الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ والرَّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ واليَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: ٥٩].
أمَرَ اللهُ المؤمنينَ بطاعتِهِ وطاعةِ نبيِّه وأُولي الأمرِ.
معنى أُولي الأمرِ، والتلازُمُ بين السلطانِ والعلمِ:
والمرادُ بأُولي الأمرِ: هم العلماءُ، لأنّ اللهَ قَرَنَهُم بالنبيِّ ﷺ، ولأنّ الأصلَ: ألاَّ يُطاعَ إلاَّ بمعروفٍ، ولا يَعرِفُ المعروفَ ويُنكِرُ المُنكَرَ إلاَّ عالمٌ بهما، وقد كان السُّلْطانُ والعِلمُ متلازمَيْنِ، فأعظَمَ ما كانا تلازُمًا في النبيِّ ﷺ، ثمَّ في أبي بكرٍ فعمرَ فعثمانَ فعليٍّ، وقد كان لا يُوَلّى أحدٌ ولايةً إلاَّ وهو عالمٌ بشأنِها، حتى قَلَّ الأخذُ بهذا التلازُمِ وضعُفَ، فانقسَمَتِ الولايةُ بينَ سلطانٍ وعالمٍ، حتى رأى كثيرٌ مِن الناسِ عدمَ لزومِ العِلمِ للسُّلْطانِ، وعدمَ لزومِ الأمرِ ونفوذِهِ للعالِمِ، فقَضى الحاكمُ بجهلٍ، وانعزَلَ العالِمُ عن الأمرِ، وإنْ أمَرَ، لم يُسمَعْ له، فظهَرَتِ الفِتَنُ في الناسِ بتسلُّطِ الجاهلِ وإهدارِ أمرِ العالِمِ، وفِتنةُ الحاكِمِ: جهلُهُ، وفتنةُ العالِمِ: ضياعُ أمْرِه، ولم يُكْمِلْ بعضُهم بعضًا إلاَّ مَن رحِمَ اللهُ، أوْ ما تستقيمُ به مصالحُهُمْ، لا مصالحُ الناسِ، وربَّما حابى العالِمُ السُّلْطانَ فيما يُريدُ، فتأوَّلَ له ليَنالَ أو يحفَظَ جاهًا أو مالًا، وأعطى السلطانُ العالِمَ ما يُريدُ لِيحفَظَ به جاهَهُ وسُلْطانَهُ عندَ الناسِ ويُبقِيَ هواهُ شُبْهةً وشَهْوةً، ولو اجتمَعَ العِلمُ والسُّلْطانُ في واحدٍ، لَضعُفتْ دوافعُ الهوى والطمعِ، وقُضِيَ بالعدلِ والإنصافِ.
تفسيرُ السلفِ لأُولي الأَمْرِ:
وقد كان السلفُ يُفسِّرونَ أُولي الأمرِ بالعلماءِ والفُقهاءِ، وتارةً بالسُّلْطانِ الحاكِمِ، وهذا مِن التنوُّعِ، لتلازُمِ الوصفَيْنِ في عُرْفِهم غالبًا، وعدَّهُ كثيرٌ مِن النَّقَلَةِ قولَيْنِ للصحابةِ أو للتابعينَ، وأكثرُهم ما كانوا يَقْصِدُونَ إلاَّ الدلالةَ على العينِ بأحدِ أوصافِها، فهم إنْ قالوا: أُولو الأمرِ هم العلماءُ، فلا يَعْنُونَ تعدُّدَ الوُلاةِ لتعدُّدِ العلماءِ وكثرتِهم، ولكنْ لأنّ الأصلَ أنّ العلماءَ لا يختلِفونَ في أمرِ العامَّةِ ومصالِحِ الأمَّةِ، وإنِ اختلَفُوا في الاجتهادِ، تطاوَعُوا في العملِ، فلم يتنازَعُوا لأجلِ أنفُسِهم وأهوائِهم، سواءٌ كان العالِمُ معه قوةُ سُلْطانٍ أو لم يكنْ معه قوةُ سُلْطانٍ، لأنّ سلطانَ العالِمِ أقْوى مِن سلطانِ الأمرِ، ولذا كان أكثرُ السلفِ يُفسِّرونَ أُولي الأمرِ بالعلماءِ، فقد صحَّ هذا عن ابنِ عبّاسٍ، رواهُ عليُّ بنُ أبي طلحةَ، عنه[[«تفسير الطبري» (٧/١٨٠)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٣/٩٨٩).]].
وقال به عامَّةُ السلفِ، كأبي العاليةِ وعطاءٍ ومجاهدٍ والحسنِ والنخَعيِّ وبكرٍ المُزَنِيِّ وعِكْرِمةَ[[ينظر: «تفسير الطبري» (٧/١٧٩ ـ ١٨١)، و«تفسير ابن المنذر» (٢/٧٦٦)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٣/٩٨٩).]].
والآيةُ نزَلَتْ في طاعةِ أميرِ الجيشِ والجندِ، وهي الولايةُ الصُّغْرى، فالولايةُ ولايتانِ، كما أنّ البيعةَ بيعتانِ، بيعةٌ وولايةٌ صُغرى، وبيعةٌ وولايةٌ كُبرى، فقد روى الشيخانِ، عن ابنِ عبّاسٍ، قال: «نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ، إذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي سَرِيَّةٍ»[[أخرجه البخاري (٤٥٨٤) (٦/٤٦)، ومسلم (١٨٣٤) (٣/١٤٦٥).]].
الطاعةُ بالمعروفِ:
وتجبُ الطاعةُ بالمعروفِ في غيرِ معصيةِ اللهِ للأُمراءِ والحُكّامِ، ولو لم يكُنِ المأمورُ به واجبًا، أو المنهيُّ عنه محرَّمًا، إنْ كان فيه مصلحةٌ للناسِ: يجبُ بالأمرِ، ويُمنَعُ بالنهيِ، لا لِذاتِه، وإنّما لمآلِه، فلا يُحِلُّ ولا يُحرِّمُ الأشياءَ بِذاتِهِ إلاَّ اللهُ، ومَن جعَلَ هذا مِن خصائِصِ أحدٍ، فقد كفَرَ، ولكنْ يُؤجَرُ المطيعُ للحاكِمِ، لا لِذاتِ الفعلِ المُباحِ الذي أُمِرَ به، ولا لِذاتِ التركِ للمباحِ المنهيِّ عنه، وإنّما لمآلِهِ ومقدارِ انتفاعِ الناسِ به، ودفعِ المفاسِدِ عنهم به، ومتى انْتَفَتِ المصلحةُ منه، تُرِكَ، فلا يجوزُ للحاكِمِ الأمرُ به ولا النهيُ عن ضدِّه، ومَن ترَكَ مِن الرعيَّةِ أمرَ الحاكمِ، لأنّه يَرى أنّ المفسدةَ في حقِّه مُنتفِيةٌ عندَ تركِهِ وتيقَّنَ مِن ذلك، لم يكنْ آثِمًا لمجرَّدِ تَرْكِه، وإنّما لوقوعِ المفسدةِ اللاحِقةِ مِن تركِهِ للأمرِ أو فعلِهِ للنهيِ لو وقعَتْ، لأنّه لا يُثابُ على فعلِ المأموراتِ نفسِها، ويُؤَثَّمُ على تركِ المنهيّاتِ نفسِها، إلاَّ إنْ كان الآمِرُ والناهي هو اللهَ، ولو لم تتَّضِحْ للعبدِ الحِكْمةُ مِن الأمرِ والنهيِ.
ولا تُترَكُ طاعةُ الأميرِ لمجرَّدِ الظنِّ بعدمِ وُرُودِ المفسدةِ مِن مخالفتِه، لأنّ هذا البابَ لو فُتِحَ، لَوُكِلَ العامَّةُ إلى ظنونِهم وأهوائِهم، ففسَدَ أمرُ الناسِ واجتماعُهم، لِعَمَلِ كلِّ واحدٍ بظَنِّهِ لمصلحتِهِ وهواهُ، وتعطَّلَ الأمرُ، وفسَدَتْ ولايةُ السُّلْطانِ، وضعُفتْ هيبتُهُ في النفوسِ.
ولا يُطاعُ السُّلْطانُ في معصيةِ اللهِ، ومَن أطاعَهُم في معصيةِ اللهِ، أثِمَ، ففي «المسندِ»، و«الصحيحَيْنِ» عن عليٍّ، قال: «بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ سَرِيَّةً، واسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنَ الأَنْصارِ، قالَ: فَلَمّا خَرَجُوا، قالَ: وجَدَ عَلَيْهِمْ فِي شَيْءٍ، قالَ: فَقالَ لَهُمْ: ألَيْسَ قَدْ أمَرَكُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ أنْ تُطِيعُونِي؟ قالَ: قالُوا: بَلى، قالَ: فَقالَ: اجْمَعُوا حَطَبًا، ثُمَّ دَعا بِنارٍ، فَأَضْرَمَها فِيهِ، ثُمَّ قالَ: عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَتَدْخُلُنَّها، قالَ: فَهَمَّ القَوْمُ أنْ يَدْخُلُوها، قالَ: فَقالَ لَهُمْ شابٌّ مِنهُمْ: إنَّما فَرَرْتُمْ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنَ النّارِ، فَلا تَعْجَلُوا حَتّى تَلْقَوُا النَّبِيَّ ﷺ، فَإنْ أمَرَكُمْ أنْ تَدْخُلُوها، فادْخُلُوها، قالَ: فَرَجَعُوا إلى النَّبِيِّ ﷺ، فَأَخْبَرُوهُ، فَقالَ لَهُمْ: (لَوْ دَخَلْتُمُوها، ما خَرَجْتُمْ مِنها أبَدًا، إنَّما الطّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ)»[[أخرجه أحمد (٦٢٢) (١/٨٢)، والبخاري (٤٣٤٠) (٥/١٦١)، ومسلم (١٨٤٠) (٣/١٤٦٩).]].
الفرقُ بين ولايةِ المسلمِ والكافِرِ:
وفي توجيهِ الخِطابِ للمؤمنينَ: دليلٌ على أنّ الطاعةَ مِن المؤمنينَ للمؤمنينَ، لا مِن المؤمنينَ للكافِرِينَ، فلا يُطاعُ الكافرُ تديُّنًا وعبادةً، وإنّما يُطاعُ في الحقوقِ والأماناتِ للمصلحةِ لا تديُّنًا، ويأثَمُ المخالِفُ بحسَبِ وُرُودِ المفسدةِ مِن فِعلِهِ ووقوعِ الضررِ على غيرِه، ولمّا أطلَقَ اللهُ الطاعةَ لأُولي الأمرِ، دلَّ على أنّ المقصودَ ولايةُ المسلمِ، لأدلةٍ مِن هذه الآيةِ:
الأولُ: أنّ الخِطابَ للمؤمِنِينَ، والتكليفَ منهم إليهم، ويدُلُّ على هذا أنّ اللَّهَ قال: ﴿وأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾، يعني: مِن المؤمنينَ، لا مِن غيرِهم.
الـثـاني: أنّ اللهَ جعَلَ الطاعةَ لأُولِي الأمرِ بعدَ طاعتِهِ وطاعةِ نبيِّه، لأنّ الأصلَ عدمُ مخالَفَةِ أُولي الأمرِ المؤمنينَ لأمرِ اللهِ، لأنّهم تَبَعٌ له.
الـثـالثُ: أنّ اللهَ قرَنَ طاعةَ أُولي الأمرِ بطاعةِ النبيِّ ﷺ، فجعَلَ اللهُ طاعتَهُ بأمرٍ: ﴿أطِيعُوا اللَّهَ﴾، ثمَّ جعَلَ طاعةَ النبيِّ والأولياءِ بأمرٍ واحدٍ: ﴿وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾، إشارةً إلى أنّ وِلايتَهُمْ هي كولايةِ النبيِّ، وهي الإيمانُ باللهِ والانقيادُ له، وولايتُهم فرعٌ عن ولايةِ النبيِّ ﷺ.
الـرابـعُ: أنّ اللهَ أمَرَ عندَ النِّزاعِ بالرجوعِ إلى اللهِ والرسولِ في قولِه تعالى: ﴿فَإنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ والرَّسُولِ﴾، والأمرُ للآمِرِ والمأمورِ، ولا ينصرفُ ذلك إلاَّ إلى المؤمنينَ.
الخامسُ: أنّ اللهَ بعدَ ذِكْرِ وجوبِ الرجوعِ عندَ النِّزاعِ إلى حُكْمِ اللهِ والرسولِ ﷺ شَرَطَ الإيمانَ في قولِهِ: ﴿إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ واليَومِ الآخِرِ﴾، وهذا الشرطُ للمتنازِعِينَ حُكّامًا ومحكومينَ.
السادسُ: أنّ اللهَ ذكَرَ وصْفَ الاتِّباعِ بعدَ النِّزاعِ بقولِه: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ وأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾، وهذا لا يُوصَفُ به إلا مؤمِنٌ، فلا يُوصَفُ المُشرِكُ الظالِمُ لنفسِهِ في حقِّ ربِّه بالخيريَّةِ وحُسْنِ التأويلِ في عدلِهِ مع الخلقِ وهو ظالمٌ في حقِّ اللهِ.
توجُّه الخطاب في الآية للحاكم والمحكوم:
والأمرُ الأولُ في الآيةِ: ﴿أطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ عامٌّ لكلِّ المؤمنينَ، والأمرُ الذي بعدَه: ﴿وأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ للمحكُومِينَ مِن دونِ الحاكِمِينَ، والأمرُ الذي يَلِيهِ: ﴿فَإنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ والرَّسُولِ﴾ للحاكِمينَ والمحكومِينَ جميعًا: أنّ اللهَ يَقضي بينَهم جميعًا، وفيه نزولُ الحاكمِ والمحكومِ إلى حُكْمِ اللهِ وأمرِه، وأنْ لا حصانةَ للحاكِمِ في حُكْمِ اللهِ، ولا يُستضعَفُ محكومٌ مع حاكمٍ، فهم في حُكْمِ اللهِ سواءٌ.
وفي قولِه تعالى: ﴿وأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ دليلٌ على صلاحِ حُكْمِ اللهِ للعِبادِ في العاجلاتِ والمآلاتِ، وربَّما يستعجلُ العِبادُ غيرَهُ، فيَرَوْنَ قليلَ خيرِ العاجِلِ، ولا يرَوْنَ عظيمَ خيرِ الآجِلِ، أو يرَوْنَ قليلَ شرِّ العاجِلِ، ولا يرَوْنَ عظيمَ شرِّ الآجِلِ، فتنقلِبُ أحكامُهُ على خلافِ مُرادِ اللهِ وحُكْمِه.
وفي الآيةِ: إشارةٌ إلى أنّ أعظَمَ أسبابِ النِّزاعِ والخصوماتِ هو بسببِ التأويلِ الفاسِدِ الذي تَتَّخِذُهُ النفسُ تسويغًا لخروجِها عن مُرادِ اللهِ والاستئثارِ في الحقوقِ.
أحوالُ طاعةِ المأمورِ للأمرِ:
وإذا تقرَّرَ أنّ الخِطابَ للمؤمِنِينَ، وأنّ الأمَّةَ مجتمِعةٌ على أنّ السُّلْطانَ الكافِرَ لا يُخاطَبُ بهذه الآيةِ، لأنّ البَيْعةَ لا تصحُّ له، وشرطُ البيعةِ الطاعةُ، فهل نقولُ بعدمِ جوازِ طاعةِ الحاكِمِ الكافرِ اختيارًا بإطلاقٍ أو لا؟ أم في المسألةِ تفصيلٌ؟ نقولُ: إنّ طاعةَ المأمورِ للآمِرِ لها حالاتٌ:
الحالةُ الأُولى: طاعةُ المأمورِ لأجلِ الآمِرِ والمأمورِ به، وهذه لا تكونُ إلاَّ للحاكِمِ المسلِمِ صحيحِ البيعةِ، فيُتديَّنُ بطاعتِهِ بما أمَرَ اللهُ به بعدَ التديُّنِ بطاعةِ اللهِ، كأمرِ الأميرِ بالنَّفِيرِ للجهادِ والصدقةِ، فاللهُ أمَرَ بالجهادِ والصدقةِ، وأمَرَ بطاعةِ الأميرِ، والمُمْتَثِلُ يُؤجَرُ عليهما جميعًا.
الحالةُ الثانيةُ: طاعةُ المأمورِ لأجلِ الآمِرِ لا المأمورِ به، وذلك للحاكِمِ المسلِمِ صحيحِ البيعةِ بيعةً عامَّةً أو خاصَّةً، حينَما يأمُرُ بالمباحِ الذي لا يدُلُّ الدليلُ على الحَثِّ عليه، أو مكروهٍ لا يحرُمُ لمصلحةِ اجتماعِ الناسِ عليه، فيُطاعُ ويُؤجَرُ الطائعُ على طاعتِه للآمِرِ واحتسابِهِ في ذلك، لا على ذاتِ الفِعْلِ المباحِ أو المكروهِ، لأنّه لو فعَلَ المباحَ أو المكروهَ مجرَّدًا، لم يُؤجَرْ عليه، بل لو تعبَّدَ به وليس بعبادةٍ، ابتدَعَ.
ويُؤجَرُ الفردُ الذي يفعلُ المباحَ أو المكروهَ بلا أمرٍ لِذاتِ العِلةِ، ولو لم يُؤمَرْ بذلك، كأنْ يرى مصلحةَ الناسِ ورَفْعَ الحَرَجِ عنهم بفعلِه، فيُؤجَرُ على قصدِهِ وثمرةِ عملِه، لا لِذاتِ فِعْلِه.
الحالةُ الثالثةُ: طاعةُ المأمورِ لأجلِ المأمورِ به لا لأجلِ الآمِرِ، وهذا يكونُ للسُّلْطانِ الكافرِ ولو لم تَصِحَّ بيعتُه، ولا يجوزُ أنْ يُتعبَّدَ بطاعةِ الحاكِمِ غيرِ المسلِمِ ويُتديَّنَ بها، ويُطاعُ لأجلِ المأمورِ به الذي تظهَرُ مصلحةُ الناسِ فيه، كالمصالِحِ العامَّةِ في البلديّاتِ وتنظيمِ الطُّرُقِ والوظائفِ والحقوقِ، ما لم تُخالِفْ حُكْمَ اللهِ ونبيِّه ﷺ، وإذا أمَرَ الحاكمُ غيرُ المسلِمِ بشيءٍ لا تظهَرُ فيه مصلحةُ الناسِ، لم تَجِبْ طاعتُه، وجازَتْ مخالفتُهُ، لأنّ طاعتَهُ ليستْ بِدِينٍ، ولا يجوزُ التديُّنُ بطاعتِهِ ولو أمَرَ بطاعةِ اللهِ، وإنّما يُتديَّنُ للهِ وحدَهُ بما أمَرَ به سبحانه.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُوا۟ ٱلرَّسُولَ وَأُو۟لِی ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَـٰزَعۡتُمۡ فِی شَیۡءࣲ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِۚ ذَ ٰلِكَ خَیۡرࣱ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِیلًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق