لَمَّا تَدَاعَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ إلَى لُوطٍ حِينَ رَأَوْا وَسَمِعُوا بِجَمَالِ أَضْيَافِهِ، وَحُسْنِ شَارَتِهِمْ؛ قَصْدًا لِلْفَاحِشَةِ فِيهِمْ، تَحَرَّمَ لَهُمْ لُوطٌ بِالضِّيَافَةِ، وَسَأَلَهُمْ تَرْكَ الْفَضِيحَةِ، وَإِتْيَانَ الْمُرَاعَاةِ، فَلَمَّا قَالُوا لَهُ: {أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ} [الحجر: 70] قَالَ لَهُمْ لُوطٌ: إنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ قَضَاءَ الشَّهْوَةِ فَهَؤُلَاءِ بَنَاتِي إنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ. وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - أَنْ يَعْرِضُوا بَنَاتِهِمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ فِدَاءً لِفَاحِشَةٍ أُخْرَى؛ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ هَؤُلَاءِ بَنَاتِ أُمَّتِي؛ لِأَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُ أُمَّتِهِ، وَبَنَاتُهُمْ بَنَاتُهُ، فَأَشَارَ عَلَيْهِمْ بِالتَّزْوِيجِ الشَّرْعِيِّ، وَحَمَلَهُمْ عَلَى النِّكَاحِ الْجَائِزِ كَسْرًا لِسَوْرَةِ الْغُلْمَةِ، وَإِطْفَاءً لِنَارِ الشَّهْوَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 165] {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء: 166] وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{"ayah":"قَالَ هَـٰۤؤُلَاۤءِ بَنَاتِیۤ إِن كُنتُمۡ فَـٰعِلِینَ"}