الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وإنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَها النِّصْفُ ولِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ إنْ كانَ لَهُ ولَدٌ فَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ولَدٌ ووَرِثَهُ أبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإنْ كانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصِي بِها أوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أيُّهُمْ أقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: ١١].
إحكامُ الله لأمورِ الأموالِ في الإسلامِ:
مِن إحكامِ اللهِ في الأموالِ: أنْ ذَكَرَ المواريثَ بعدَ فصلِهِ في أمورِ الأموالِ الأُخرى في هذه السورةِ، فالمواريثُ تكونُ بعدَ موتِ صاحِبِ المالِ، ويَسبِقُ المواريثَ الوصيَّةُ، لأنّها قبلَ موتِه، ويَسبقُ الوصيَّةَ نفقتُه على ذريَّتِه، وقبلَ نفقتِه على ذريتِه نفقتُه على زوجتِه، وقبلَ نفقتِه على زوجتِه مهرُها وصَداقُها، فبيَّنَ اللهُ تلك الأحكامَ بالترتيبِ على وقوعِها في الحياةِ.
ترابُطُ الأمورِ الماليَّة بعضِها ببعضٍ:
فقال تعالى في الحِياطةِ في أمرِ الأموالِ: ﴿وآتُوا اليَتامى أمْوالَهُمْ ولا تَتَبَدَّلُوا الخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ [النساء: ٢].
ثمَّ ذكَرَ اللهُ بعدَ ذلك بدايةَ تكوُّنِ الذريَّةِ بالزواجِ، فبيَّنَ الحقوقَ الماليَّةَ لها، فقال: ﴿وآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ﴾ [النساء: ٤].
ثمَّ بعدَ العقدِ والدخولِ تَكُونُ النفقةُ والكِسْوةُ عليها وعلى ذريَّتِها منه، فقال: ﴿وارْزُقُوهُمْ فِيها واكْسُوهُمْ﴾ [النساء: ٥].
ثمَّ بيَّنَ حالَ الوصيَّةِ وحذَّرَ مِن أسبابِ الحَيْفِ فيها.
وهذا تسلسلٌ وإحكامٌ لا يُفهَمُ ما بعدَهُ إلا به، وعدلُ اللهِ في الأموالِ متلازِمٌ، لا يُفهَمُ أوَّلُهُ إلاَّ بفهمِ آخِرِه، ولا يُفهَمُ أوسَطُهُ إلا بفهمِ أوَّلِهِ وآخِرِه.
وقد تشبَّثَ بعضُ أهلِ الأهواءِ مِن الملاحِدةِ وبعضُ النصارى طعنًا في الشريعةِ: أنّ إعطاءَ الابنِ ضِعْفَ ما للبنتِ ليس مِن العدلِ، وفَصَلُوها عمّا قبلَها مِن الآياتِ التي تُوجِبُ على الرجلِ القيامَ على الأُنثى، فإنْ كانتْ صغيرةً أو كبيرةً بلا زوجٍ، أنفَقَ عليها: ﴿وارْزُقُوهُمْ فِيها واكْسُوهُمْ﴾ [النساء: ٥]، وهي في الصِّغار والنساءِ بالاتِّفاقِ ولو كانتِ المرأةُ كبيرةً، وأمّا الرجُلُ لو كَبِرَ فيجبُ عليه العملُ والتكسُّبُ بخلافِ المرأةِ، وإنْ تزوَّجَتْ، وجَبَ على الرجُلِ أنْ يُعطِيَها صداقَها، فهو على الرجُلِ لها، لا عليها له: ﴿وآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤]، ثمَّ يُنفِقُ عليها بعدَ ذلك إلى موتِها أو موتِه، فكان الوريثُ الذَّكَرُ أحوَجَ للمالِ مِن الأُنثى، لأنّ الأُنثى استعاضَتْ نفقةً وكفايةً قبلَ ذلك، ولا تَستقبِلُ مِثْلَها في حياتِها، لأنّها في ولايةِ وكفالةِ غيرِ والدِها كزوجِها أو ابنِها، بخلافِ الذَّكَرِ، فهو يَستقبِلُ نفقةً على غيرِهِ مِن أبنائِهِ وبناتِهِ وغيرِهم، والأُنثى لا تجبُ عليها النفقةُ على أحدٍ، ولو كانتْ غنيَّةً، ووليُّها أقَلَّ منها مالًا، وجَبَ عليه أنْ يُنفِقَ عليها، لا أنْ تُنفِقَ عليه، فالأُنثى مكفولةٌ قبلَ الميراثِ وبعدَه، والذَّكَرُ بخلافِها، لهذا كان نصيبُهُ في الميراثِ أكثَرَ منها.
والمرأةُ لا تدخُلُ في كثيرٍ مِن التكاليفِ الماليَّةِ والغراماتِ، فلا تدخُلُ في عاقِلَةِ الرجُلِ عندَ الدِّيَةِ، ولا تَضْمَنُ على ولدِها لو أفسَدَ مالَ غيرِه، وإنّما ذلك على الأولياءِ الرِّجالِ.
ومَن نظَرَ إلى هذه الآيةِ وفَصَلَها عن انتظامِها في الشريعةِ، كما في هذه السورةِ، لم يَفهَمْ إحكامَ الشريعةِ وعَدْلَها ودِقَّتَها.
واللهُ قدَّمَ الأولادَ على غيرِهِمْ في الذِّكْرِ والحقِّ في المواريثِ، لأنّهم أوْلى الناسِ بمالِ أبيهِم بعدَ موتِه، وإنْ كان الآباءُ والأمَّهاتُ أحَقَّ بالبِرِّ، ولكنَّ المواريثَ حَقٌّ ماليٌّ يتعلَّقُ بالحاجةِ لا بالبِرِّ الذي يفعَلُهُ الولدُ في حياتِه، فذاك انقطَعَ بموتِهِ عن والدَيْهِ، والميراثُ يحتاجُ إليه الأولادُ أكثَرَ مِن الوالدَيْنِ، لأنّ الوالدَيْنِ استقَلاَّ واكْتَفَيا، وغالبًا ما يكونُ العمرُ الباقي منهما أقَلَّ مِن العمرِ الباقي مِن أولادِ الميِّتِ، فالأولادُ يَستقبِلونَ حاجةً أشَدَّ مِن حاجةِ الوالدَيْنِ، فقُدِّمُوا لهذا الأمرِ، وقد يكونُ الأولادُ قُصَّرًا ضِعافًا، والوالدُ كبيرًا شديدًا.
والوالدانِ سبَقا الولدَ الميِّتَ بكفايةِ نَفْسَيْهما، والإخوةُ قارَنا الأخَ الميِّتَ بكفايةِ أنفُسِهم غالبًا، والأولادُ يَقْصُرُونَ عن الوالدَيْنِ والإخوةِ في كفايةِ أنفُسِهم، لهذا كانوا أحَقَّ بالإرثِ.
وقد قدَّمَ اللهُ الأولادَ، ثمَّ ثنّى بالوالدَيْنِ، لأنّهما أحَقُّ مِن الإخوةِ، لحاجتِهما لغلَبةِ الكِبَرِ والضَّعْفِ، بخلافِ الإخوةِ.
وقولُ اللَّهِ تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أوْلادِكُمْ﴾، الوصيَّةُ أمرٌ مِن اللهِ وفرضٌ منه بلا خلافٍ، فاللهُ ختَمَ هذه الآيةَ بقولِه: ﴿فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ﴾.
وقولُه تعالى: ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وإنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَها النِّصْفُ﴾.
ذَكَرَ اللهُ الذُّكُورَةَ والأُنُوثَةَ، ولم يَذْكُرِ الرجالَ والنساءَ، لِيَدْخُلَ في ذلك الصغيرُ والكبيرُ مِن الجنسَيْنِ، ولا فرقَ بينَ رضيعٍ وشيخٍ كبيرٍ، ولا فرقَ بينَ مجنونٍ وعاقلٍ.
أحوالُ إرثِ الأولادِ:
وللأولادِ في الميراثِ باعتبارِ جنسِهم وعَدَدِهم حالاتٌ ثلاثٌ:
الحـالةُ الأُولى: إذا كان الوارثُ ذَكَرًا، سواءٌ كان واحدًا أو أكثَرَ مِن ذلك، فلهم جميعُ المالِ يتقاسَمُونَهُ بينَهم بالسويَّةِ إذا لم يُوجَدِ الأصلُ الوارثُ، وهما الأبوانِ، فللأبوَيْنِ مع الأولادِ السُّدُسُ، وللولدِ الباقي واحدًا أو جماعةً بلا خلافٍ.
الحالةُ الثانيةُ: إذا كان الوارثُ أُنثى، فإنْ كانتْ واحدةً، فلها النِّصْفُ، وإنْ كانَتا اثنتَيْنِ فأكثَرَ، فلهما الثلُثانِ بالسويَّةِ بينَهُنَّ، وُجِدَ الأبوانِ أو لم يُوجَدا، فنِصابُ البناتِ واحدٌ بلا خلافٍ.
الحـالةُ الـثـالثةُ: إذا كان الوارثُ مِن الجنسَيْنِ ذكورًا وإناثًا، فللذَّكَرِ مِثلُ حظِّ الأُنْثَيَيْنِ مِن المالِ كلِّه إذا لم يُوجَدْ أبوانِ، وإنْ وُجِدا أو أحدُهما، فلكلِّ واحدٍ مِن الأبوينِ السدُسُ، والباقي للأبناءِ، للذَّكَرِ مِثلُ حظِّ الأُنْثَيَيْنِ، بلا خلافٍ، لظاهِرِ الآيةِ.
الوارثُ الابنُ الواحدُ له المالُ كاملًا، لأنّ هذا ظاهِرُ الآيةِ ومفهومُها، فقولُه: ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ﴾، وقولُه: ﴿وإنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَها النِّصْفُ﴾: ظاهِرُهُ: أنّ حَظَّ البنتِ وحْدَها النصفُ، فكذلك حظُّ الابنِ المالُ كاملًا إنْ كان وحدَهُ، لأنّه ضِعفُ نصيبِ البنتِ وحدَها، وهكذا فالولدُ وحدَهُ مع أبيهِ أوْلى مِن الأخِ وحدَهُ مع أختِه، فاللهُ يقولُ في الكلالةِ: ﴿إنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ ولَدٌ ولَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وهُوَ يَرِثُها إنْ لَمْ يَكُنْ لَها ولَدٌ﴾ [النساء: ١٧٦].
وهذا لا خلافَ فيه، حَكى الإجماعَ عليه جماعةٌ، كابنِ عبدِ البَرِّ وابنِ رُشْدٍ وغيرِهما.
حكمُ الاثنتينِ من البناتِ حكم الثلاثِ في الميراث:
واتِّفاقُ العلماءِ على أنّ حُكْمَ الاثنتَيْنِ كحُكْمِ الثلاثِ، وما زاد عليهنَّ لهنَّ الثلُثانِ، ويُحكى خلافُ هذا بسندٍ لا يَثْبُتُ عن ابنِ عبّاسٍ في البنتَيْنِ، قال: إنّ الاثنتَيْنِ كالواحدةِ، لا كالثلاثِ وما زاد، وإنّ الثلُثَيْنِ لما زاد على اثنتَيْنِ، لظاهِرِ الآيةِ في قولِه: ﴿فَإنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ﴾.
وهو قولٌ لا يُعلَمُ مَن قال به مِن الصحابةِ، وقال بشذوذِه وعدمِ صحَّتِه بعضُ العلماءِ، كابنِ عبدِ البَرِّ وغيرِه[[«الاستذكار» (١٥ /٣٨٩).]].
وأمّا القولُ بأنّ أقَلَّ الجمعِ ثلاثةٌ، فهذا مِن مسائلِ الخلافِ، والأخذُ بأحدِ القولَيْنِ مِن مواضِعِ الاجتهادِ، ولكنْ في غيرِ مواضِعِ الإجماعِ، وفي غيرِ ما دَلَّ الدليلُ على خلافِه، كما في مسألةِ البنتَيْنِ والإخوةِ مع الأمِّ في قولِ اللَّهِ تعالى: ﴿فَإنْ كانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ﴾، فعلى القولِ بأنّ أقَلَّ الجمعِ ثلاثةٌ، لا يَحْجُبُ الأمَّ مِن الثلُثِ إلى السدُسِ إلا ثلاثةٌ مِن الإخوةِ فما زاد، لأنّه أقلُّ الجمعِ.
وقد يقولُ بعضُ الأئمَّةِ: إنّ أقَلَّ الجمعِ ثلاثةٌ، في أصلِهِ، ويقولونَ بخلافِهِ في التنزيلِ، لأدلَّةٍ خاصَّةٍ، كالحنابلةِ: يقولونَ بأنّ أقلَّ الجمعِ ثلاثةٌ، ويرَوْنَ أنّ جماعةَ الصلاةِ تَنعقِدُ باثنَيْنِ.
والقولُ بأنّ أقلَّ الجمعِ ثلاثةٌ هو قولُ الجمهورِ، خلافًا للمالكيَّةِ والظاهريَّةِ الذين يرَوْنَ أنّ أقلَّ الجمعِ اثنانِ.
وربَّما أخَذَ بعضُ الفقهاءِ بأنّ أقلَّ الجمعِ ثلاثةٌ، وجعَلَهُ في بعضِ المواضِعِ اثنَيْنِ مجازًا.
واللهُ ذَكَرَ الإخوةَ في الآيةِ، ولم يذكُرِ الأخَ الواحدَ، بخلافِ فَرْضِهِ في البنتِ، فاللهُ ذَكَرَ البناتِ ثم ذكَرَ البنتَ الواحدةَ، وهذا دليلٌ على أنّ الواحدةَ خاصَّةٌ بحُكْمٍ لا يُشارِكُها الاثنتانِ والثلاث.
والحقُّ ما عليه عامَّةُ العلماءِ، فإنّ قولَه: ﴿فَوْقَ اثْنَتَيْنِ﴾، يعني: اثنتَيْنِ وزيادةً، فقولُه: ﴿فَوْقَ﴾ صلةٌ وزيادةٌ، كما في قولِهِ تعالى: ﴿فاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْناقِ﴾ [الأنفال: ١٢]، أيِ: الأعناقَ وما عَلاها منها.
وبهذا جاء الحديثُ، كما في «المُسنَدِ»، و«السنن»، مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ محمَّدِ بنِ عَقِيلٍ، عن جابرٍ، أنّ النبيَّ ﷺ أعْطى البِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ[[أخرجه أحمد (١٤٧٩٨) (٣ /٣٥٢)، وأبو داود (٢٨٩١) (٣ /١٢٠)، والترمذي (٢٠٩٢) (٤ /٤١٤).]].
وقد ثبَتَ عن ابنِ عبّاسٍ ما يُوافِقُ فيه عامَّةَ العلماءِ، كما رواهُ الزهريُّ، عن عبيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ، عن ابنِ عبّاسٍ، أنّ للبنتَيْنِ الثلُثَيْنِ[[«الاستذكار» (١٥ /٣٩٠).]].
وهذا يدُلُّ على نكارةِ ما يُحكى عنه بأنّ البنتَيْنِ تأخُذانِ النصفَ كالبنتِ.
واللَّهُ تعالى قال: ﴿فَوْقَ اثْنَتَيْنِ﴾، لبيانِ المُفارَقةِ بينَ الوارِثةِ الأُنثى الواحدةِ وغيرِها، فلو كان الإرثُ على هذا القولِ الشاذِّ، فيكونُ للواحدةِ النصفُ، وللثلاثِ الثلُثانِ، وتبقى الاثنتانِ مِن غيرِ بيانٍ، وهذا غيرُ واردٍ في القرآنِ، فلا يُمكِنُ أنْ تُوصَفَ الاثنتانِ بدخُولِهما في قولِه: ﴿وإنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَها النِّصْفُ﴾، للإجماعِ في اللُّغةِ والشرعِ على عدمِ صحَّةِ ذلك ولا جوازِه، فدخولُ الاثنتَيْنِ في حُكمِ الثلاثِ أوْلى مِن دخولِه في حُكمِ الواحدةِ في اللغةِ والشرعِ، وهذا دليلٌ على أنّ حُكْمَ النصفِ خاصٌّ بالواحدةِ، لا بالاثنتَيْنِ، وأنّ قولَه: ﴿كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ﴾، يعني: مَن خرَجَ عن الواحدةِ اثنتَيْنِ وزيادةً فلهما الثلُثانِ.
وذكَرَ تعالى: ﴿فَوْقَ﴾، حتى لا يُظَنَّ أنّ الحُكْمَ خاصٌّ بالاثنتَيْنِ، فيُحتاجَ إلى البيانِ الجديدِ فيما زادَ على ذلك.
وكذلك: فإنّ الأختينِ الاثنتَيْنِ يأخُذانِ الثلُثَيْنِ عندَ عدمِ الفرعِ الوارثِ، كما قال تعالى: ﴿فَإنْ كانَتا اثْنَتَيْنِ فَلَهُما الثُّلُثانِ مِمّا تَرَكَ﴾ [النساء: ١٧٦]، فالبنتانِ أوْلى مِن الأختَيْنِ بذلك.
وقولُه تعالى: ﴿ولِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ إنْ كانَ لَهُ ولَدٌ فَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ولَدٌ ووَرِثَهُ أبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾.
ميراثُ الأبوَيْنِ:
ذكَرَ اللهُ ميراثَ الأبوينِ فجعَلَهُ على حالَيْنِ:
الأُولى: مع ولدِ الميِّتِ واحدًا أو أكثَرَ، لهما السدُسُ، والأمُّ مع جمعِ الإخوةِ ولو مِن غيرِ ولدٍ للميِّتِ تأخُذُ السدُسَ.
الـثـانيةُ: عندَ عدمِ الولدِ وولدِ الابنِ للميِّتِ والجمعِ مِن الإخوةِ جعَلَ للأمِّ الثلُثَ.
ولهما حالٌ ثالثةٌ تُؤخَذُ مِن الأثرِ ومفهومِ الآيةِ، وهي مع الزوجِ والأبوَيْنِ، أو الزوجةِ والأبوَيْنِ، فللأمِّ ثلُثُ الباقي، لا ثلُثُ المالِ المتروكِ كاملًا، بعدَ فرضِ الزوجَيْنِ على الصحيحِ، لأنّ اللَّهَ قال في الأمِّ: ﴿فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾، ولم يقُلْ سبحانَه: (ثلُثُ ما تَرَكَ)، كما في المواضِعِ السابقةِ: ﴿لِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ﴾، وقولِه: ﴿فَإنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ﴾، ولأنّ إعطاءَ الأمِّ الثلُثَ ممّا ترَكَ بعدَ فرضِ الزوجِ النصفِ: يجعَلُ الأبَ يأخُذُ السدُسَ، فتأخُذُ الأمُّ ضِعْفَيْهِ، والأصلُ عندَ استواءِ الدرجةِ في الإخوةِ والأولادِ: أنّه للذَّكَرِ مِثلُ حظِّ الأُنثيَيْنِ، والأبُ والأمُّ هنا متساويانِ، فالأصلُ تَساوِيهما في الإرثِ في السدُسِ مع الأولادِ، أو زيادةُ الأبِ على الأمِّ بفرضٍ وتعصيبٍ أو تعصيبٍ.
وهذا الذي عليه جمهورُ السلفِ والخَلَفِ، أنّ للأمِّ ثلُثَ الباقي، لا ثلُثَ ما ترَكَ، ويَبقى الثلُثانِ للأبِ تعصيبًا، لأنّ الأبَ أوْلى بقولِه: ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ﴾ مِن الأولادِ والإخوةِ، وليس في الآيةِ نصٌّ يُعارِضُهُ، فقولُه: ﴿فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾ ليس فيه (ممّا ترَكَ)، فحُمِلَ الثلُثُ على ما يُوافِقُ الأصولَ، وهو ثلُثُ الباقي بعدَ فرضِ الزوجِ، والزوجُ حقُّه منصوصٌ عليه ممّا ترَكَتِ الزوجةُ، كما في قولِه: ﴿ولَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أزْواجُكُمْ﴾ [النساء: ١٢]، وفي ميراثِ الزوجةِ مِن الزوجِ قال: ﴿ولَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْتُمْ﴾ [النساء: ١٢]، وأمّا الأمُّ، فأطلَقَ حقَّها في الثلُثِ، فحُمِلَ على ما يُوافِقُ الأصولَ.
وبهذا قال زيدُ بنُ ثابتٍ، فروى عبدُ الرَّزّاقِ وابنُ أبي شَيْبَةَ، عنه، قال: «لا أُفَضِّلُ أُمًّا عَلى أبٍ»[[أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٩٠٢٠) (١٠ /٢٥٤)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (٣١٠٦٣) (٦ /٢٤٢).]].
ورُوِيَ عن ابنِ عبّاسٍ وشريحٍ وداودَ: جَعْلُ الثلُثِ فيما ترَكَ كلِّه، فيكونُ للزوجِ النصفُ، وللأمِّ الثلُثُ، وللأبِ ما تبقّى، وهو السدُسُ.
ولم يذكُرِ اللهُ الأبَ في الحالةِ الثانيةِ: ﴿فَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ولَدٌ ووَرِثَهُ أبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾.
وظاهرُ الآيةِ أنّ للأبِ الباقيَ كلَّه، وذلك أيضًا لقولِه ﷺ: (اقْسِمُوا المالَ بَيْنَ أهْلِ الفَرائِضِ عَلى كِتابِ اللهِ، فَما تَرَكَتِ الفَرائِضُ، فَلِأَوْلى رَجُلٍ ذَكَرٍ)[[أخرجه البخاري (٦٧٣٢) (٨ /١٥٠)، ومسلم (١٦١٥) (٣ /١٢٣٤).]]، وحقُّه في الباقي بعدَ فرضِه وهو السدُسُ، فهو باقٍ عليه، ثمَّ يأخُذُ الباقيَ زيادةً عليه.
ولا فَرْقَ في الولدِ بينَ الذكَرِ والأُنثى في قولِه: ﴿إنْ كانَ لَهُ ولَدٌ فَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ولَدٌ﴾، والولدُ وولدُ الابنِ سواءٌ.
الولدُ والإخوةِ في حجبِ الأمِّ:
والولدُ الواحدُ يُساوي الجمعَ مِن الإخوةِ في حَجْبِ الأمِّ مِن الثلُثِ إلى السدُسِ، وهذا دليلٌ على أنّ الأولادَ أحَقُّ بالمالِ مِن الإخوةِ بكلِّ حالٍ.
حقُّ الوالدِ في الميراثِ أعظم من الأخ:
وقولُه تعالى: ﴿فَإنْ كانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ دليلٌ على أنّ حَقَّ الوالدِ أعظَمُ مِن حقِّ الأخِ في الميراثِ، فالأخُ الواحدُ لا يَنقُصُ حقَّ الوالدَيْنِ مِن الإرثِ حتى يكونَ الإخوةُ جماعةً.
والأخُ لا يحجُبُ فيَنقُصَ حقَّ الأمِّ أو الأبِ منفرِدًا، لقوَّةِ حقِّهما على انفرادِ الواحدِ مِن الإخوةِ، وإنْ تعدَّدُوا ولو بالكثرةِ، لم يَنقُصُوا حقَّ الأمِّ عن السدُسِ.
ترتيبُ الأحَقِّ مِن أصحابِ الفروضِ:
وظاهِرُ ترتيبِ الفروضِ في الآيةِ: أنّ الأولادَ أحَقُّ مِن الأبوَيْنِ، والأبوَيْنِ أحَقُّ مِن الإخوةِ، ولا يتأثَّرُ نِصابُ الأولادِ المذكورُ في القرآنِ بوجودِ الأبوَيْنِ، فمع عدمِ وجودِ الأبناءِ: فللبِنْتِ النصفُ، وللبنتَيْنِ الثلُثانِ، وُجِدَ الأبوانِ أو فُقِدا، وكذلك الأبناءُ مع عدمِ وجودِ الشريكِ مِن البناتِ: يأخُذُونَ المالَ بعدَ أخذِ الوالدَيْنِ حقَّهما وهو السدُسُ، ففرضُ الأولادِ واحدٌ ذُكورًا وإناثًا، لا يتأثَّرُ بالوالدَيْنِ نصابًا، ولكنَّه قد يتأثَّرُ قيمةً، والذَّكَرُ أكثَرُ تأثُّرًا بقيمةِ حقِّه بسببِ والدَيِ الميِّتِ مِن الأُنثى، لأنّ فَرْضَهُ أكثَرُ منها، فنقَصَ حقُّه إذا كان واحدًا، لأنّه يأخُذُ المالَ كلَّه، فزاحَمَهُ أبَوا الميِّتِ، وأمّا البنتُ الواحدةُ، فلا يَنقُصُها الأبوانِ، فهي تأخُذُ النصفَ بكلِّ حالٍ، وسُدُسُ الأبوينِ يَنقُصُ مِن مالِ الابنِ، ولا يَنقُصُ مِن نصفِ الأُنثى الواحدةِ، لأنّ سُدُسَهما لا يُزاحِمُ نِصْفَها.
وتخصيصُ اللهِ حَجْبَ الإخوةِ للأمِّ مِن الثلُثِ إلى السدُسِ دليلٌ على أنّه لا أثَرَ مِن الإخوةِ في الأولادِ، فالأولادُ أقْوى مِن الوالدَيْنِ في المواريثِ.
حجبُ الإخوةِ للأمِّ:
والاثنانِ مِن الإخوةِ كالثلاثةِ فما فوقُ يَحجُبانِ الأمَّ مِن الثلُثِ إلى السدُسِ، وقد اختلَفَ العلماءُ في هذا على قولَيْنِ:
الأولُ: أنّ الاثنَيْنِ يَحجُبانِ كالثلاثةِ، وعلى هذا عامَّةُ العلماءِ، وبه قضى الخلفاءُ الراشدونَ.
الثاني: رُوِيَ عن ابنِ عبّاسٍ خلافُه، ويُروى عن مُعاذٍ، أنّه لا يَحجُبُ الأمَّ إلاَّ الثلاثةُ مِن الإخوةِ فما فوقُ، لأنّه أقلُّ الجمعِ.
وهذا القولُ لا يصحُّ سندُهُ عن ابنِ عبّاسٍ، فيَرْوِيهِ شعبةُ مَوْلى ابنِ عبّاسٍ عنه، وهو متكلَّمٌ فيه، والعملُ على ما عليه الخلفاءُ، وهو الصوابُ، لأنّ اللهَ إذا ذَكَرَ الحَجْبَ في كتابِهِ في الجمعِ، فهو يقعُ على الاثنَيْنِ فما زادَ، كحَجْبِ البناتِ بناتِ الابنِ، والأخواتِ مِن الأبوَيْنِ الأخواتِ مِن الأبِ، وكذلك: فإنّ الإخوةَ تُستعمَلُ في الاثنَيْنِ، قال اللهُ تعالى: ﴿وإنْ كانُوا إخْوَةً رِجالًا ونِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: ١٧٦].
والمرويُّ عن ابنِ عبّاسٍ ضعيفٌ، ولو صحَّ، لقالَ به أصحابُه، وأصحابُه على خلافِه.
وقولُه: ﴿فَإنْ كانَ لَهُ إخْوَةٌ﴾ دليلٌ على أنّ الإخوةَ الذكورَ والإناثَ سواءٌ، ولأنّ اللهَ يقولُ: ﴿وإنْ كانُوا إخْوَةً رِجالًا ونِساءً﴾ [النساء: ١٧٦].
ولا خلافَ عندَ العلماءِ في هذا.
تقديمُ الدَّيْنِ والوصيَّةِ على الميراثِ:
وقولُه تعالى: ﴿مِن بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصِي بِها أوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أيُّهُمْ أقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾.
تعليقُ مآلاتِ الناس بعِلمِ الله، وعدم بناءِ الأحكام على الظَّنِّ:
وإذا كان الإنسانُ والدًا فإنه يُخطِئُ في تقدير الأنفَعِ له مِن أولادِه، وإذا كان ولدًا فإنه يُخطئُ في تقدير الأنفَعِ له مِن والدَيْه، فيظُنُّ أن هذا أصلَحُ له مِن هذا، ثم مع الزمنِ ينقلِبُ الأمرُ، ويغيِّرُ اللهُ الأحوال، فإنّ الإنسانَ في تقديره لأحوالِ الأبعَدِين عنه أكثَرُ تخرُّصًا، كما يخطِئُ الناسُ في تقدير الأصلَحِ لهم مِن الحُكام فيتمَنَّوْن حاكمًا ويستعِيذون مِن آخَر، فيكونُ المستعاذُ منه أقرَبَ لهم ممن يتمَنَّوْن، لأن الناسَ تأخُذُ بالظاهِر، والله يَكشِفُ السرائرَ ويُجرِيها على أهلِها، فقد يَظهَرُ مِن إنسانٍ في بداياته خيرٌ خلافَ ما يَظهرُ منه في نهاياته، لأنه يرجو التمكُّنَ فيُظهِرُ ما يريدُه الناسُ منه ليَقبَلُوه، فإنْ تمكَّنَ أظهَرَ باطنَهُ حيث لم يَحتَجْ إلى أحدٍ منهم، والناسُ تحكُمُ على الظاهر، ولكن الذي عليهم عدمُ الجزمِ بما يُضاهي اللهَ في عِلمِه بالبواطن فيبتلِيَهم، وليَسألُوا اللهَ صلاحَ الحاكمِ المفسِدِ أو زوالَه، وولايةَ مَن اتَّقى، فاللهُ أعلَمُ بمَن اتَّقى ﴿هُوَ أعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى﴾ [النجم: ٣٢].
فيه: أنّ قِسمةَ الميراثِ تكونُ بعدَ الوصيَّةِ، وهذا فيه منزلةُ الوصيَّةِ في الدِّينِ، وعِظَمُ أثرِها على صاحِبِها ومَن وراءَه.
وقولُه: ﴿أوْ دَيْنٍ﴾ دليلٌ على تقدُّمِ قضاءِ الدَّيْنِ قبلَ قِسْمةِ الميراثِ، لأنّ الدَّيْنَ في ذمَّةِ الميِّتِ، والدَّيْنَ وجَبَ في مالِهِ قبلَ موتِه.
والدَّيْنُ والوصيَّةُ لا يَمنعانِ الإرثَ واستحقاقَ الورثةِ لحقِّهم، وإنّما يَمنعانِ قِسْمةَ الميراثِ.
والدَّيْنُ مُقدَّمٌ على الوصيَّةِ، لأنّه حَقُّ الآدميِّينَ، وأمّا الوصيَّةُ، فليستْ حقًّا لأحدٍ، وإنّما حقٌّ أوْجَبَهُ الميِّتُ في مالِه، والدَّيْنُ يُؤخَذُ مِن رأسِ المالِ، وأمّا الوصيَّةُ، فتُؤخَذُ مِن الثلُثِ بلا خلافٍ عندَ السلفِ.
مؤنةُ تجهيزِ الميِّت مِن مالِهِ:
وتكونُ مُؤْنَةُ تجهيزِ الميِّتِ وغُسْلِهِ وتكفينِهِ وحَمْلِهِ ودَفْنِهِ مِن مالِه، لأنّه مِن جملةِ النفقةِ عليه، فإذا مات غريقًا أو مفقودًا في بَرِّيَّةٍ ومَفازَةٍ مُهْلِكَةٍ أو وقَعَ في بئرٍ، فمؤنةُ إخراجِهِ وحَمْلِهِ وما تَبِعَ ذلك، مِن مالِه، وهذا أحَقُّ مِن الدَّيْنِ والوصيَّةِ.
وهذه المؤنةُ مِن رأسِ مالِه، موسرًا كان أو فقيرًا، في قولِ جمهورِ العلماءِ، خلافًا للزُّهْريِّ، فقد جعَلَ المؤنةَ في ثلُثِ مالِه إذا كان فقيرًا.
وقد كان النبيُّ ﷺ يأمُرُ بتكفينِ الميِّتِ، ودَفَنَ، وكفَّنَ المُحْرِمَ الذي وقَصَتْهُ ناقتُه بثوبَيْهِ، وكفَّنَ مُصْعَبَ بنَ عُمَيْرٍ في نَمِرَةٍ ليس عليه غيرُها، ولم يَسْأَلْ هو وأصحابُهُ عن حالِه وما بَقِيَ مِن مالِه.
وفي قولِه: ﴿آباؤُكُمْ وأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أيُّهُمْ أقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ﴾ دليلٌ على أنّ التَّرِكَةَ تُقسَّمُ على ما فرَضَ اللهُ، لا على ما يراهُ الورثةُ مِن نفعِ بعضِهم للميِّتِ، فاللهُ أعلَمُ بمَن هو أقرَبُ إليه، فيُغيِّرُ مَن شاء مِن حالٍ إلى حالٍ، مِن صلاحٍ إلى فسادٍ، ومِن فسادٍ إلى صلاحٍ، ويُثَبِّتُ مَن شاء مِن عِبادِه.
وقولُه تعالى: ﴿فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ﴾، يعني: الوصيَّةَ في أوَّلِ الآيةِ: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أوْلادِكُمْ﴾ وما يَلِيها مِن أحكامٍ.
ثمَّ ذَكَرَ اللهُ اسمَيْنِ مِن أسمائِهِ الحُسْنى، فقال: ﴿إنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾، عليمًا بحالِكم وما يُصلِحُها، وحكيمًا في قضائِهِ وفرائضِه، وحُكْمِهِ ووصاياهُ، فيَضَعُها في مواضِعِها الصالحةِ لكم، وإنْ جَهِلَ البشرُ الحكمةَ منها أو مِن بعضِها، لِقُصُورِ عقولِهم عن إدراكِها.
{"ayah":"یُوصِیكُمُ ٱللَّهُ فِیۤ أَوۡلَـٰدِكُمۡۖ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَیَیۡنِۚ فَإِن كُنَّ نِسَاۤءࣰ فَوۡقَ ٱثۡنَتَیۡنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَۖ وَإِن كَانَتۡ وَ ٰحِدَةࣰ فَلَهَا ٱلنِّصۡفُۚ وَلِأَبَوَیۡهِ لِكُلِّ وَ ٰحِدࣲ مِّنۡهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُۥ وَلَدࣱۚ فَإِن لَّمۡ یَكُن لَّهُۥ وَلَدࣱ وَوَرِثَهُۥۤ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ ٱلثُّلُثُۚ فَإِن كَانَ لَهُۥۤ إِخۡوَةࣱ فَلِأُمِّهِ ٱلسُّدُسُۚ مِنۢ بَعۡدِ وَصِیَّةࣲ یُوصِی بِهَاۤ أَوۡ دَیۡنٍۗ ءَابَاۤؤُكُمۡ وَأَبۡنَاۤؤُكُمۡ لَا تَدۡرُونَ أَیُّهُمۡ أَقۡرَبُ لَكُمۡ نَفۡعࣰاۚ فَرِیضَةࣰ مِّنَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِیمًا حَكِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق