الباحث القرآني
﴿أكانَ لِلنّاسِ عَجَبًا﴾ الهَمْزَةُ لِإنْكارِ تَعَجُّبِهِمْ ولِتَعْجِيبِ السّامِعِينَ مِنهُ لِوُقُوعِهِ في غَيْرِ مَحَلِّهِ والمُرادُ بِالنّاسِ كُفّارُ العَرَبِ والتَّعْبِيرُ عَنْهم بِاسْمِ (p-60)الجِنْسِ مِن غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِكُفْرِهِمُ الَّذِي هو المَدارُ لِتَعَجُّبِهِمْ كَما تَعَرَّضَ لَهُ فِيما بَعْدُ لِتَحْقِيقِ ما فِيهِ مِنَ الشَّرِكَةِ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ وبَيْنَهم وتَعْيِينِ مَدارِ التَّعْجِيبِ في زَعْمِهِمْ ثُمَّ تَبْيِينِ خَطَئِهِمْ وإظْهارِ بُطْلانِ زَعْمِهِمْ بِإيرادِ الإنْكارِ واللّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِن ﴿عَجَبًا﴾ كَما هو القاعِدَةُ في نَعْتِ النَّكِرَةِ إذا تَقَدَّمَ عَلَيْها وقِيلَ: مُتَعَلِّقَةٌ بِعَجَبًا بِناءً عَلى التَّوَسُّعِ المَشْهُورِ في الظُّرُوفِ وبَعْضُهم جَعَلَها مُتَعَلِّقَةً بِهِ لا عَلى طَرِيقِ المَفْعُولِيَّةِ كَما في قَوْلِهِ
عَجِبْتُ لِسَعْيِ الدَّهْرِ بَيْنِي وبَيْنَها
بَلْ عَلى طَرِيقِ التَّبْيِينِ كَما في ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ وسُقْيا لَكَ ومِثْلَ ذَلِكَ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلى المَصْدَرِ وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هَذا قَوْلٌ بِالتَّعَلُّقِ بِمُقَدَّرٍ في التَّحْقِيقِ وقِيلَ: إنَّها مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ لِأنَّهُ بِمَعْنى المُعْجَبِ والمَصْدَرُ إذا كانَ بِمَعْنى مَفْعُولٍ أوْ فاعِلٍ يَجُوزُ تَقْدِيمُ مَعْمُولِهِ عَلَيْهِ وجُوِّزَ أيْضًا تَعَلُّقُهُ بِكانَ وإنْ كانَتْ ناقِصَةً بِناءً عَلى جَوازِهِ و﴿عَجَبًا﴾ خَبَرُ كانَ قُدِّمَ عَلى اسْمِها وهو قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿أنْ أوْحَيْنا﴾ لِكَوْنِهِ مَصَبَّ الإنْكارِ والتَّعْجِيبِ وتَشْوِيقًا إلى المُؤَخَّرِ ولِأنَّ في الِاسْمِ ضَرْبَ تَفْصِيلٍ فَفي تَقْدِيمِهِ رِعايَةٌ لِلْأصْلِ نَوْعُ إخْلالٍ بِتَجاوُبِ أطْرافِ النَّظْمِ الكَرِيمِ وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ (عَجَبٌ) بِالرَّفْعِ عَلى أنَّهُ اسْمُ كانَ وهو نَكِرَةٌ والخَبَرُ ﴿أنْ أوْحَيْنا﴾ وهو مَعْرِفَةٌ لِأنَّ أنَّ مَعَ الفِعْلِ في تَأْوِيلِ المَصْدَرِ المُضافِ إلى المَعْرِفَةِ فَهو كَقَوْلِ حَسّانَ:
؎كَأنَّ سَبِيئَةً مِن بَيْنِ رَأْسٍ يَكُونُ مِزاجَها عَسَلٌ وماءُ
وحَمَلَهُ بَعْضُهم عَلى القَلْبِ وفي قَبُولِهِ مُطْلَقًا أوْ إذا تَضَمَّنَ لَطِيفَةً خِلافٌ والمُعَوَّلُ عَلَيْهِ اشْتِراطُ التَّضَمُّنِ وهو غَيْرُ ظاهِرٍ هُنا، وحُكِيَ عَنِ ابْنِ جِنِّيٍّ أنَّهُ قالَ: إنَّما جازَ ذَلِكَ في البَيْتِ مِن حَيْثُ كانَ عَسَلٌ وماءٌ جِنْسَيْنِ فَكَأنَّهُ قالَ: يَكُونُ مِزاجُها العَسَلَ والماءَ ونَكِرَةُ الجِنْسِ تُفِيدُ مُفادَ مَعْرِفَتِهِ ألا تَرى أنَّكَ تَقُولُ: خَرَجْتُ فَإذا أسَدٌ بِالبابِ أيْ فَإذا الأسَدُ بِالبابِ لا فَرْقَ بَيْنَهُما لِأنَّكَ في المَوْضِعَيْنِ لا تُرِيدُ أسَدًا مُعَيَّنًا ولِهَذا لَمْ يَجُزْ هَذا في قَوْلِكَ: كانَ قائِمٌ أخاكَ وكانَ جالِسٌ أباكَ لِأنَّهُ لَيْسَ في جالِسٍ وقائِمٍ مَعْنى الجِنْسِيَّةِ الَّتِي تَتَلاقى مَعْنى نَكِرَتِها ومَعْرِفَتِها
ومَعْنى الآيَةِ عَلى هَذا كانَ الوَحْيَ لِلنّاسِ هَذا الجِنْسَ مِنَ الفِعْلِ وهو التَّعَجُّبُ ولا يَخْفى أنَّ المَصْدَرَ المُتَحَصِّلَ هو المَصْدَرُ المُضافُ إلى المَعْرِفَةِ كَما سَمِعْتَ فاعْتِبارُهُ مُحَلًّى بِألِ الجِنْسِيَّةِ خِلافُ الظّاهِرِ وأجازَ بَعْضُهُمُ الإخْبارَ عَنِ المَعْرِفَةِ بِالنَّكِرَةِ في بابِ النَّواسِخِ خاصَّةً سَواءٌ كانَ هُناكَ نَفْيٌ أوْ ما في حُكْمِهِ أمْ لا. وابْنُ جِنِّيٍّ يُجَوِّزُ ذَلِكَ إذا كانَ نَفْيٌ أوْ ما في حُكْمِهِ ولا يُجَوِّزُ إذا لَمْ يَكُنْ وفي الآيَةِ قَدْ تَقَدَّمَ الِاسْتِفْهامُ الإنْكارِيُّ عَلى النّاسِخِ وهو في حُكْمِ النَّفْيِ واخْتارَ غَيْرُ واحِدٍ كَوْنَ كانَ تامَّةً و(عَجَبٌ) فاعِلٌ لَها و﴿أنْ أوْحَيْنا﴾ بِتَقْدِيرِ حَرْفِ جَرٍّ مُتَعَلِّقٍ بِعَجَبٍ أيْ لِأنْ أوْحَيْنا أوْ مِن أنْ أوْحَيْنا أوْ هو بَدَلٌ مِنهُ كُلٌّ مِن كُلٍّ أوْ بَدَلُ اشْتِمالِ والإنْكارُ مُتَوَجِّهٌ إلى كَوْنِهِ عَجَبًا لا إلى حُدُوثِهِ وكَوْنُ الإبْدالِ في حُكْمِ تَنْحِيَةِ المُبْدَلِ مِنهُ لَيْسَ مَعْناهُ إهْدارَهُ بِالمَرَّةِ كَما تَقَرَّرَ في مَوْضِعِهِ واقْتَصَرَ في اللَّوامِحِ عَلى أنَّ ﴿لِلنّاسِ﴾ خَبَرُ كانَ وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ رَكِيكٌ مَعْنًى لِأنَّهُ يُفِيدُ إنْكارَ صُدُورِهِ مِنَ النّاسِ لا مُطْلَقًا وفِيهِ رَكاكَةٌ ظاهِرَةٌ فافْهَمْ وإنَّما قِيلَ: لِلنّاسِ لا عِنْدَ النّاسِ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّهُمُ اتَّخَذُوهُ أُعْجُوبَةً لَهم وفِيهِ مِن زِيادَةِ تَقْبِيحِ حالِهِمْ ما لا يَخْفى ﴿إلى رَجُلٍ مِنهُمْ﴾ أيْ إلى بَشَرٍ مِن جِنْسِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعالى حِكايَةً: ﴿أبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولا﴾ وقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿لَوْ شاءَ رَبُّنا لأنْزَلَ مَلائِكَةً﴾ أوْ إلى رَجُلٍ مِن أفْناءِ رِجالِهِمْ مِن حَيْثُ المالُ لا مِن حَيْثُ النَّسَبُ لِأنَّهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ كانَ مِن مَشاهِيرِهِمْ فِيهِ وكانَ مِنهُ بِمَكانٍ لا يُدْفَعُ فَهو كَقَوْلِهِمْ: مَبْحَثٌ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أكانَ لِلنّاسِ عَجَبًا أنْ أوْحَيْنا إلى رَجُلٍ مِنهُمْ﴾ إلَخْ (p-61)﴿لَوْلا نُزِّلَ هَذا القُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ وفي بَعْضِ الآثارِ أنَّهم كانُوا يَقُولُونَ: العَجَبُ أنَّ اللَّهَ تَعالى لَمْ يَجِدْ رَسُولًا يُرْسِلُهُ إلى النّاسِ إلّا يَتِيمَ أبِي طالِبٍ والعَجَبُ مِن فَرْطِ جَهْلِهِمْ أمّا في قَوْلِهِمُ الأوَّلِ فَحَيْثُ لَمْ يَعْلَمُوا أنَّ بَعْثَ المَلَكِ إنَّما يَكُونُ عِنْدَ كَوْنِ المَبْعُوثِ إلَيْهِمْ مَلائِكَةً كَما قالَ تَعالى: ﴿قُلْ لَوْ كانَ في الأرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكًا رَسُولا﴾ وأمّا عامَّةُ البَشَرِ فَبِمَعْزِلٍ عَنِ اسْتِحْقاقِ مُفاوَضَةِ المَلائِكَةِ لِأنَّها مَنُوطَةٌ بِالتَّناسُبِ فَبَعْثُ المَلَكِ إلَيْهِمْ مُزاحِمٌ لِلْحِكْمَةِ الَّتِي عَلَيْها يَدُورُ فَلَكُ التَّكْوِينِ والتَّشْرِيعِ وإنَّما الَّذِي تَقْتَضِيهِ الحِكْمَةُ بَعْثُ المَلَكِ مِن بَيْنِهِمْ إلى الخَواصِّ المُخْتَصِّينَ بِالنُّفُوسِ الزَّكِيَّةِ المُؤَيَّدِينَ بِالقُوَّةِ القُدْسِيَّةِ المُتَعَلِّقِينَ بِكِلا العالَمَيْنِ الرُّوحانِيِّ والجُسْمانِيِّ لِيَتَأتّى لَهُمُ الِاسْتِفاضَةُ والإفاضَةُ وهَذا تابِعٌ لِلِاسْتِعْدادِ الأزَلِيِّ كَما لا يَخْفى وأمّا في قَوْلِهِمُ الثّانِي فَلِأنَّ مَناطَ الِاصْطِفاءِ لِلْإيحاءِ إلى شَخْصٍ هو التَّقَدُّمُ في الِاتِّصافِ بِما عَلِمْتَ والسَّبْقُ في إحْرازِ الفَضائِلِ وحِيازَةِ المَلَكاتِ السَّنِيَّةِ جِبِلَّةً واكْتِسابًا ولا رَيْبَ لِأحَدٍ في أنَّ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ القَدَحَ المُعَلّى مِن ذَلِكَ بَلْ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فِيهِ غايَةُ الغاياتِ القاصِيَةِ ونِهايَةُ النِّهاياتِ النّائِيَةِ يَقُولُ رائِيهِ
؎وأحْسَنُ مِنكَ لَمْ تَرَ قَطُّ عَيْنِي ∗∗∗ ومِثْلُكَ قَطُّ لَمْ تَلِدِ النِّساءُ
؎خُلِقْتَ مُبَرَّأً مِن كُلِّ عَيْبٍ ∗∗∗ كَأنَّكَ قَدْ خُلِقْتَ كَما تَشاءُ
وكَذا يَقُولُ: ولَوْ صُوِّرَتْ نَفْسُكَ لَمْ تَزِدْها عَلى ما فِيكَ مِن كَرَمِ الطِّباعِ وأمّا التَّقَدُّمُ في الرِّياسَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ والسَّبْقُ في نَيْلِ الحُظُوظِ الدَّنِيَّةِ فَلا دَخْلَ لَهُ في ذَلِكَ قَطْعًا بَلْ لَهُ إخْلالٌ بِهِ غالِبًا وما أحْسَنَ قَوْلَ الشّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ مِن أبْياتٍ:
؎لَكِنَّ مِن رُزِقَ الحِجا حُرِمَ الغِنى ∗∗∗ ضِدّانِ مُفْتَرِقانِ أيَّ تَفَرُّقِ
وما ذَكَرُوهُ مِنَ اليُتْمِ إنْ رُجِعَ إلى ما في الآيَةِ عَلى التَّوْجِيهِ الثّانِي فَبُطْلانُهُ بُطْلانُهُ وإنْ أرادُوا أنَّ أصْلَ اليُتْمِ مانِعٌ مِنَ الإيحاءِ إلَيْهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَهو أظْهَرُ بُطْلانًا وأوْضَحُ هَذَيانًا وما ألْطَفَ ما قِيلَ إنَّ أنْفَسَ الدُّرِّ يَتِيمُهُ وقِيلَ لِلْحَسَنِ: لِمَ جَعَلَ اللَّهُ تَعالى النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَتِيمًا؟ فَقالَ: لِئَلّا يَكُونُ لِمَخْلُوقٍ عَلَيْهِ مِنَّةٌ فَإنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ هو الَّذِي آواهُ وأدَّبَهُ ورَبّاهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ ﴿هَذا﴾ والوَجْهُ الثّانِي مِنَ الوَجْهَيْنِ السّابِقَيْنِ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿إلى رَجُلٍ مِنهُمْ﴾ عَلى الوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْناهُ هو الَّذِي أرادَهُ صاحِبُ الكَشّافِ ولَمْ يَرْتَضِهِ الجَلالُ السُّيُوطِيُّ وزَعَمَ أنَّ التَّحامِيَ عَنْهُ أوْلى ثُمَّ قالَ: والَّذِي عِنْدِي في تَفْسِيرٍ ذَلِكَ أنَّ المُرادَ إلى مَشْهُورٍ بَيْنَهم يَعْرِفُونَ نَسَبَهُ وجَلالَتَهُ وأمانَتَهُ وعِفَّتَهُ كَما قالَ سُبْحانَهُ في آخِرِ السُّورَةِ الَّتِي قَبْلُ: ﴿لَقَدْ جاءَكم رَسُولٌ مِن أنْفُسِكُمْ﴾ فَإنَّ هَذا هو مَحَلُّ إنْكارِ العَجَبِ ويَكُونُ هَذا وجْهَ مُناسَبَةِ وضْعِ هَذِهِ السُّورَةِ بَعْدَ تِلْكَ واعْتِلاقِ أوَّلِ هَذِهِ بِآخِرِ تِلْكَ ونَظِيرِهِ ﴿ولَقَدْ جاءَهم رَسُولٌ مِنهم فَكَذَّبُوهُ﴾ ﴿رَبَّنا وابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنهُمْ﴾ إلى آخِرِ ما قالَ وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ غَيْرُ ظاهِرٍ لِأنَّهُ وإنْ كانَ أعْظَمَ مِمّا ذُكِرَ لَكِنَّ السِّياقَ يَقْتَضِي بَيانَ كُفْرِهِمْ وتَذْلِيلِهِمْ وتَحْقِيرِ مَن أعَزَّهُ اللَّهُ تَعالى وعَظَّمَهُ والَّذِي يَقْتَضِيهِ سَبَبُ النُّزُولِ تَعَيُّنُ الوَجْهِ الأوَّلِ هُنا فَقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما قالَ: لَمّا بَعَثَ اللَّهُ تَعالى مُحَمَّدًا صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَسُولًا أنْكَرَتِ العَرَبُ ذَلِكَ أوْ مَن أنْكَرَ مِنهم فَقالُوا: اللَّهُ تَعالى أعْظَمُ مِن أنْ يَكُونَ رَسُولُهُ بَشَرًا مِثْلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فَأنْزَلَ سُبْحانَهُ: ﴿أكانَ لِلنّاسِ عَجَبًا أنْ أوْحَيْنا إلى رَجُلٍ مِنهُمْ﴾ الآيَةَ وقَوْلَهُ تَعالى: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ إلا رِجالا﴾ الآيَةَ.
(p-62)فَلَمّا كَرَّرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ عَلَيْهِمُ الحُجَجَ قالُوا: وإذا كانَ بَشَرًا فَغَيْرُ مُحَمَّدٍ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ كانَ أحَقَّ بِالرِّسالَةِ فَلَوْلا نَزَلَ هَذا القُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى رَدًّا عَلَيْهِمْ ﴿أهم يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ﴾ الآيَةَ ومِنهُ يُعْلَمُ أنَّ ما حُكِيَ في الوَجْهِ الثّانِي سَبَبٌ لِنُزُولِ آيَةٍ أُخْرى ﴿أنْ أنْذِرِ النّاسَ﴾ أيْ أخْبِرْهم بِما فِيهِ تَخْوِيفٌ لَهم مِمّا يَتَرَتَّبُ عَلى فِعْلِ ما لا يَنْبَغِي والمُرادُ بِهِ جَمِيعُ النّاسِ الَّذِينَ يُمْكِنُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ تَبْلِيغُهم ذَلِكَ لا ما أُرِيدَ بِالنّاسِ أوَّلًا وهو النُّكْتَةُ في إيثارِ الإظْهارِ عَلى الإضْمارِ وكَوْنُ الثّانِي عَيْنَ الأوَّلِ عِنْدَ إعادَةِ المَعْرِفَةِ لَيْسَ عَلى الإطْلاقِ و(أنْ) هي المُفَسِّرَةُ لِمَفْعُولِ الإيحاءِ المُقَدَّرِ وقَدْ تَقَدَّمَ عَلَيْها ما فِيهِ مَعْنى القَوْلِ دُونَ حُرُوفِهِ وهو الإيحاءُ أوْ هي المُخَفَّفَةُ مِنَ المُثْقَلَةِ عَلى أنَّ اسْمَها ضَمِيرُ الشَّأْنِ والجُمْلَةُ الأمْرِيَّةُ خَبَرُها وفي وُقُوعِها خَبَرُ ضَمِيرِ الشَّأْنِ دُونَ تَأْوِيلِ وتَقْدِيرِ قَوْلٍ اخْتِلافٌ فَذَهَبَ صاحِبُ الكَشْفِ إلى أنَّهُ لا يُحْتاجُ إلى ذَلِكَ لِأنَّ المَقْصُودَ مِنها التَّفْسِيرُ وخالَفَهُ غَيْرُ واحِدٍ في ذَلِكَ وذَهَبُوا إلى أنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَ خَبَرِهِ وخَبَرِ غَيْرِهِ
وقالَ بَعْضُهُمْ: هي المَصْدَرِيَّةُ الخَفِيفَةُ في الوَضْعِ بِناءً عَلى أنَّها تُوصِلُ بِالأمْرِ والنَّهْيِ والكَثِيرُ عَلى المَنعِ وذَكَرَ أبُو حَيّانَ هَذا الِاحْتِمالَ هُنا مَعَ أنَّهُ نُقِلَ عَنْهُ في المُغْنِي أنَّ مَذْهَبَهُ المَنعُ لِما أنَّهُ يَفُوتُ مَعْنى الأمْرِ إذا سُبِكَ بِالمَصْدَرِ
واعْتُرِضَ بِأنَّهُ يُفَوِّتُ مَعْنى المُضِيِّ والحالِيَّةِ والِاسْتِقْبالِ المَقْصُودُ أيْضًا مَعَ الِاتِّفاقِ عَلى جَوازِ وصْلِها بِما يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ وأُجِيبُ بِأنَّهُ قَدْ يُقالُ: بِأنَّ بَيْنَهُما فَرْقًا فَإنَّ المَصْدَرَ يَدُلُّ عَلى الزَّمانِ التِزامًا فَقَدْ تُنْصَبُ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ فَلا يَفُوتُ مَعْناهُ بِالكُلِّيَّةِ بِخِلافِ الأمْرِ والنَّهْيِ فَإنَّهُ لا دَلالَةَ لِلْمَصْدَرِ وعَلَيْهِما أصْلًا. وقالَ بَعْضُ المُدَقِّقِينَ: إنَّ المَصْدَرَ كَما يَجُوزُ أخْذُهُ مِن جَوْهَرِ الكَلِمَةِ يَجُوزُ أخْذُهُ مِنَ الهَيْئَةِ وما يُتْبِعُها فَيُقَدَّرُ في هَذا ونَحْوِهِ أوْحَيْنا إلَيْهِ الأمْرَ بِالإنْذارِ كَما قُدِّرَ في - أنْ لا تَزْنِي خَيْرٌ - عَدَمُ الزِّنا خَيْرٌ ولا يَخْفى أنَّ هَذا البَحْثَ يَجْرِي في أنِ المُخَفَّفَةِ مِنَ الثَّقِيلَةِ لِأنَّها مَصْدَرِيَّةٌ أيْضًا وإنَّ أقَلَّ الِاحْتِمالاتِ مُؤْنَةً احْتِمالُ التَّفْسِيرِ ﴿وبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بِما أوْحَيْناهُ إلَيْكَ وصَدَّقُوهُ ﴿أنَّ لَهُمْ﴾ أيْ بِأنَّ لَهم قَدَمَ صِدْقٍ أيْ سابِقَةٍ ومَنزِلَةٍ رَفِيعَةٍ ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ وأصْلُ القَدَمِ العُضْوُ المَخْصُوصُ وأُطْلِقَتْ عَلى السَّبَقِ مَجازًا مُرْسَلًا لِكَوْنِها سَبَبَهُ وآلَتَهُ وأُرِيدَ مِنَ السَّبْقِ الفَضْلُ والشَّرَفُ والتَّقَدُّمُ المَعْنَوِيُّ إلى المَنازِلِ الرَّفِيعَةِ مَجازًا أيْضًا فالمَجازُ هُنا بِمَرْتَبَتَيْنِ وقِيلَ: المُرادُ تَقَدُّمُهم عَلى غَيْرِهِمْ في دُخُولِ الجَنَّةِ لِقَوْلِهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «نَحْنُ الآخِرُونَ السّابِقُونَ يَوْمَ القِيامَةِ» وقَوْلِهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «إنَّ الجَنَّةَ مُحَرَّمَةٌ عَلى الأنْبِياءِ حَتّى أدْخُلَها أنا وعَلى الأُمَمِ حَتّى تَدْخُلَها أُمَّتِي» . وقِيلَ: تَقَدُّمُهم في البَعْثِ وأصْلُ الصِّدْقِ ما يَكُونُ في الأقْوالِ ويُسْتَعْمَلُ كَما قالَ الرّاغِبُ في الأفْعالِ فَيُقالُ: صَدَقَ في القِتالِ إذا وفاهُ حَقَّهُ وكَذا في ضِدِّهِ يُقالُ: كَذَبَ فِيهِ فَيُعَبَّرُ بِهِ عَنْ كُلِّ فِعْلٍ فاضِلٍ ظاهِرًا وباطِنًا ويُضافُ إلَيْهِ كَمَقْعَدِ صِدِقٍ ومَدْخَلِ صِدْقٍ ومُخْرَجِ صِدْقٍ إلى غَيْرِ ذَلِكَ وصَرَّحُوا هُنا بِأنَّ الإضافَةَ مِن إضافَةِ المَوْصُوفِ إلى صِفَتِهِ والأصْلُ قَدَمُ صِدْقِ أيِّ مُحَقَّقَةٌ مُقَرَّرَةٌ وفِيهِ مُبالَغَةٌ لِجَعْلِها عَيْنَ الصِّدْقِ ثُمَّ جَعْلِ الصِّدْقِ كَأنَّهُ صاحِبُها ويَحْتَمِلُ أنْ تَكُونَ الإضافَةُ مِن إضافَةِ المُسَبِّبِ إلى السَّبَبِ وفي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ ما نالُوهُ مِنَ المَنازِلِ الرَّفِيعَةِ كانَ بِسَبَبِ صِدْقِ القَوْلِ والنِّيَّةِ
وقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ هَذا التَّنْبِيهَ قَدْ يَحْصُلُ عَلى الِاعْتِبارِ الأوَّلِ لِأنَّ الصِّدْقَ قَدْ تُجُوِّزَ بِهِ عَنْ تَوْفِيَةِ الأُمُورِ الفاضِلَةِ حَقَّها لِلُزُومِ الصِّدْقِ لَها حَتّى كَأنَّها تُوجَدُ بِدُونِهِ ويَكْفِي مِثْلُهُ في ذَلِكَ التَّنْبِيهِ وهَذا كَما قالُوا: إنَّ أبا لَهَبٍ (p-63)يُشِيرُ إلى أنَّهُ جَهَنَّمِيٌّ وفِيهِ خَفاءٌ كَما لا يَخْفى ويَجُوزُ إلى يُرادُ بِالقَدَمِ المَقامَ بِإطْلاقِ الحالِ وإرادَةِ المَحَلِّ وعَنِ الأزْهَرِيِّ أنَّ القَدَمَ الشَّيْءُ الَّذِي تُقَدِّمُهُ قُدّامَكَ لِيَكُونَ عُدَّةً لَكَ حِينَ تُقْدِمُ عَلَيْهِ ويُشْعِرُ بِأنَّهُ اسْمُ مَفْعُولٍ وبِهِ صَرَّحَ بَعْضُهم وقالَ إنَّهُ كالنَّقْضِ وقِيلَ: إنَّهُ اسْمٌ لِلْحُسْنى مِنَ العَبْدِ كَما أنَّ اليَدَ اسْمٌ لِلْحُسْنى مِنَ السَّيِّدِ وفَعَلُوا ذَلِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ العَبْدِ والسَّيِّدِ وهو مِنَ الغَرابَةِ بِمَكانٍ ولا يَكادُ يَصِحُّ في قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
؎لَكم قَدَمٌ لا يُنْكِرُ النّاسُ أنَّها ∗∗∗ مَعَ الحَسَبِ العادِيِّ طَمَتْ عَلى البَحْرِ
وقَوْلِهِ:
؎وأنْتَ امْرُؤٌ مِن أهْلِ بَيْتِ ذُؤابَةٍ ∗∗∗ لَهم قَدَمٌ مَعْرُوفَةٌ في المَفاخِرِ
والسَّبْقِ هو الأسْبَقُ إلى الذِّهْنِ في ذَلِكَ وكَذا في قَوْلِ حَسّانَ:
؎لَنا القَدَمُ العُلْيا إلَيْكَ وخَلْفَنا ∗∗∗ لِأوَّلِنا في طاعَةِ اللَّهِ تابِعُ
(وقَوْلِ الآخَرِ)
؎صَلِّ لِذِي العَرْشِ واتَّخِذْ قَدَمًا ∗∗∗ تُنْجِيكَ يَوْمَ العِثارِ والزَّلَلِ
مُحْتَمِلٌ لِسائِرِ المَعانِي وهَلْ يُطْلَقُ عَلى سابِقَةِ السُّوءُ أوْ لا الظّاهِرُ الأوَّلُ وقَدْ نَصَّ عَلى ذَلِكَ أبُو عُبَيْدَةَ والكِسائِيُّ
وقالَ صاحِبُ الِانْتِصافِ لَمْ يُسَمُّوا سابِقَةَ السُّوءِ قَدَمًا إمّا لِكَوْنِ المَجازِ يَطَّرِدُ وإمّا لِأنَّهُ غَلَبَ في العُرْفِ عَلى سابِقَةِ الخَيْرِ وفِيهِ نَظَرٌ وتَفْسِيرُ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما لَهُ بِالأجْرِ وابْنِ مَسْعُودٍ بِالعَمَلِ لا يَخْرُجُ عَمّا ذَكَرْنا مِن مَعانِيهِ وكَذا تَفْسِيرُ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ وأبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ والحَسَنِ وزَيْدِ بْنِ أسْلَمَ لَهُ بِرَأْسِ المَوْجُوداتِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَرْجِعُ إلى تَفْسِيرِهِ بِالخَيْرِ والسَّعادَةِ كَما قالَهُ جَمْعٌ وكَوْنُهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَيْرًا وسَعادَةً لِلْمُؤْمِنِينَ مِمّا لا يَمْتَرِي فِيهِ مُؤْمِنٌ أوْ يُقالُ: إنَّ المُرادَ شَفاعَتُهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ والأمْرُ في ذَلِكَ حِينَئِذٍ في غايَةِ الظُّهُورِ وخُصَّ التَّبْشِيرُ بِالمُؤْمِنِينَ لِأنَّهُ لا يَتَعَلَّقُ بِالكَفّارِ وتَبْشِيرُهم إنْ آمَنُوا راجِعٌ إلى تَبْشِيرِ المُؤْمِنِينَ وهَذا بِخِلافِ الإنْذارِ فَإنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالمُؤْمِنِ والكافِرِ ولِذَلِكَ ذَكَرَهُ سُبْحانَهُ ولَمْ يَذْكُرْ جَلَّ وعَلا المُنْذَرَ بِهِ لِلتَّعْمِيمِ والتَّهْوِيلِ وذَكَرَ المُبَشَّرَ بِهِ عَلى الوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ لِتَقْوى رَغْبَةُ المُؤْمِنِينَ فِيما يُؤَدِّيهِمْ إلَيْهِ وقَدَّمَ الإنْذارَ عَلى التَّبْشِيرِ لِأنَّ التَّخْلِيَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلى التَّحْلِيَةِ وإزالَةِ ما لا يَنْبَغِي مُقَدَّمَةٌ في الرُّتْبَةِ عَلى فِعْلِ ما يَنْبَغِي
﴿قالَ الكافِرُونَ﴾ هُمُ المُتَعَجِّبُونَ وإيرادُهم بِهَذا العُنْوانِ عَلى بابِهِ وتَرْكُ العاطِفِ لِجَرَيانِهِ مَجْرى البَيانِ لِلْجُمْلَةِ الَّتِي دَخَلَ عَلَيْها هَمْزَةُ الإنْكارِ أوْ لِكَوْنِهِ اسْتِئْنافًا مَبْنِيًّا عَلى السُّؤالِ كَأنَّهُ قِيلَ: ماذا صَنَعُوا بَعْدَ التَّعَجُّبِ هَلْ بَقُوا عَلى التَّرَدُّدِ والِاسْتِبْعادِ أوْ قَطَعُوا فِيهِ بِشَيْءٍ؟ فَقِيلَ: قالَ الكافِرُونَ عَلى طَرِيقَةِ التَّأْكِيدِ ﴿إنَّ هَذا﴾ أيْ ما أُوحِيَ إلَيْهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الكِتابِ المُنْطَوِي عَلى الإنْذارِ والتَّبْشِيرِ وزَعَمَ الخازِنُ أنَّ في الكَلامِ حَذْفًا أيْ أكانَ لِلنّاسِ عَجَبًا أنْ أوْحَيْنا إلى رَجُلٍ مِنهم أنْ أنْذِرْ وبَشِّرْ فَلَمّا جاءَهم بِالوَحْيِ وأنْذَرَهم قالَ الكافِرُونَ إنَّ هَذا ﴿لَساحِرٌ مُبِينٌ 2﴾ أيْ ظاهِرٌ وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ والكُوفِيُّونَ (لَساحِرٌ) عَلى أنَّ الإشارَةَ إلى رَجُلٍ وعَنَوْا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ وفي قِراءَةِ أُبَيٍّ: (ما هَذا إلّا سِحْرٌ مُبِينٌ) وأرادُوا بِالسِّحْرِ الحاصِلَ بِالمَصْدَرِ وفي هَذا اعْتِرافٌ بِأنَّ ما عايَنُوهُ خارِجٌ عَنْ طَوْقِ البَشَرِ نازِلٌ مِن حَضْرَةِ خَلّاقِ القُوى والقَدَرِ ولَكِنَّهم (p-64)يُسَمُّونَهُ بِما قالُوا تَمادِيًا في العِنادِ كَما هو شَنْشَنَةُ المُكابِرِ اللَّجُوحِ ونَشْنَشَةُ المُفْحَمِ المَحْجُوجِ
{"ayah":"أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنۡ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَىٰ رَجُلࣲ مِّنۡهُمۡ أَنۡ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ وَبَشِّرِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَنَّ لَهُمۡ قَدَمَ صِدۡقٍ عِندَ رَبِّهِمۡۗ قَالَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرࣱ مُّبِینٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق