فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الرُّكُوعُ مَعْلُومٌ لُغَةً، مَعْلُومٌ شَرْعًا حَسْبَمَا قَرَّرْنَاهُ؛ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَتِهِ كَرَاهِيَةَ التَّطْوِيلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ هَذِهِ الْآيَةُ حُجَّةٌ عَلَى وُجُوبِ الرُّكُوعِ وَإِنْزَالِهِ رُكْنًا فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ، وَظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْقِيَامَةِ، وَلَيْسَتْ بِدَارِ تَكْلِيفٍ، فَيَتَوَجَّهُ فِيهَا أَمْرٌ يَكُونُ عَلَيْهِ وَيْلٌ وَعِقَابٌ، وَإِنَّمَا يُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ كَشْفًا لِحَالِ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا، فَمَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ تَمَكَّنَ مِنْ السُّجُودِ، وَمَنْ كَانَ يَسْجُدُ رِئَاءً لِغَيْرِهِ صَارَ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا.
[مَسْأَلَة الْقُرْآنَ فِي مَحَلِّ نُزُولِهِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ: «بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَارٍ إذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ: {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا} [المرسلات: 1]» الْحَدِيثَ إلَخْ
فَمِنْ الْفَوَائِدِ الْعَارِضَةِ هَاهُنَا أَنَّ الْقُرْآنَ فِي مَحَلِّ نُزُولِهِ وَوَقْفِهِ عَشْرَةُ أَقْسَامٍ: سَمَاوِيٌّ، وَأَرْضِيٌّ، وَمَا تَحْتَ الْأَرْضِ، وَحَضَرِيٌّ، وَسَفَرِيٌّ، وَمَكِّيٌّ، وَمَدَنِيٌّ، وَلَيْلِيٌّ، وَنَهَارِيٌّ، وَمَا نَزَلَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.
وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ: {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا} [المرسلات: 1] فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، لَقَدْ أَذْكَرْتنِي بِقِرَاءَتِك هَذِهِ السُّورَةَ، إنَّهَا لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ، ثُمَّ مَا صَلَّى لَنَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ».
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ قَرَأَ بِالطُّورِ فِي الْمَغْرِبِ، فِي طَرِيقٍ أُخْرَى.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ.
{"ayah":"وَإِذَا قِیلَ لَهُمُ ٱرۡكَعُوا۟ لَا یَرۡكَعُونَ"}