الباحث القرآني

قال الله تعالى: ﴿إذْ أقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ ۝ ولا يَسْتَثْنُونَ ۝﴾ [القلم: ١٧ ـ ١٨]. ذكَر اللهُ حالَ أصحابِ الجَنَّةِ الذين بَخِلُوا بثمرِهم عن الفقراءِ، فقَصَدوا جَنَّتَهم ليَحْصُدوا حَبَّهم ويَصرِمُوا ثَمَرَهم قبلَ قدومِ الفقراءِ إليهم، وحمَلَهُمْ شِدَّةُ شُحِّهم وطمعِهم على الحَلِفِ على ذلك، ونَسُوا أن يَستثنُوا ويقولوا: (إنْ شاء اللهُ)، اعتمادًا على الأسبابِ، وغاب عن نفوسِهم مسبِّبُها، وهو اللهُ، فحَنَّثَهم اللهُ فأهلَكَ جَنَّتَهُمْ، كما قال تعالى: ﴿فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِن رَبِّكَ وهُمْ نائِمُونَ ۝فَأَصْبَحَتْ كالصَّرِيمِ ۝﴾ [القلم: ١٩ ـ ٢٠]. وقد قيل: إنّ الاستثناءَ عندَهم كان تسبيحًا، ولذا قال عن أوْسَطِهم: إنّه قال لهم: ﴿ألَمْ أقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ ۝﴾ [القلم: ٢٨]، قاله مجاهِدٌ، والسُّدِّيُّ، وابنُ جُرَيْجٍ[[«تفسير ابن كثير» (٨/١٩٦).]]. وقد فسَّر قولَه في هذه الآيةِ: ﴿ولا يَسْتَثْنُونَ ۝﴾ بقولِ: «إنْ شاء اللهُ» غيرُ واحدٍ مِن السلفِ، كمجاهدٍ وابنِ جُرَيْجٍ[[«زاد المسير» (٤ /٣٢٣)، و«تفسير القرطبي» (٢١ /١٦٣)، و«تفسير ابن كثير» (٨ /١٩٧).]]، وقال عِكْرِمةُ: لا يَستثنُونَ حقَّ المساكينِ[[«زاد المسير» (٤ /٣٢٣)، و«تفسير القرطبي» (٢١ /١٦٣).]]. وقد أخَذ محمدُ بنُ الحسنِ مِن هذه الآيةِ أنّ القَسَمَ يمينٌ، لأنّ الاستثناءَ لا يكونُ إلاَّ في اليمينِ[[«بدائع الصنائع» للكاساني (٣ /٧).]]، ولكنَّ الاستثناءَ يكونُ مشروعًا في اليمينِ وفي غيرِها ممّا يَعزِمُ الرجُلُ على فِعْلِهِ فيَعِدُ أو يُخبِرُ به، إلاَّ أنّ الاستثناء يُبطِلُ اللازمَ على القَسَمِ كما يُبطِلُ اللازمَ على اليمينِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب