فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الشَّاهِدُ فَاعِلٌ مِنْ شَهِدَ، وَالْمَشْهُودُ مَفْعُولٌ مِنْهُ، وَلَمْ يَأْتِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِعَيْنِهِ، فَيَجِبُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى كُلِّ شَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ. وَقَدْ رَوَى عَبَّادُ بْنُ مَطَرٍ الرَّهَاوِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيَّادٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ، «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 3] قَالَ: الشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَالْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ».
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الشَّاهِدُ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ اللَّهَ وَرُسُلَهُ وَالْمَلَائِكَةَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْحَجَرَ الْأَسْوَدَ. وَقَدْ يَكُونُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْإِنْسَانَ، وَالْمَشْهُودُ فِيهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَأَيَّامَ الْمَنَاسِكِ كُلَّهَا، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَيْسَ إلَى التَّخْصِيصِ سَبِيلٌ بِغَيْرِ أَثَرٍ صَحِيحٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ اللَّهَ فَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَاهُ وَمُتَعَلَّقَهُ فِي الْأَمَدِ الْأَقْصَى، وَإِذَا كَانَ الرَّسُولَ وَالْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] وَهَذَا إذَا تَتَبَّعْته بِالْأَخْبَارِ وَجَدْته كَثِيرًا فِي جَمَاعَةٍ. وَأَمَّا الْمَشْهُودُ فَعَلَّقَهُ بِكُلِّ مَشْهُودٍ فِيهِ، وَمَشْهُودٍ عَلَيْهِ، وَمَشْهُودٍ بِهِ، حَسْبَ مُتَعَلِّقَاتِ الْفِعْلِ بِأَقْسَامِ الْمَفْعُولِ فَإِنَّهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ صَحِيحٌ سَائِغٌ لُغَةً وَمَعْنًى، فَاحْمِلْهُ عَلَيْهِ وَعَمِّمْهُ فِيهِ.
{"ayah":"وَشَاهِدࣲ وَمَشۡهُودࣲ"}