الباحث القرآني

قال اللهُ تعالى: ﴿فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ ولا جَآنٌّ ۝﴾ [الرحمن: ٥٦]. وصَف اللهُ نساءَ الجنةِ وحُورَهُنَّ أنّهُنَّ يَقصُرْنَ نَظَرَهُنَّ على أزواجِهِنَّ، مع أنّ داعيَ الشرِّ والفتنةِ في نفوسِهِنَّ ونفوسِ غيرِهِنَّ لا وجودَ له في الجنةِ، وفي ذلك مزيدُ إكرامٍ لأزواجِهِنَّ، وهذا مِن تمامِ النعيمِ المعنويِّ. وقولُهُ تعالى: ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ ولا جَآنٌّ ۝﴾ الطَّمْثُ: هو الجِماعُ، ونفيُ الشيءِ دليلٌ على إمكانِ وقوعِه، وليس المرادُ نفيَ المُحالِ، وذلك أنّ الجنَّ والإنسَ يُجامِعونَ، ومِن هذا أخَذَ بعضُهُمْ إمكانَ زواجِ الإنسِ مِن الجِنِّ، والعكسِ، وليس في الوحيِ شيءٌ صريحٌ يثبُتُ به، وقد صنَّفَ بعضُ الحنفيَّةِ الدِّمَشْقِيِّينَ المتأخِّرينَ كتابًا في ذلك، وقد جوَّز وقوعَ ذلك وحدوثَهُ غيرُ واحدٍ كابنِ تيميَّةَ، وكلُّ ما يَحكِيهِ الناسُ مِن وجودِ الولدِ بينَ الإنسِ والجنِّ، فممّا لا طريقَ للتثبُّتِ منه. وأمّا دخولُ الجانِّ للإنسانِ وتخبُّطُهُ به، فهذا ثابتٌ في القرآنِ والسُّنَّة. وأمّا الاستدلالُ على الزواجِ بمِثْلِ قولِهِ تعالى: ﴿وشارِكْهُمْ فِي الأَمْوالِ والأَوْلادِ﴾ [الإسراء: ٦٤]، فليس دليلًا، وليستِ الآيةُ في هذا السِّياقِ، وإنّما المرادُ تسويلُ الحرامِ لهم، وتحبيبُهُ إليهم، كالرِّبا والمَيْسِرِ والتطفيفِ والزِّنى، ولهذا قال تعالى بعدَ ذلك: ﴿وعِدْهُمْ وما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إلاَّ غُرُورًا ۝﴾ [الإسراء: ٦٤].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب