الباحث القرآني

﴿ولا تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ اسْتِقْلالًا ولا اشْتِراكًا ما لا يَنْفَعُكَ بِنَفْسِهِ إذا دَعَوْتَهُ بِدَفْعِ مَكْرُوهٍ أوْ جَلْبِ مَحْبُوبٍ ولا يَضُرُّكَ إذا تَرَكْتَهُ بِسَلْبِ المَحْبُوبِ دَفْعًا أوْ رَفْعًا أوْ بِإيقاعِ المَكْرُوهِ والجُمْلَةُ قِيلَ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ النَّهْيِ قَبْلَها واخْتارَ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ عَطْفَها عَلى قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿قُلْ يا أيُّها النّاسُ﴾ فَهي غَيْرُ داخِلَةٍ (p-199)تَحْتَ الأمْرِ لِأنَّ ما بَعْدَها مِنَ الجُمَلِ إلى آخِرِ الآيَتَيْنِ مُتَّسِقَةٌ لا يُمْكِنُ فَصْلُ بَعْضِها عَنْ بَعْضٍ ولا وجْهَ لِإدْراجِ الكُلِّ تَحْتَ الأمْرِ وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّهُ لَوْ قُدِّرَ فِعْلُ الإيحاءِ في ﴿وأنْ أقِمْ﴾ كَما فَعَلَ أبُو حَيّانَ وصاحِبُ الفَرائِدِ لا مانِعَ مِنَ العَطْفِ كَما هو الظّاهِرُ عَلى جُمْلَةِ النَّهْيِ المَعْطُوفَةِ عَلى الجُمْلَةِ الأُولى وإدْراجِ جَمِيعِ المُتَّسِقاتِ تَحْتَ الإيحاءِ وقَدْ يُرَجَّحُ ذَلِكَ التَّقْدِيرُ بِأنَّهُ لا يُحْتاجُ مَعَهُ إلى ارْتِكابِ خِلافِ الظّاهِرِ مِنَ العَطْفِ عَلى البَعِيدِ وقِيلَ: لا حاجَةَ إلى تَقْدِيرِ الإيحاءِ والعَطْفِ كَما قِيلَ والأمْرُ السّابِقُ بِمَعْنى الوَحْيِ كَأنَّهُ قِيلَ: وأُوحِيَ إلى أنْ أكُونَ إلَخْ والِانْدِراجُ حِينَئِذٍ مِمّا لا بَأْسَ بِهِ وهو كَما تَرى ولا أظُنُّكَ تَقْبَلُهُ ﴿فَإنْ فَعَلْتَ فَإنَّكَ إذًا مِنَ الظّالِمِينَ 106﴾ أيْ مَعْدُودًا في عِدادِهِمْ والفِعْلُ كِنايَةٌ عَنِ الدُّعاءِ كَأنَّهُ قِيلَ: فَإنْ دَعَوْتَ ما لا يَنْفَعُ ولا يَضُرُّ، وكَنّى عَنْ ذَلِكَ عَلى ما قِيلَ تَنْوِيهًا لِشَأْنِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وتَنْبِيهًا عَلى رِفْعَةِ مَكانِهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِن أنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ عِبادَةُ غَيْرِ اللَّهِ تَعالى ولَوْ في ضِمْنِ الجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ والكَلامُ في فائِدَةِ نَحْوِ النَّهْيِ المَذْكُورِ قَدْ مَرَّ آنِفًا وجَوابُ الشَّرْطِ عَلى ما في النَّهْيِ جُمْلَةُ ﴿فَإنَّكَ﴾ وخَبَرُها أعْنِي ﴿مِنَ الظّالِمِينَ﴾ وتَوَسَّطَتْ ﴿إذًا﴾ بَيْنَ الِاسْمِ والخَبَرِ مَعَ أنَّ رُتْبَتَها بَعْدَ الخَبَرِ رِعايَةٌ لِلْفاصِلَةِ وفي الكَشّافِ أنَّ ﴿إذًا﴾ جَزاءٌ لِلشَّرْطِ وجَوابٌ لِسُؤالٍ مُقَدَّرٍ كَأنَّ سائِلًا سَألَ عَنْ تَبِعَةِ عِبادَةِ الأوْثانِ فَجُعِلَ مِنَ الظّالِمِينَ لِأنَّهُ لا ظُلْمَ أعْظَمُ مِنَ الشِّرْكِ ﴿إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ وهَذِهِ عِبارَةُ النَّحْوِيِّينَ وفُسِّرَتْ كَما قالَ الشِّهابُ: بِأنَّ المُرادَ أنَّها تَدُلُّ عَلى أنَّ ما بَعْدَها مُسَبَّبٌ عَنْ شَرْطٍ مُحَقِّقٍ أوْ مُقَدَّرٍ وجَوابٌ عَنْ كَلامٍ مُحَقَّقٍ أوْ مُقَدَّرٍ وقَدْ ذَكَرَ الجَلالُ السُّيُوطِيُّ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ في جَمْعِ الجَوامِعِ بَعْدَ أنْ بَيْنَ أنَّ إذا الظَّرْفِيَّةَ قَدْ يُحْذَفُ جُزْءُ الجُمْلَةِ الَّتِي أُضِيفَتْ هي إلَيْها أوْ كُلُّها فَيُعَوَّضُ عَنْهُ التَّنْوِينُ وتُكْسَرُ لِلسّاكِنَيْنِ لا لِلْإعْرابِ خِلافًا لِلْأخْفَشِ وقَدْ تُفْتَحُ أنَّ شَيْخَهُ الكافِيجِيَّ ألْحَقَ بِها (إذَنْ)ثُمَّ قالَ في شَرْحِهِ هَمْعَ الهَوامِعِ: وقَدْ أشَرْتُ بِقَوْلِي: وألْحَقَ شَيْخُنا بِها في ذَلِكَ (إذَنْ) إلى مَسْألَةٍ غَرِيبَةٍ قَلَّ مَن تَعَرَّضَ لَها وذَلِكَ أنِّي سَمِعْتُ شَيْخَنا عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ يَقُولُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَئِنْ أطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكم إنَّكم إذًا لَخاسِرُونَ﴾ لَيْسَتْ(إذَنْ) هَذِهِ الكَلِمَةَ المَعْهُودَةَ وإنَّما هي إذا الشَّرْطِيَّةُ حُذِفَتْ جُمْلَتُها الَّتِي يُضافُ إلَيْها وعُوِّضَ عَنْها التَّنْوِينُ كَما في يَوْمَئِذٍ وكُنْتُ أسْتَحْسِنُ هَذا جِدًّا وأظُنُّ أنَّ الشَّيْخَ لا سَلَفَ لَهُ في ذَلِكَ حَتّى رَأيْتُ بَعْضَ المُتَأخِّرِينَ جَنَحَ إلى ما جَنَحَ إلَيْهِ الشَّيْخُ وقَدْ أوْسَعْتُ الكَلامَ في ذَلِكَ في حاشِيَةِ المُغْنِي انْتَهى وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّ الآيَةَ الَّتِي ذَكَرَها كالآيَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيها وما ذَكَرَهُ مِمّا يَمِيلُ إلَيْهِ القَلْبُ ولا أرى فِيهِ بَأْسًا ولَعَلَّهُ أوْلى مِمّا قالَهُ صاحِبُ الكَشّافِ ومُتَّبِعُوهُ فَلْيُحْمَلْ ما في الآيَةِ عَلَيْهِ وكانَ كَثِيرًا ما يَخْطِرُ لِي ذَلِكَ إلّا أنِّي لَمْ أكُدْ أُقْدِمُ عَلى إثْباتِهِ حَتّى رَأيْتُهُ لِغَيْرِي مِمَّنْ لا يُنْكِرُ فَضْلَهُ فَأُثْبِتُهُ حامِدًا لِلَّهِ تَعالى
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب