الباحث القرآني

قال تعالى: ﴿لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ والأَقْرَبُونَ ولِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ والأَقْرَبُونَ مِمّا قَلَّ مِنهُ أوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ۝﴾ [النساء: ٧]. كان أهلُ الجاهليَّةِ يجعَلُونَ الميراثَ للرجالِ، ويَمْنَعُونَ النساءَ والصِّغارَ، فبيَّنَ اللهُ بُطْلانَ ذلك، وأنّ حقَّهم في الإرثِ مِن حقِّهم في القَرابَةِ، ولا فَرْقَ بينَ صغيرٍ وكبيرٍ، مِن الرجالِ والنساءِ، والفرقُ بينَ الذكورِ والإناثِ مقدَّرٌ بحكمتِهِ سبحانَهُ كما يأتي بيانُهُ بإذنِ اللهِ. قال سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ وقتادةُ: «كان المُشرِكونَ يجعلونَ المالَ للرجالِ الكِبارِ، ولا يُوَرِّثُونَ النساءَ ولا الأطفالَ شيئًا»[[«تفسير ابن كثير» (٢/٢١٩). وينظر: «تفسير الطبري» (٦/٤٣٠)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٣/٨٧٢).]]. والاشتراكُ في الميراثِ والحقُّ بينَهم لا يَختلِفُ في كثرةِ المالِ وقِلَّتِه، وذلك ظاهرٌ في قولِه: ﴿مِمّا قَلَّ مِنهُ أوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ۝﴾، فإذا كان المتروكُ دِرْهَمًا، كما لو كان المتروكُ قِنْطارًا، فلكلٍّ حقُّهُ ونَصِيبُهُ المفروضُ، لا تَمنَعُ مِن قِسْمةِ اللهِ وحقوقِ الوارِثِينَ قِلَّةُ المالِ، ولا تَدْفَعُهُمْ عليها كَثْرَتُهُ. وقيل: إنّ الآيةَ كانتْ قبلَ تقديرِ اللهِ فرائضَ الوَرَثَةِ، فكان لكلٍّ نصيبُهُ ضربًا ما تراضَوْا، ثمَّ نُسِخَتْ بالفرائضِ في القرآنِ والسُّنَّةِ، وبهذا قال الشافعيُّ. تعصيبُ الأخواتِ مع البناتِ: وفي الآيةِ: ﴿لِلرِّجالِ﴾، وقولُه: ﴿ولِلنِّساءِ﴾ دليلٌ على عدمِ التفريقِ في الحقِّ بينَ الذكورِ والإناثِ، إلا ما دَلَّ عليه النصُّ، وقد اختُلِفَ في الأخواتِ: هل يكُنَّ عَصَباتٍ مع البناتِ كما يَرِثُ الإخوةُ معهنَّ تَعْصِيبًا؟: فذهَبَ جمهورُ العلماءِ: إلى توريثِهِنَّ تعصيبًا. وذهَبَ ابنُ عبّاسٍ: إلى عدمِ توريثِهنَّ مع البناتِ، وبقولِه قال داودُ. واختُلِفَ في إرثِ النساءِ بالوَلاءِ: فذهَبَ الجمهورُ: إلى أنّه لا ولاءَ لهنَّ، إلا فيما أعْتَقْنَ أو عَتَقَ مَن أعْتَقْنَ أو ولَدَ مَن أعْتَقْنَ خصوصًا. وذهَبَ طاوسٌ ومسروقٌ: إلى إرثِهِنَّ مِن الولاءِ كما يَرِثْنَ مِن المالِ، لعمومِ هذه الآيةِ، وقيل بشذوذِ هذا القولِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب