ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا كَتَمَ إيمَانَهُ، وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ لِسَانُهُ [أَنَّهُ] لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا بِاعْتِقَادِهِ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ إذَا نَوَى بِقَلْبِهِ طَلَاقَ زَوْجِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، كَمَا يَكُونُ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا بِقَلْبِهِ، فَجَعَلَ مَدَارَ الْإِيمَانِ عَلَى الْقَلْبِ، وَإِنَّهُ كَذَلِكَ، لَكِنْ لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ بِمَا لُبَابُهُ أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا نَوَى الْكُفْرَ بِقَلْبِهِ كَانَ كَافِرًا، وَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِلِسَانِهِ.
وَأَمَّا إذَا نَوَى الْإِيمَانَ بِقَلْبِهِ فَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَتَلَفَّظَ بِلِسَانِهِ، وَأَمَّا إذَا نَوَى الْإِيمَانَ بِقَلْبِهِ تَمْنَعُهُ التَّقِيَّةُ وَالْخَوْفُ مِنْ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِلِسَانِهِ [فَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا] فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا تَمْنَعُهُ التَّقِيَّةُ مِنْ أَنْ يَسْمَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْإِيمَانِ أَنْ يَسْمَعَهُ الْغَيْرُ فِي صِحَّتِهِ مِنْ التَّكْلِيفِ؛ إنَّمَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُ الْغَيْرِ لَهُ لِيَكُفَّ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ.
{"ayah":"وَقَالَ رَجُلࣱ مُّؤۡمِنࣱ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ یَكۡتُمُ إِیمَـٰنَهُۥۤ أَتَقۡتُلُونَ رَجُلًا أَن یَقُولَ رَبِّیَ ٱللَّهُ وَقَدۡ جَاۤءَكُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ مِن رَّبِّكُمۡۖ وَإِن یَكُ كَـٰذِبࣰا فَعَلَیۡهِ كَذِبُهُۥۖ وَإِن یَكُ صَادِقࣰا یُصِبۡكُم بَعۡضُ ٱلَّذِی یَعِدُكُمۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ كَذَّابࣱ"}