الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿والمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إلاَّ ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وأُحِلَّ لَكُمْ ما وراءَ ذَلِكُمْ أنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَما اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ولا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الفَرِيضَةِ إنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: ٢٤].
الإحصانُ يُطلَقُ في القرآنِ على مَعانٍ:
منها: إحصانُ النِّكاحِ والزواجِ، فالمتزوِّجُ مِن الرجالِ والنساءِ يُسمّى مُحْصَنًا.
ومِن مَعاني الإحصـانِ: إحصانُ عفافٍ وبُعْدٍ عن الفاحشةِ، ومِن هذا قولُ اللهِ تعالى: ﴿ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أنْ يَنْكِحَ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ﴾ [النساء: ٢٥]، وقولُه تعالى: ﴿والمُحْصَناتُ مِنَ المُؤْمِناتِ والمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ﴾ [المائدة: ٥]، يعني: العفيفاتِ، ومنه قولُه تعالى: ﴿والَّتِي أحْصَنَتْ فَرْجَها﴾ [الأنبياء: ٩١]، يعني: أعَفَّتْهُ وعَصَمَتْهُ مِن الحَرامِ، ومنه قولُه تعالى: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ﴾ [النور: ٤]، يعني: العفيفاتِ البعيداتِ عن الفاحشةِ.
ومِن مَعاني الإحصانِ: الحريَّةُ، وأُلحِقَ وصفُ الإحصانِ بالحرائرِ، لغلبةِ العفافِ عليهنَّ بخلافِ الجَوارِي، ومِن هذا قولُه تعالى: ﴿ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أنْ يَنْكِحَ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ﴾ [النساء: ٢٥]، وفرقٌ بينَ وصفِ الإيمانِ، ووصفِ الإحصانِ.
ومِثلُه قولُه تعالى في المائدةِ: ﴿والمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ [٥]، فسَّرَ ابنُ عبّاسٍ الإحصانَ بالحريَّةِ[[«تفسير الطبري» (٨/١٣٩).]].
ومِن مَعاني الإحصانِ: الإسلامُ، كما في قولِه تعالى: ﴿فَإذا أُحْصِنَّ فَإنْ أتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلى المُحْصَناتِ مِنَ العَذابِ﴾ [النساء: ٢٥]، فسَّرَ الإحصانَ بالإسلامِ: ابنُ مسعودٍ والشَّعْبيُّ والحَسَنُ والنخَعيُّ والسُّدِّيُّ[[«تفسير الطبري» (٦/٦٠٩ ـ ٦١١)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٣/٩٢٣).]] والشافعيُّ[[«تفسير القرطبي» (٦/٢٣٧)، و«تفسير ابن كثير» (٢/٢٦١).]].
واختلَفَ كلامُ المفسِّرينَ في المرادِ بالمُحْصَناتِ في هذه الآيةِ:
وأكثرُ السلفِ على أنّ المرادَ بالمحصناتِ هنا هُنَّ النساءُ اللاتي في عِصْمةِ أزواجٍ، فهنَّ مِن المُحرَّماتِ أنْ يُعقَدَ عليهنَّ، واسْتَثْنى اللهُ المملوكاتِ المَسْبِيّاتِ، ولو كُنَّ في عِصْمةِ زوجٍ مُشْركٍ، فيَبطُلُ نكاحُها بسَبْيِها ومِلْكِها، روى ابنُ جريرٍ، عن عليِّ بنِ أبي طَلْحَةَ، عن ابنِ عبّاسٍ، في قولِه: ﴿والمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إلاَّ ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ﴾، يقولُ: «كلُّ امرأةٍ لها زوجٌ، فهي عليك حرامٌ، إلاَّ أمَةً مَلَكْتَها ولها زوجٌ بأرضِ الحربِ، فهي لك حلالٌ إذا اسْتَبْرَأْتَها»[[«تفسير الطبري» (٦/٥٦٢)، و«تفسير ابن المنذر» (٢/٦٣٥)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٣/٩١٦).]].
ورواهُ سعيدُ بنُ جُبيرٍ، عن ابنِ عبّاسٍ[[«تفسير الطبري» (٦/٥٦٢)، و«تفسير ابن المنذر» (٢/٦٣٦).]].
وقاله أبو قلابةَ ومكحولٌ وابنُ زيدٍ وغيرُهم[[«تفسير الطبري» (٦/٥٦٣).]].
وهذا قولُ جُمهورِ العلماءِ، وقيَّدَ أبو حنيفةَ وأحمدُ فَسْخَ المَسْبِيَّةِ مِن زوجِها المُشرِكِ إذا سُبِيَتْ وحدَها دُونَهُ، سواءٌ كان سبيُها قَبْلَهُ أو بعدَهُ.
وقيل: إنّ المرادَ بالمُحْصَناتِ في الآيةِ: العفيفاتُ، وبهذا قال أبو العاليةِ وطاوسٌ وغيرُهما[[«تفسير الطبري» (٦/٥٦٨ ـ ٥٦٩)، و«تفسير ابن كثير» (٢/٢٥٨).]]، ومعنى ذلك على هذا القولِ: أنّ اللهَ حرَّمَ العفيفاتِ إلاَّ بعقدِ نكاحٍ ووليٍّ وشهودٍ ومَهْرٍ، ويحرُمُ ما زاد عن أربعٍ منهنَّ.
والقولُ الأولُ أصحُّ، والقولُ الثاني يَعضُدُ أنّ المرادَ بقولِه تعالى: ﴿ولا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ﴾ [النساء: ٢٢]، أيْ: ما وطِئَها الأبُ بعَقْدٍ ونِكاحٍ، لا بِزِنًى وسِفاحٍ، وأنّ الموطوءةَ بسِفاحٍ مِن الأبِ لا تحرُمُ على الابنِ.
والأرجحُ: أنّ المرادَ بالمُحْصَناتِ في هذه الآيةِ: النساءُ المتزوِّجاتُ، فقد نزَلَتِ الآيةُ في سَبْيِ أوْطاسٍ، حيثُ سُبِينَ وهنَّ تحتَ أزواجٍ، فتحرَّجَ الصحابةُ مِن ذلك رضي الله عنهم، فأنزَلَ اللهُ هذه الآيةَ، كما روى أحمدُ ومسلمٌ في «صحيحِه»، مِن حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ، قال: «أصَبْنا نساءً مِن سَبْيِ أوْطاسٍ، ولهنَّ أزواجٌ، فكَرِهْنا أنْ نَقَعَ عليهنَّ ولهنَّ أزواجٌ، فسأَلْنا النبيَّ ﷺ، فنزَلَتْ هذه الآيةُ: ﴿والمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إلاَّ ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ﴾، فاسْتَحْلَلْنا بها فُرُوجَهُنَّ»[[أخرجه أحمد (١١٦٩١) (٣/٧٢)، ومسلم (١٤٥٦) (٢/١٠٧٩).]].
اعتبارُ بَيْعِ الأمَةِ طلاقًا:
وقولُه تعالى: ﴿إلاَّ ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ﴾: أخَذَ بعضُ السلفِ منه: أنّ بيعَ الأَمَةِ طلاقٌ لها مِن زوجِها، لأنّ اللهَ ذَكَرَ حِلَّها لمالِكِها بمجرَّدِ مِلْكِها، ولازمُ ذلك: أنّ بيعَها فسخٌ أو طلاقٌ، وقد اختلَفَ العلماءُ في ذلك على قولَيْنِ:
القولُ الأولُ: أنّ البيعَ طلاقٌ، وبهذا قال ابنُ مسعودٍ، كما رواهُ النخَعيُّ، وقد سُئِلَ: الأَمَةُ تُباعُ ولها زوجٌ؟ قال: كان عبدُ اللهِ يقولُ: بيعُها طلاقُها، وتلا هذه الآيةَ: ﴿والمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إلاَّ ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ﴾ [[«تفسير الطبري» (٦/٥٦٥).]].
وروايةُ النخَعيِّ عن ابنِ مسعودٍ محمولةٌ على الاتِّصالِ ولو كانتْ منقطِعةً، فإنّه يَروي عن جماعةٍ عن ابنِ مسعودٍ.
وبهذا قال ابنُ عبّاسٍ وأُبَيٌّ وجابرٌ، رواهُ عنهم قتادةُ[[«تفسير الطبري» (٦/٥٦٦).]].
ورواهُ عن ابنِ عبّاسٍ عِكْرِمةُ[[«تفسير الطبري» (٦/٥٦٧).]].
وبه قال ابنُ المسيَّبِ والحسنُ وغيرُهم[[«تفسير الطبري» (٦/٥٦٦)، و«تفسير ابن المنذر» (٢/٦٣٧).]].
وهو روايةٌ عن مالكٍ.
القولُ الثاني: قالوا: إنّ البيعَ ليس بطلاقٍ حتى تُطلَّقَ مِن زوجِها، حرًّا كان أو عبدًا، وإنّ الآيةَ خاصَّةٌ بمَن سُبِيَتْ، وهي تحتَ كافرٍ، وهذا سَبْيٌ وليس بيعًا، وإنّ الزواجَ مِن الأَمَةِ قد يكونُ لغيرِ مالِكِها، فيُسقِطُ مالكُها منفعَتَهُ ببُضْعِها ويُزوِّجُها غيرَهُ لحرٍّ أو عبدٍ، فبائعُها لا يَملِكُ فَرْجَها وكذلك مُشترِيها، والمُشترِي في ذلك كالبائعِ.
وبهذا قال جمهورُ الفقهاءِ، واحتَجُّوا بحديثِ بَرِيرَةَ، حيثُ اشتَرَتْها عائشةُ وهي في عِصْمةِ زَوْجِها مُغِيثٍ، وهو عبدٌ، حيثُ أنجَزَتْ ثَمَنَها وأعتَقَتْها، وبَقِيَتْ في عِصْمةِ مُغيثٍ زوجِها قبلَ بيعِها، وخُيِّرَتْ بينَ البقاءِ أو تركِهِ، فاختارتْ تَرْكَهُ، والحديثُ في «الصحيحَيْنِ»[[أخرجه البخاري (٥٠٩٧) (٧/٨)، ومسلم (١٥٠٤) (٢/١١٤٣).]].
وهذا قولُ جمهورِ الفقهاءِ، كأبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ، ورُوِيَ هذا عن عمرَ وعثمانَ وعليٍّ.
ثمَّ قال تعالى: ﴿كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وأُحِلَّ لَكُمْ ما وراءَ ذَلِكُمْ﴾، أيْ: أحَلَّ اللهُ لكم غيرَ ما ذُكِرَ، وما كَتَبَ عليكم تحريمَهُ.
وبقولِه تعالى: ﴿وأُحِلَّ لَكُمْ ما وراءَ ذَلِكُمْ﴾ توقَّفَ بعضُ الصحابةِ والتابِعينَ في تحريمِ الجمعِ بينَ الأُختَيْنِ الأَمَتَيْنِ بالوطءِ، وقالُوا: «أحَلَّتْهُما آيةٌ» يَعْنُونَ هذه الآيةَ، «وحرَّمَتْهُما آيةٌ»، يعني: الآيةَ السابقةَ في قولِه تعالى منها: ﴿وأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ﴾ [النساء: ٢٣].
وتقدَّمَ الكلامُ على ذلك.
وفي الآيةِ: جوازُ نِكاحِ النِّساءِ ولو تبايَنَتْ أعمارُ الزوجَيْنِ، فيجوزُ أنْ يتزوَّجَ الكبيرُ الصغيرةَ، وأنْ يتزوَّجَ الصغيرُ الكبيرةَ، فاللهُ فَصَّلَ الحرامَ، وأجمَلَ الحلالَ، وكلُّ ما لم يُفَصِّلْهُ اللهُ ويحرِّمه، فهو مِن الحلالِ، وفي الآيةِ حِلُّ نِكاحِ المَوالِي مِن الحرائرِ، والأحرارِ مِن الإماءِ، وأنّ الناسَ يَسْتَوُونَ في بابِ النِّكاحِ في النَّسَبِ، إذْ لا اعتبارَ بتفاوُتِ الأَنْسابِ والأَحْسابِ في صِحَّةِ النِّكاحِ، وإنْ كانَتِ المَفاسِدُ تَلْحَقُ الزوجَ أو الزوجةَ وأهلَهما مِن ذلك، فيُنهى عن ذلك، ولا يُحرَّمُ لِذاتِه.
وقولُه تعالى: ﴿أنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ﴾ فيه إشارةٌ إلى القُدْرةِ الماليَّةِ في الرجُلِ، وأنْ يكونَ مُرِيدًا للإحْصانِ والعَفافِ له أو لزَوْجِهِ.
وفي هذا وفي قولِه تعالى بعدَ ذلك: ﴿فَما اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ دليلٌ على وجوبِ المهرِ في النِّكاحِ، وتقدَّمَ الكلامُ على المهرِ وأحكامِهِ في سورةِ البقرةِ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿وإنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ﴾ [٢٣٧]، وفي أولِ سُورةِ النِّساءِ عندَ قولِه تعالى: ﴿وآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [٤].
نكاحُ المُتْعةِ:
وفي الآيةِ: إشارةٌ إلى مُتْعةِ النِّساءِ قبلَ النسخِ في قولِه تعالى: ﴿فَما اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾، وكان ابنُ عبّاسٍ وأُبَيٌّ يَقرَأانِ: «فَما اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنهُنَّ إلى أجَلٍ مسمًّى»[[«تفسير الطبري» (٦/٥٨٧ ـ ٥٨٨).]].
وعامَّةُ السلفِ والأئمَّةِ على نسخِ نِكاحِ المُتْعةِ وتحريمِهِ، وإنّما اختلَفُوا في عَدَدِ مَرّاتِ حِلِّهِ ونَسْخِهِ:
فمنهم مَن قال: إنّ اللهَ أحَلَّهُ ثمَّ حرَّمَهُ ثمَّ نسَخَ التحريمَ فأحَلَّه ثمَّ نسَخَه إلى التحريمِ، وكان ختامُ الأمرِ النسخَ، وهذا قولُ الشافعيِّ.
ومنهم مَن قال: إنّ اللهَ حرَّمَهُ مرةً واحدةً، ولم يُحرَّمْ غيرَها، وبَقِيَ التحريمُ على ذلك.
ولابنِ عبّاسٍ قولٌ بحِلِّ نِكاحِ المتعةِ للحاجَةِ، ورُوِيَ عن أحمدَ للضرورةِ، ولا شَكَّ أنّه دونَ الزِّنى، لأنّ اللهَ لا يُحِلُّ الزِّنى، وقد أحَلَّ اللهُ المتعةَ، ثمَّ حرَّمَها، والتحريمُ مقطوعٌ به مستفيضٌ في السُّنَّةِ، ومِن ذلك ما في «الصحيحَيْنِ»، مِن حديثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، قال: «نَهى رسولُ اللهِ ﷺ عَنْ نِكاحِ المُتْعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وعَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ»[[أخرجه البخاري (٤٢١٦) (٥/١٣٥)، ومسلم (١٤٠٧) (٢/١٠٢٧).]].
ومِن ذلك: ما في مسلمٍ، مِن حديثِ الربيعِ بنِ سَبْرَةَ بنِ مَعْبَدٍ الجُهَنِيِّ، عن أبيه، أنّه غَزا مع رسولِ اللهِ ﷺ يومَ فتحِ مكةَ، فقال: (يا أيُّها النّاسُ، إنِّي قَدْ كُنْتُ أذِنْتُ لَكُمْ فِي الاِسْتِمْتاعِ مِنَ النِّساءِ، وإنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، فَمَن كانَ عِنْدَهُ مِنهُنَّ شَيْءٌ، فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ، ولا تَأْخُذُوا مِمّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا)[[أخرجه مسلم (١٤٠٦) (٢/١٠٢٥).]].
وفي روايةٍ عندَ أبي داودَ: أنّ ذلك كان في حَجَّةِ الوداعِ[[أخرجه أبو داود (٢٠٧٢) (٢/٢٢٦).]]، وهي روايةٌ شاذَّةٌ.
وفي مسلمٍ، مِن حديثِ سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عامَ أوْطاسٍ فِي المُتْعَةِ ثَلاثًا، ثُمَّ نَهى عَنْها»[[أخرجه مسلم (١٤٠٥) (٢/١٠٢٣).]]
وعامُ أوْطاسٍ وفتحِ مكةَ واحدٌ.
ورُوِيَ عن ابنِ عبّاسٍ روايةٌ بالتحريمِ، وروايةُ الجوازِ أصحُّ عنه وأشهَرُ.
وقولُه تعالى: ﴿ولا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الفَرِيضَةِ﴾.
على قولِ مَن قال: إنّ الآيةَ نزَلَتْ في نِكاحِ المُتْعةِ، والمتعةُ هي النكاحُ إلى أجَلٍ بيِّنٍ مشروطٍ، فمعنى الآيةِ: لا حَرَجَ عليكم مِن الزيادةِ على ذلك الأجَلِ المُسمّى بإضافةِ أجَلٍ جديدٍ قبلَ أنْ يَحِلَّ الأجَلُ الأولُ، فإذا حَلَّ، مَلَكَتْ نفسَها مِن زوجِها.
وقال ابنُ عبّاسٍ في التراضِي بالآيةِ بعدَ الفريضةِ: أنْ يُوَفِّيَها مهرَها ثمَّ يُخيِّرَها بينَ البقاءِ عندَهُ وبينَ مفارقتِهِ إحسانًا ومعروفًا منه، وهو صحيحٌ عنه، رواهُ عليُّ بنُ أبي طلحةَ عنه، أخرَجَهُ ابنُ جريرٍ وغيرُهُ[[«تفسير الطبري» (٦/٥٩١)، و«تفسير ابن المنذر» (٢/٦٤٦)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٣/٩٢٠).]].
وختمُ اللهِ لِما سبَقَ بقولِه: ﴿إنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ إشارةٌ إلى أنّ اللهَ لا يَقْضِي لعِبادِهِ إلا الحقَّ والخيرَ ممّا يُصْلِحُهُمْ، فيَحْكُمُ بعِلْمٍ ويَقضي برَحْمةٍ، فإنّ مِن القضاءِ وحُكْمِ اللهِ ما لا تَظهَرُ حِكْمَتُهُ وعِلَّتُهُ لبعضِ الناسِ، فوَكَلَ اللهُ ذلك لعِلْمِهِ الواسعِ الذي لا يُحِيطُ به أحدٌ، والواجبُ التسليمُ والرِّضا والانقيادُ ولو قَصَرَتِ الأفهامُ عن المقاصِدِ، وهذه مرتبةُ أهلِ اليقينِ والصِّدْقِ مِن المؤمنينَ لا يَمنَعُهم خفاءُ العِللِ عن التسليمِ والرِّضا.
{"ayah":"۞ وَٱلۡمُحۡصَنَـٰتُ مِنَ ٱلنِّسَاۤءِ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡۖ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاۤءَ ذَ ٰلِكُمۡ أَن تَبۡتَغُوا۟ بِأَمۡوَ ٰلِكُم مُّحۡصِنِینَ غَیۡرَ مُسَـٰفِحِینَۚ فَمَا ٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهِۦ مِنۡهُنَّ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِیضَةࣰۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ فِیمَا تَرَ ٰضَیۡتُم بِهِۦ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡفَرِیضَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِیمًا حَكِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق