فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الثُّبَةُ: الْجَمَاعَةُ، وَالْجَمْعُ فِيهَا ثِبُونَ أَوْ ثِبِينَ أَوْ ثُبَاتٌ، كَمَا تَقُولُ: عِضَةٌ وَعِضُونَ وَعِضَاهٌ، وَاللُّغَتَانِ فِي الْقُرْآنِ، وَتَصْغِيرُ الثُّبَةِ ثُبَيَّةٌ، وَيُقَالُ فِي وَسَطِ الْحَوْضِ ثُبَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَثُوبُ إلَيْهِ، أَيْ يَرْجِعُ؛ وَتَصْغِيرُ هَذِهِ ثُوَيْبَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا مَحْذُوفُ الْوَاوِ، وَثُبَةُ الْجَمَاعَةِ إنَّمَا اُشْتُقَّتْ مِنْ ثَبَّيْتُ عَلَى الرَّجُلِ إذَا أَثْنَيْتُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَجَمَعْتُ مَحَاسِنَ ذِكْرِهِ، فَيَعُودُ إلَى الِاجْتِمَاعِ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى خُذُوا حِذْرَكُمْ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: {خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: 71]: أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَلَّا يَقْتَحِمُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ عَلَى جَهَالَةٍ حَتَّى يَتَحَسَّسُوا إلَى مَا عِنْدَهُمْ، وَيَعْلَمُوا كَيْفَ يَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ؛ فَذَلِكَ أَثْبَتُ لِلنُّفُوسِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالتَّجْرِبَةِ.
[مَسْأَلَةُ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ النَّاسَ بِالْجِهَادِ سَرَايَا مُتَفَرِّقَةً أَوْ مُجْتَمِعِينَ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ النَّاسَ بِالْجِهَادِ سَرَايَا مُتَفَرِّقَةً أَوْ مُجْتَمَعِينَ عَلَى الْأَمِيرِ، فَإِنْ خَرَجَتْ السَّرَايَا فَلَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ؛ لِيَكُونَ مُتَحَسِّسًا إلَيْهِمْ وَعَضُدًا مِنْ وَرَائِهِمْ، وَرُبَّمَا احْتَاجُوا إلَى دَرْئِهِ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ خُذُوا۟ حِذۡرَكُمۡ فَٱنفِرُوا۟ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُوا۟ جَمِیعࣰا"}