قَالَ عُلَمَاؤُنَا: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ مَنْ خَاسَ بِعَهْدِهِ، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ فِي نَقْضِ عَهْدِ مَنْ خَاسَ، وَأَمَرَ بِالْوَفَاءِ لِمَنْ بَقِيَ عَلَى عَهْدِهِ إلَى مُدَّتِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [التوبة: 7].
الْمَعْنَى: كَيْفَ يَبْقَى لَهُمْ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَهُمْ قَدْ نَقَضُوهُ؛ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ قُرَيْشٌ الَّذِينَ عَاهَدَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ؛ أَمَرَ أَنْ يُتِمَّ لَهُمْ عَهْدَهُمْ إلَى مُدَّتِهِمْ، وَكَانَ قَدْ بَقِيَ لَهُمْ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ؛ وَهَذَا وَهْمٌ؛ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ كَانَ عَهْدُهَا مَنْقُوضًا مِنْهُمْ وَمِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ كَانَ الْفَتْحُ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ كَانَ عَاهَدَ مِنْ الْعَرَبِ كَخُزَاعَةَ وَبَنِي مُدْلِجٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُوَفَّى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ.
{"ayah":"إِلَّا ٱلَّذِینَ عَـٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ ثُمَّ لَمۡ یَنقُصُوكُمۡ شَیۡـࣰٔا وَلَمۡ یُظَـٰهِرُوا۟ عَلَیۡكُمۡ أَحَدࣰا فَأَتِمُّوۤا۟ إِلَیۡهِمۡ عَهۡدَهُمۡ إِلَىٰ مُدَّتِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِینَ"}