الباحث القرآني

﴿ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا﴾ بِالتَّشْدِيدِ وعَنِ الكِسائِيِّ ويَعْقُوبَ بِالتَّخْفِيفِ وهو عَطْفٌ عَلى مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿مِثْلَ أيّامِ الَّذِينَ خَلَوْا﴾ وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ جِيءَ بِهِ مُسارَعَةً إلى التَّهْدِيدِ ومُبالَغَةً في تَشْدِيدِ الوَعِيدِ كَأنَّهُ قِيلَ: نُهْلِكُ الأُمَمَ ثُمَّ نُنَجِّي المُرْسَلَ إلَيْهِمْ ﴿والَّذِينَ آمَنُوا﴾ بِهِمْ وعَبَّرَ بِالمُضارِعِ لِحِكايَةِ الحالِ الماضِيَةِ لِتَهْوِيلِ أمْرِها بِاسْتِحْضارِ صُوَرِها وتَأْخِيرِ حِكايَةِ التَّنْجِيَةِ عَنْ حِكايَةِ الإهْلاكِ عَلى عَكْسِ ما جاءَ في غَيْرِ مَوْضِعٍ لِيَتَّصِلَ بِهِ قَوْلُ سُبْحانَهُ: ﴿كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ المُؤْمِنِينَ 103﴾ أيْ نُنْجِيهِمْ إنْجاءً كَذَلِكَ الإنْجاءِ الَّذِي كانَ لِمَن قَبْلَهم عَلى أنَّ الإشارَةَ إلى الإنْجاءِ والجارُّ والمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ وقَعَ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ الكافُ في مَحَلِّ نَصْبٍ بِمَعْنى مِثْلَ سادَّةً مَسَدَّ المَفْعُولِ المُطْلَقِ ويُحْتَمَلُ عِنْدَ بَعْضٍ أنْ يَكُونَ في مَوْقِعِ الحالِ مِنَ الإنْجاءِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ ﴿نُنَجِّي﴾ بِتَأْوِيلِ نَفْعَلُ الإنْجاءَ حالَ كَوْنِهِ مِثْلَ ذَلِكَ الإنْجاءِ وأنْ يَكُونَ في مَوْضِعِ رَفْعِ خَبَرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيِ الأمْرُ كَذَلِكَ و﴿حَقًّا﴾ نُصِبَ بِفِعْلِهِ المُقَدَّرِ أيْ حَقَّ ذَلِكَ حَقًّا والجُمْلَةُ اعْتِراضٌ بَيْنَ العامِلِ والمَعْمُولِ عَلى تَقْدِيرِ أنْ يَكُونَ ﴿كَذَلِكَ﴾ مَعْمُولًا لِلْفِعْلِ المَذْكُورِ بَعْدُ وفائِدَتُها الِاهْتِمامُ بِالإنْجاءِ وبَيانُ أنَّهُ كائِنٌ لا مَحالَةَ وهو المُرادُ بِالحَقِّ ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِهِ الواجِبُ ومَعْنى كَوْنِ الإنْجاءِ واجِبًا أنَّهُ كالأمْرِ الواجِبِ عَلَيْهِ تَعالى وإلّا فَلا وُجُوبَ حَقِيقَةً عَلَيْهِ سُبْحانَهُ وقَدْ صَرَّحَ بِأنَّ الجُمْلَةَ اعْتِراضِيَّةٌ غَيْرُ واحِدٍ مِنَ المُعْرِبِينَ ويُسْتَفادُ مِنهُ أنَّهُ لا بَأْسَ (1) الجُمْلَةُ الِاعْتِراضِيَّةً إذا بَقِيَ شَيْءٌ مِن مُتَعَلِّقاتِها وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنَ الكافِ الَّتِي هي بِمَعْنى مِثْلَ أوْ مِنَ المَحْذُوفِ الَّذِي نابَتْ عَنْهُ وقِيلَ: إنَّ ﴿كَذَلِكَ﴾ مَنصُوبٌ - بِنُنْجِي الأوَّلِ - و﴿حَقًّا﴾ مَنصُوبٌ بِالثّانِي وهو خِلافُ الظّاهِرِ والمُرادُ بِالمُؤْمِنِينَ إمّا الجِنْسُ المُتَناوِلُ لِلرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ وأتْباعُهم وإمّا الأتْباعُ فَقَطْ وإنَّ ما لَمْ يُذْكَرْ إيذانًا بِعَدَمِ الحاجَةِ إلَيْهِ وأيًّا ما كانَ فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ مَدارَ الإنْجاءِ هو الإيمانُ وجِيءَ بِهَذِهِ الجُمْلَةِ تَذْيِيلًا لِما قَبْلَها مُقَرِّرًا لِمَضْمُونِهِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب