الباحث القرآني

قال اللهُ تعالى: ﴿فَساهَمَ فَكانَ مِنَ المُدْحَضِينَ ۝﴾ [الصافات: ١٤١]. لمّا كان يونُسُ في الفُلْكِ مع قومٍ واضطرَبَ البحرُ وماجَتِ الأمواجُ وخَشِيَ مَن على ظَهْرِ الفُلْكِ الهلاكَ، رأَوْا أنْ يَخرُجَ مِن ظَهْرِهِ بعضُهم، لِيَخِفَّ وزنُهُ فلا يَغْرَقوا جميعًا، وكان الفُلْكُ مليئًا بالناسِ ومتاعِهم، كما قال تعالى: ﴿إذْ أبَقَ إلى الفُلْكِ المَشْحُونِ ۝﴾ [الصافات: ١٤٠]، فاقْتَرَعوا فخرَجَتْ على يونُسَ أنْ يَرْمِيَ نفسَهُ منه، وفي هذه الآيةِ مَعانٍ جليلةٌ: منها: مشروعيَّةُ القُرْعَةِ عندَ الحاجةِ إليها، وقد تقدَّم الكلامُ عليها وأدلَّتِها عندَ قولِهِ تعالى: ﴿ذَلِكَ مِن أنْباءِ الغَيْبِ نُوحِيهِ إلَيْكَ وما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ يُلْقُونَ أقْلامَهُمْ أيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ يَخْتَصِمُونَ ۝﴾ [آل عمران: ٤٤]، وهاتانِ الآيتانِ أصلٌ في مشروعيَّةِ القُرْعةِ في القرآنِ، كما نصَّ على ذلك الشافعيُّ وغيرُه[[ينظر: «الأم» (٥ /١١٩) و(٨/٣).]]. ومنهـا: ارتكابُ المَفْسَدةِ الدُّنْيا لدفعِ العُلْيا، وأنّ الضررَ العامَّ أشَدُّ مِن الضررِ الخاصِّ. ومنهـا: جوازُ الأخذِ بغَلَبةِ الظنِّ، فمَن كان في الفُلْكِ، وغلَبَ على ظنِّهم الهلاكُ، عَمِلُوا بذلك ولو بإزهاقِ نَفْسٍ. ومنها: استواءُ نبيِّ اللهِ يونُسَ مع غيرِه في الحقوقِ وفي القضاءِ والحُكْمِ، فلم يَسْتَثْنِ نفسَهُ، ولم يَطلُبْ ذلك لِمَقامِهِ ونُبُوَّتِه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب