قال ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ﴾ يقول: "يَبيعُها" كما تقول: "شَرَيْتُ هذا المتاعَ" أي: بِعْتُهُ و "شَرَيْتُهُ"": اشْتَرَيتهُ أيضاً، يجوز في المعنيين جميعا، كما تقول: "إنَّ الجِلَّ لأَفْضَلُ المَتاعِ"، و"إنَّ "الجِلَّ لأَرْدَؤُهُ"، وعلى ذلك يجوز مع كثير مثله. وكذلك "الجَلَلُ" يكون العظيمَ ويكون الصغيرَ. وكذلك "السَّدَفُ" يكون الظُلْمةَ والضَوْءَ. وقال الشاعر:
[من الرمل وهو الشاهد الثامن والثلاثون بعد المئة]:
وأَرى أَربْدَ قد فارَقَني * ومن الآرْزاءِ رُزْء ذُو جَلَل
أي: عظيم. وقال الآخر: [من الطويل وهو الشاهد التاسع والثلاثون بعد المئة]:
ألا إنَّما أَبْكي لِيَوْمٍ لقِيتُه * بِجُرْثُمِ صادٍ كلُّ ما بَعْدَهُ جَلَلَ
أي: صغير.
وأما قوله ﴿ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ﴾ فان انتصابه على الفعل وهو على "يَشْرِي" كأنه قال "لابتِغاءِ مَرْضاةِ الله" فلما نزع اللام عمل الفعل. ومثله ﴿حَذَرَ ٱلْمَوْتِ﴾ وأشباه هذا كثير. قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الاربعون بعد المئة]:
واغْفِرُ عَوْراءَ الكرِيم ادّخارَه * وَأُعْرِضُ عَنْ شَتِم اللئيمِ تَكَرُّما
لما حذف اللامَ عمل فيه الفعل.
{"ayah":"وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَشۡرِی نَفۡسَهُ ٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ رَءُوفُۢ بِٱلۡعِبَادِ"}