فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: نَفَى اللَّهُ الْمُوَالَاةَ بِالْكُفْرِ بَيْنَ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ خَاصَّةً، وَلَا قُرْبَى أَقْرَبُ مِنْهَا، كَمَا نَفَاهَا بَيْنَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، بِقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: 51]؛ لَيُبَيِّنَ أَنَّ الْقُرْبَ قُرْبُ الْأَدْيَانِ لَا قُرْبُ الدِّيَارِ وَالْأَبَدَانِ، وَمِثْلُهُ تُنْشِدُ الصُّوفِيَّةُ:
يَقُولُونَ لِي دَارُ الْأَحِبَّةِ قَدْ دَنَتْ ... وَأَنْتَ كَئِيبٌ إنَّ ذَا لَعَجِيبُ
فَقُلْت وَمَا تُغْنِي دِيَارٌ قَرِيبَةٌ ... إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْقُلُوبِ قَرِيبُ
[مَسْأَلَة الْإِحْسَانُ بِالْهِبَةِ وَالصِّلَةِ مُسْتَثْنَى مِنْ الْوِلَايَةِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْإِحْسَانُ بِالْهِبَةِ وَالصِّلَةِ مُسْتَثْنَى مِنْ الْوِلَايَةِ: لِحَدِيثِ أَسْمَاءَ؛ قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ رَاغِبَةً، وَهِيَ مُشْرِكَةٌ أَفَأَصِلُهَا؟ قَالَ: صِلِي أُمَّكِ».
وَتَمَامُهُ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 8] الْآيَةَ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة: 23]: تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51] إمَّا بِالْمَآلِ وَسُوءِ الْعَاقِبَةِ، وَإِمَّا بِالْأَحْكَامِ فِي الْعَاجِلَةِ، وَذَلِكَ ظُلْمٌ أَيْ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيهِ بِاخْتِلَافِ الْمَوْضِعِ الْمَوْضُوعِ فِيهِ كُفْرًا وَإِيمَانًا.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوۤا۟ ءَابَاۤءَكُمۡ وَإِخۡوَ ٰنَكُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ إِنِ ٱسۡتَحَبُّوا۟ ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِیمَـٰنِۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ"}