الباحث القرآني
قال الله تعالى: ﴿واللاََّّئِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِن نِسائِكُمْ إنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أشْهُرٍ واللاََّّئِي لَمْ يَحِضْنَ وأُولاتُ الأَحْمالِ أجَلُهُنَّ أنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِن أمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: ٤].
بيَّن اللهُ في الآيةِ عِدَّةَ المطلَّقةِ اليائسِ، وهي التي لا تَحِيضُ لِكِبَرِ سنِّها، ومِثلُها الصغيرةُ التي لا تحيضُ: أنّ عِدَّتَهُنَّ ثلاثةُ أشهُرٍ.
وقولُه تعالى: ﴿إنِ ارْتَبْتُمْ﴾، يعني: في معرِفةِ العِدَّةِ لَهُنَّ، فعِدَّتُهُنَّ هي ما يُبيِّنُهُ اللهُ لكم، وبهذا المعنى قال سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ[[«تفسير ابن كثير» (٨ /١٤٩).]]، وقال مجاهدٌ: إنِ ارتبتُم بما فِيهِنَّ مِن دمٍ: هل هو حيضٌ أم استحاضةٌ؟[[«تفسير الطبري» (٢٣ /٤٩).]]، وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ أفْقَهُ وأبصَرُ، وإنْ كان يصحُّ قولُ مجاهدٍ ومَن وافَقَهُ في حُكْمِ المُرتابةِ بينَ دمِ الحَيْضِ والاستحاضةِ، إلاَّ أنّ سياقَ الآيةِ أقرَبُ إلى قولِ سعيدٍ، واللهُ أعلَمُ.
وقد صحَّ عن عِكْرِمةَ أنّه قال: إنّ مِن الرِّيبةِ المرأةَ المُستحاضَةَ، والتي لا يَستقيمُ لها الحيضُ، تَحِيضُ في الشهرِ مِرارًا، وفي الأشهُرِ مرَّةً، فعِدَّتُها ثلاثةُ أشهُرٍ[[«تفسير الطبري» (٢٣ /٥٢).]].
عِدَّةُ الحاملِ مِن الطلاقِ والوفاةِ:
وأمّا عِدَّةُ الحاملِ، فلا تخلو: إمّا أن تكونَ عِدَّةَ وفاةٍ، أو عِدَّةَ طلاقٍ:
أمّا عِدَّةُ الحاملِ التي طُلِّقتْ عندَ استبانةِ حَمْلِها، فعِدَّتُها أنْ تَضَعَ ولدَها، وهذا في قولِ عامَّةِ السلفِ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك، حكاهُ ابنُ جريرٍ[[«تفسير الطبري» (٢٣ /٥٤).]].
وأمّا عِدَّةُ الحاملِ مِن وفاةِ زوجِها، فعلى حالَيْنِ:
الأُولى: حاملٌ بَقِيَ مِن وضْعِها فوقَ أربعةِ أشهُرٍ وعشرٍ، تخرُجُ مِن عِدَّتِها بوَضْعِ حَملِها بلا خلافٍ.
الثـانيةُ: حاملٌ وأجَلُ وضْعِ حَمْلِها دونَ أربعةِ أشهُرٍ وعشرٍ، فعامَّةُ الفقهاءِ مِن السلفِ والخلفِ: على أنّها تخرُجُ مِن عِدَّةِ وفاتِها بوَضْعِ حَمْلِها ولو وضَعَتِ الحَمْلَ بعدَ الوفاةِ بساعةٍ، لقولِه تعالى: ﴿وأُولاتُ الأَحْمالِ أجَلُهُنَّ أنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾.
وبهذا قَضى عمرُ وعثمانُ وزيدٌ وابنُ مسعودٍ وابنُ عبّاسٍ وأبو هريرةَ، وقد رَوى البخاريُّ، عن أبي سَلَمةَ، قال: جاءَ رَجُلٌ إلى ابنِ عَبّاسٍ وأبو هُرَيْرَةَ جالِسٌ عِنْدَهُ، فَقالَ: أفْتِنِي فِي امْرَأَةٍ ولَدَتْ بَعْدَ زَوْجِها بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: آخِرُ الأَجَلَيْنِ، قُلْتُ أنا: ﴿وأُولاتُ الأَحْمالِ أجَلُهُنَّ أنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾، قالَ أبو هُرَيْرَةَ: أنا مَعَ ابنِ أخِي ـ يَعْنِي: أبا سَلَمَةَ ـ فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبّاسٍ غُلامَهُ كُرَيْبًا إلى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُها، فَقالَتْ: قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ وهِيَ حُبْلى، فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَخُطِبَتْ، فَأَنْكَحَها رَسُولُ اللهِ ﷺ، وكانَ أبُو السَّنابِلِ فِيمَن خَطَبَها[[أخرجه البخاري (٤٩٠٩).]].
ورَوى علقمةُ بنُ قيسٍ، أنّ عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ قال: مَن شاءَ لاعَنْتُهُ، ما نزَلَتْ: ﴿وأُولاتُ الأَحْمالِ أجَلُهُنَّ أنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ إلاَّ بعدَ آيةِ المتوفّى عنها زوجُها، قال: وإذا وضَعَتِ المُتوفّى عنها زوجُها، فقد حَلَّتْ، يُريدُ بآيةِ المتوفّى عنها زوجُها: ﴿والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ ويَذَرُونَ أزْواجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] [[أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢٣ /٥٤)، والنسائي في «السنن الكبرى» (٥٦٨٦).]].
وقد تقدَّم الكلامُ على هذه المسألةِ، وعمومِ عِدَّةِ المتوفّى عنها زوجُها، في سورةِ البقرةِ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ ويَذَرُونَ أزْواجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا﴾ [٢٣٤].
{"ayah":"وَٱلَّـٰۤـِٔی یَىِٕسۡنَ مِنَ ٱلۡمَحِیضِ مِن نِّسَاۤىِٕكُمۡ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَـٰثَةُ أَشۡهُرࣲ وَٱلَّـٰۤـِٔی لَمۡ یَحِضۡنَۚ وَأُو۟لَـٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن یَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ وَمَن یَتَّقِ ٱللَّهَ یَجۡعَل لَّهُۥ مِنۡ أَمۡرِهِۦ یُسۡرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق