الباحث القرآني

قال تعالى: ﴿كَما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالحَقِّ وإنَّ فَرِيقًا مِنَ المُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ ۝يُجادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعْدَما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إلى المَوْتِ وهُمْ يَنْظُرُونَ ۝﴾ [الأنفال: ٥ ـ ٦]. كان في نفوسِ بعضِ المؤمنينَ كُرْهٌ للِقاءِ قريشٍ، فأَمْضاهُ اللهُ وحقَّقَ لقاءَ المؤمِنينَ بالمشرِكينَ، وفي هذا: أنّ الأحكامَ لا تثبُتُ بكراهةِ النفوسِ ونُفُورِها، وأنّ للنَّفْسِ كرهًا ونفورًا طبعيًّا لا أثَرَ له على الأحكامِ، وهو ممّا لا يُؤاخَذُ به المؤمِنُ، ما لم يُعارِضِ الحقَّ الصريحَ بعدَ جلائِهِ بقولِهِ أو فعلِه. وإذا وُجِدَ كُرْهُ لقاءِ المشرِكينَ مِن بعضِ الصحابةِ، فذلك مِن غيرِهم مِن بابِ أوْلى، وذلك لِما جُبِلَتْ عليه النفوسُ مِن كراهةِ فَقْدِ الأهلِ والولدِ والمالِ، وحُبِّ الحياةِ. وقولُه تعالى: ﴿كَما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالحَقِّ﴾، فيه أنّه ليس لأحدٍ أنْ يترُكَ الجهادَ لأجلِ شيءٍ أجْراهُ اللهُ على نبيِّه، وهو حبُّ البيوتِ وما فيها مِن مالٍ وولدٍ وزوجةٍ. وقد يكونُ مِن بعضِ المؤمنينَ جدالٌ في الحقِّ، وذلك لدوافعَ كامِنةٍ مِن حُبِّ الدُّنيا، كما في قولِه تعالى بعدَ ذلك: ﴿يُجادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعْدَما تَبَيَّنَ﴾. والحقُّ هو القتالُ، فسمّى اللهُ القتالَ حقًّا، لأنّ به يُحِقُّ اللهُ الحقَّ ويُبطِلُ الباطلَ، فكما يُحِقُّه باللِّسانِ، يُحِقُّهُ بالسِّنانِ كذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب