الباحث القرآني
قال اللهُ تعالى: ﴿قُلْ إنَّما أنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إلَيَّ أنَّما إلَهُكُمْ إلَهٌ واحِدٌ فاسْتَقِيمُوا إلَيْهِ واسْتَغْفِرُوهُ ووَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ ﴾ [فصلت: ٦ ـ ٧].
في هذا: وعيدٌ مِن اللهِ لتارِكِ الزكاةِ، وجعَلَ ذلك مِن أوصافِ المشرِكِين، وبهذا قال قِلَّةٌ مِن العلماءِ، أنّ تاركَ الزكاةِ كافرٌ، لأنّ اللهَ ذكَرَ أسبابَ كفرِ المشرِكِينَ وعَدَّ منها الزكاةَ، وفي هذا نظرٌ، لأنّ اللهَ ذكَرَ شِرْكَهم، وذلك أنّه أخرَجَهُمْ مِن عبادةِ إلهٍ واحدٍ كما يوحِّدُ المؤمنونَ، ولكنْ ذكَرَ تَرْكَهم للزَّكاةِ علامةً على عدمِ إيمانِهم بها، ومِن القرائنِ على ذلك: أنّ سورةَ فُصِّلَتْ مكيَّةٌ، وفي زمنِ فرضِ الزكاةِ خلافٌ، ولا خلافَ أنّ الزكاةَ مشروعةٌ بمكةَ، ولكنَّ النزاعَ في فرضيَّتِها، ثمَّ إنّه لا خلافَ حتى عندَ مَن قال بأنّها فُرِضَتْ بمَكَّةَ أنّ جِبايتَها وتقديرَ نِصابِها لم يُفرَضْ إلاَّ في المدينةِ.
وقد ذهَبَ غيرُ واحدٍ مِن الفقهاءِ: إلى أنّ فرضَ أصلِ الزكاةِ كان في المدينةِ في السَّنَةِ الثانيةِ مِن الهجرةِ، وإليه ذهَبَ النوويُّ وغيرُه، والوعيدُ الواردُ في تاركِ الزكاةِ في السوَرِ المكيَّةِ هو لجاحدِ التشريعِ لا للبخيلِ، وذلك أنّ المُسلِمينَ بمكةَ قِلَّةٌ وغالبُهم أهلُ فقرٍ وضَعْفٍ، وأمّا أهلُ الغِنى والسيادةِ، فلم يُسْلِمُوا أصلًا إلاَّ ما ندَرَ، وكلُّهم يُزَكُّونَ، فليس بمكةَ قبلَ الهجرةِ مؤمِنٌ فاسِقٌ ولا منافِقٌ، فمَن آمَنَ فإنّه يُؤمِنُ بكليَّتِه، لِشِدَّةِ ما يُلاقِيهِ مِن نُكْرانِ قومِهِ وهَجْرِهم وتسلُّطِهم بالعذابِ، ولا يُتصوَّرُ مؤمِنٌ بالرسالةِ قبلَ الهجرةِ تاركٌ للزَّكاةِ بخلًا.
وقد روى أحمدُ والنَّسائيُّ وابنُ ماجَهْ، مِن حديثِ قيسِ بنِ سعدِ بنِ عُبادَةَ، قال: «أمَرَنا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِصَدَقَةِ الفِطْرِ قَبْلَ أنْ تَنْزِلَ الزَّكاةُ، فَلَمّا نَزَلَتِ الزَّكاةُ، لَمْ يَأْمُرْنا ولَمْ يَنْهَنا، ونَحْنُ نَفْعَلُهُ»[[أخرجه أحمد (٦/٦)، والنسائي (٢٥٠٧)، وابن ماجه (١٨٢٨).]].
وزكاةُ الفِطْرِ فُرِضَتْ بعدَ رمضانَ، ورمضانُ فُرِضَ في المدينةِ بلا نزاعٍ، وفي هذا الحديثِ أنّ الزكاةَ بعدَهُ، ولعلَّ فرضيَّتَها يُقصَدُ بها بيانُ مقاديرِها ونِصابِها وجِبايتُها، وقد تكونُ مفروضةً قبلَ ذلك بلا تقديرٍ، وكان صرفُها موكولًا إلى أصحابِها.
ويعضُدُ ما جاء في حديثِ سعدٍ ـ أنّ الزكاةَ متأخِّرةٌ ـ: ما رواهُ الطبريُّ، مِن حديثِ عليِّ بنِ أبي طَلْحةَ، عن ابنِ عبّاسٍ، في قولِهِ: ﴿هُوَ الَّذِي أنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ﴾ [الفتح: ٤] قال: السكينةُ: الرحمةُ، ﴿لِيَزْدادُوا إيمانًا مَعَ إيمانِهِمْ﴾ [الفتح: ٤]، قال: إنّ اللهَ جلَّ ثناؤُه بعَثَ نبيَّه محمدًا ﷺ بشهادةِ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، فلمّا صدَّقوا بها، زادَهم الصلاةَ، فلمّا صدَّقوا بها، زادَهم الصيامَ، فلمّا صدَّقوا به، زادَهم الزكاةَ، فلمّا صدَّقوا بها، زادَهم الحجَّ، ثمَّ أكمَلَ دِينَهم، فقال: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ [المائدة: ٣] [[«تفسير الطبري» (٢١ /٢٤٦).]].
وقد تقدَّم الكلامُ على حُكْمِ تاركِ الزكاةِ بخلًا، والنِّزاعِ في كُفْرِهِ عندَ الأئمَّةِ، وأنّ الذي عليه عامَّتُهُمْ أنّه مرتكِبٌ لكبيرةٍ، عندَ قولِهِ تعالى: ﴿والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ ولا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ ألِيمٍ ﴾ [التوبة: ٣٤].
{"ayahs_start":6,"ayahs":["قُلۡ إِنَّمَاۤ أَنَا۠ بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ یُوحَىٰۤ إِلَیَّ أَنَّمَاۤ إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱ فَٱسۡتَقِیمُوۤا۟ إِلَیۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَیۡلࣱ لِّلۡمُشۡرِكِینَ","ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمۡ كَـٰفِرُونَ"],"ayah":"قُلۡ إِنَّمَاۤ أَنَا۠ بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ یُوحَىٰۤ إِلَیَّ أَنَّمَاۤ إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱ فَٱسۡتَقِیمُوۤا۟ إِلَیۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَیۡلࣱ لِّلۡمُشۡرِكِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق