الْآيَةُ الرَّابِعَةُ:
قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: 17].
هِيَ مِنْ تَوَابِعِ مَا تَقَدَّمَ وَرَوَابِطِهِ؛ فَإِنَّ السُّورَةَ هِيَ سُورَةُ بَدْرٍ كُلِّهَا، وَكُلُّهَا مَدَنِيَّةٌ إلَّا سَبْعَ آيَاتٍ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ، وَهِيَ قَوْلُهُ: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: 30] إلَى آخِرِ الْآيَاتِ السَّبْعِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17]، هَذَا فِي حَصْبِ رَسُولِ اللَّهِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ. قَالَ مَالِكٌ، وَلَمْ يَبْقَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَحَدٌ إلَّا وَقَدْ أَصَابَهُ ذَلِكَ، وَذَكَرَ مَا قَالَتْ لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ.
وَكَذَلِكَ رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا، وَقَدْ رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَوْمِ بَدْرٍ لَمَّا اسْتَوَتْ الصُّفُوفُ وَنَزَلَ جِبْرِيلُ آخِذًا بِعِنَانِ فَرَسِهِ يَقُودُهُ، عَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ.
«فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَثْيَةً مِنْ الْحَصْبَاءِ، فَاسْتَقْبَلَ بِهَا قُرَيْشًا، فَقَالَ: شَاهَتْ الْوُجُوهُ. ثُمَّ نَفَخَهُمْ بِهَا وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: شُدُّوا» فَكَانَتْ الْهَزِيمَةُ، وَقَتَلَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، وَأَسَرَ مَنْ أَسَرَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: كَانَ هَذَا يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ رَمَى أُبَيّ بْنُ خَلَفٍ الْحَرْبَةَ، فَكَسَرَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ، فَرَجَعَ أُبَيّ بْنُ خَلَفٍ إلَى أَصْحَابِهِ ثَقِيلًا، فَحَفَظُوهُ حِينَ وَلَّوْا قَافِلِينَ يَقُولُونَ: لَا بَأْسَ. فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَوْ كَانَتْ بِالنَّاسِ لَقَتَلَتْهُمْ، أَلَمْ يُقَلْ أَنَا أَقْتُلُكَ.
وَقَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ أَصَحُّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السُّورَةَ بَدْرِيَّةٌ.
{"ayah":"فَلَمۡ تَقۡتُلُوهُمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمۡۚ وَمَا رَمَیۡتَ إِذۡ رَمَیۡتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِیُبۡلِیَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ مِنۡهُ بَلَاۤءً حَسَنًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ"}