الباحث القرآني

قال تعالى: ﴿وقالُوا هَذِهِ أنْعامٌ وحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إلاَّ مَن نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ ۝وقالُوا ما فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا ومُحَرَّمٌ عَلى أزْواجِنا وإنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وصْفَهُمْ إنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ۝﴾ [الأنعام: ١٣٨ ـ ١٣٩]. تقدَّمَ في مواضعَ ذِكْرُ ما حرَّمَهُ الجاهليُّونَ على أنفسِهِمْ مِن السائبةِ والوَصِيلةِ والحامِ، وهذه الآيةُ في معناها، فقولُه تعالى: ﴿حِجْرٌ﴾، يعني: محرَّمًا، وهو مِن احتِجارِ الشيءِ واحتجازِهِ عن التصرُّفِ به، فهو محجورٌ لآلهتِهم، كما جاء معناهُ عن ابنِ عبّاسٍ ومجاهدٍ وقتادةَ وغيرِهم[[ينظر: «تفسير الطبري» (٩ /٥٨٠).]]، ومِن ذلك قولُ اللهِ: ﴿ويَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ۝﴾ [الفرقان: ٢٢]. وقولُه تعالى عن قولِ الجاهليِّينَ: ﴿لا يَطْعَمُها إلاَّ مَن نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ﴾، يعني: أنّ الأصلَ فيها الحُرْمةُ، فهم وقَعُوا في شِرْكِ التشريعِ بوجهَيْهِ: تحريمِ الحلالِ الذي أحَلَّ اللهُ، فجعَلُوهُ هو الأصلَ، وتحليلِ الحرامِ الذي حرَّمَهُ اللهُ، فجعَلُوهُ استثناءً، لِمَن يُريدونَ لا لِمَن يُريدُ اللهُ، فشارَكوا اللهَ في حُكْمِه. وقولُهم: ﴿مَن نَشاءُ﴾ رُوِيَ أنّهم جعَلوه حلالًا لنسائِهم دونَ رِجالِهم. وقولُه تعالى: ﴿وأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها﴾، والمرادُ: ما حرَّمُوا ركوبَهُ مِن الأنعامِ، كالبَحِيرَةِ والسّائبةِ والوَصِيلةِ والحامِ. ومِن تلك الأنعامِ أنعامٌ لا يَذكُرونَ اسمَ اللهِ عليها، وإنّما يَذكُرونَ اسمَ أصنامِهم وأوثانِهم. ومِن تشريعِهِمُ الباطلِ: أنْ تعدّى تحريمُهُمْ لظاهرِ الأنعامِ إلى تحريمِ ما في بطونِها مِن لَبَنٍ ووَلَدٍ، فجعَلُوا ما في هذه البطونِ حِلًّا للذكورِ، وحرامًا على الإناثِ، وما كان ممّا وُلِدَ مِن بطونِها خرَجَ ميِّتًا فيَشترِكُ فيه الذكورُ والإناثُ، وهذا شِرْكٌ في التشريعِ، وظلمٌ في الحقوقِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب