَثْبُتَ فِيهِ دَعْوى أُخْرى وجَعَلَ ذَلِكَ الطِّيبِيُّ مِن صَنْعَةِ الإدْماجِ كَقَوْلِ ابْنِ نُباتَةَ:
؎فَلا بُدَّ لِي مِن جَهَلَةٍ في وِصالِهِ فَمَن لِي بِخِلٍّ أُودِعُ الحِلْمَ عِنْدَهُ
فَقَدْ ضَمَّنَ الغَزَلَ الفَخْرَ بِكَوْنِهِ حَلِيمًا والفَخْرُ شِكايَةُ الإخْوانِ ﴿قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ قِيلَ هو أمْرٌ لَهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِأنْ يُبَيِّنَ لَهم مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ أيْ قُلْ لَهُمُ اللَّهُ سُبْحانَهُ هو يَفْعَلُهُما لا غَيْرُهُ كائِنًا ما كانَ لا بِأنْ يَنُوبَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَنْهم في الجَوابِ كَما قالَهُ غَيْرُ واحِدٍ لِأنَّ القَوْلَ المَأْمُورَ بِهِ غَيْرُ ما أُرِيدَ مِنهم مِنَ الجَوابِ وإنْ كانَ مُسْتَلْزِمًا لَهُ إذْ لَيْسَ المَسْؤُولُ عَنْهُ مَن يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ كَما في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿قُلْ مَن رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ قُلْ اللَّهُ﴾ حَتّى يَكُونَ القَوْلُ المَأْمُورُ بِهِ عَيْنَ الجَوابِ الَّذِي أُرِيدَ مِنهم ويَكُونُ ﷺ نائِبًا عَنْهم في ذَلِكَ بَلْ إنَّما هو وُجُودُ مَن يَفْعَلُ البَدْءَ والإعادَةَ مِن شُرَكائِهِمْ فالجَوابُ المَطْلُوبُ مِنهم لا غيرُ نَعَمْ أُمِرَ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِأنْ يُضَمِّنَهُ مَقالَتَهُ إيذانًا بِتَعَيُّنِهِ وتَحَتُّمِهِ وإشْعارًا بِأنَّهم لا يَجْتَرِئُونَ عَلى التَّصْرِيحِ بِهِ مَخافَةَ التَّبْكِيتِ وإلْقامِ الحَجَرِ لا مُكابَرَةً ولَجاجًا انْتَهى.
وقَدْ يُقالُ: المُرادُ مِن قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿هَلْ مِن شُرَكائِكُمْ﴾ إلَخْ هَلِ المُبْدِئُ المُعِيدُ اللَّهُ أمِ الشُّرَكاءُ؟ والمُرادُ مِن قَوْلِهِ سُبْحانَهُ جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿اللَّهُ﴾ إلَخْ اللَّهُ يَبْدَأُ ويُعِيدُ لا غَيْرُهُ مِنَ الشُّرَكاءِ وحِينَئِذٍ يَنْتَظِمُ السُّؤالُ والجَوابُ وانْفِهامُ الحَصْرِ بِدَلالَةِ الفَحْوى فَإنَّكَ إذا قُلْتَ: مَن يَهَبُ الأُلُوفَ زَيْدٌ أمْ عَمْرٌو؟ فَقِيلَ: زَيْدٌ يَهَبُ الأُلُوفَ أفادا الحَصْرَ بِلا شُبْهَةٍ
وبِما ذُكِرَ يُعْلَمُ ما في الكَلامِ السّابِقِ في الرَّدِّ عَلى ما قالَهُ الجَمْعُ وكَذا رَدُّ ما قالَهُ القُطْبُ مِن أنَّ هَذا لا يَصْلُحُ جَوابًا عَنْ ذَلِكَ السُّؤالِ لِأنَّ السُّؤالَ عَنِ الشُّرَكاءِ وهَذا الكَلامُ في اللَّهِ تَعالى بَلْ هو اسْتِدْلالٌ عَلى إلَهِيَّتِهِ تَعالى وأنَّهُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ العِبادَةَ بِأنَّهُ المُبْدِئُ المُعِيدُ بَعْدَ الِاسْتِدْلالِ عَلى نَفْيِ إلَهِيَّةِ الشُّرَكاءِ فَتَأمَّلْ، وفي إعادَةِ الجُمْلَةِ في الجَوابِ بِتَمامِها غَيْرَ مَحْذُوفَةٍ الخَبَرُ كَما في الجَوابِ السّابِقِ لِمَزِيدِ التَّأْكِيدِ والتَّحْقِيقِ ﴿فَأنّى تُؤْفَكُونَ 34﴾ الإفْكُ الصَّرْفُ والقَلْبُ عَنِ الشَّيْءِ يُقالُ: أفَكَهُ عَنِ الشَّيْءِ يَأْفِكُهُ إفْكًا إذا قَلَبَهُ عَنْهُ وصَرَفَهُ ومِنهُ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ: إنْ تَكُ عَنْ أحْسَنِ الصَّنِيعَةِ مَأْ فُوكًا فَفي آخَرِينَ قَدْ أفَكُوا وقَدْ يُخَصُّ كَما في القامُوسِ بِالقَلْبِ عَنِ الرَّأْيِ ولَعَلَّهُ الأنْسَبُ بِالمَقامِ أيْ كَيْفَ تُقْلَبُونَ مِنَ الحَقِّ إلى الباطِلِ والكَلامُ فِيهِ كَما تَقَدَّمَ في ﴿فَأنّى تُصْرَفُونَ﴾
{"ayah":"قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَاۤىِٕكُم مَّن یَبۡدَؤُا۟ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ یُعِیدُهُۥۚ قُلِ ٱللَّهُ یَبۡدَؤُا۟ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ یُعِیدُهُۥۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











