الباحث القرآني

قال تعالى: ﴿قُلْ أمَرَ رَبِّي بِالقِسْطِ وأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ۝﴾ [الأعراف: ٢٩]. في هذه الآيةِ: مشروعيَّةُ استِقْبالِ القِبْلةِ بالوجهِ عندَ الصلاةِ، وأنّ البدنَ لا يكفي، فيُكرَهُ الالتفاتُ ولو كان البدنُ موجَّهًا إلى القِبْلةِ. استقبالُ القبلةِ عند الدعاءِ: وفي الآيةِ: استحبابُ استقبالِ القِبْلةِ عند الدُّعاءِ، وقد تواتَرَ ذلك عن النبيِّ ﷺ، ففي مسلمٍ، مِن حديثِ عمرَ: لمّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ، نَظَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إلى المُشْرِكِينَ وهُمْ ألْفٌ، وأَصْحابُهُ ثَلاثُ مِئَةٍ وتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ القِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ... الحديثَ[[أخرجه مسلم (١٧٦٣).]]. وفي البخاريِّ، عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «اسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ ﷺ الكَعْبَةَ، فَدَعا عَلى نَفَرٍ مِن قُرَيْشٍ»[[أخرجه البخاري (٣٩٦٠).]]. وكذلك كان يَستقبِلُ القِبْلةَ عندَ وقوفِهِ على الصَّفا والمروةِ. ويُستحَبُّ أنْ يَستقبلَ المتكلِّمُ القِبْلةَ. وأمّا توجيهُ الوجهِ إلى القِبْلةِ، فمُستحَبٌّ، لظاهرِ الآيةِ والأحاديثِ، ولو نظَرَ إلى السماءِ، فهو سُنَّةٌ كذلك، فقد كان النبيُّ ﷺ ينظُرُ إلى السماءِ عندَ دعائِه، وقد ثبَت ذلك في «الصحيحِ»، مِن حديثِ المِقْدادِ، قال: رفَعَ النبيُّ ﷺ رَأْسَهُ إلى السَّماءِ، فَقُلْتُ: الآْنَ يَدْعُو عَلَيَّ فَأَهْلِكُ! فَقالَ: (اللَّهُمَّ أطْعِمْ مَن أطْعَمَنِي، وأَسْقِ مَن أسْقانِي) [[أخرجه مسلم (٢٠٥٥).]]. ولكنَّ رفعَ البصرِ في الصلاةِ منهيٌّ عنه ولو كان حالَ دعاءٍ وثناءٍ على اللهِ، والنظرُ إلى السماءِ والتفكُّرُ فيها عبادةٌ، كما في قولِهِ تعالى: ﴿أفَلا يَنْظُرُونَ إلى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ۝وإلى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ۝﴾ [الغاشية: ١٧ ـ ١٨]، وكان النبيُّ ﷺ يَرفعُ بصرَهُ إلى السماءِ كثيرًا كما في «الصحيحِ»، مِن حديثِ أبي موسى[[أخرجه مسلم (٢٥٣١).]]، والنظرُ إليها والتفكُّرُ فيها يُورِثُ هَيْبةً لخالِقِها، وتعظيمًا له، وتواضُعًا وكَسْرًا للنَّفْسِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب