الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وما جَعَلَ أزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وما جَعَلَ أدْعِياءَكُمْ أبْناءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ واللَّهُ يَقُولُ الحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ادْعُوهُمْ لآِبائِهِمْ هُوَ أقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ ومَوالِيكُمْ ولَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أخْطَأْتُمْ بِهِ ولَكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وكانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: ٤ ـ ٥].
يزعُمُ المشرِكونَ أنّهم يَفْهَمونَ ما لم يَفهَمْه النبيُّ ﷺ، وأنّ للواحدِ منهم قَلْبَيْنِ يَفهَمُ بهما أعظَمَ مِن النبيِّ ﷺ، ومِن أشَدِّ صوارفِ أهلِ الضلالِ عن الحقِّ دَعْوى الفَهْمِ بالوَهْمِ، فما يزالُ يَتوهَّمُ أنّه يُدرِكُ ما لا يُدرِكُه غيرُه، وتَغُرُّه نفسُه، حتى يُختَمَ له بسُوءٍ، فإنّ النَّفْسَ إنْ أرادتْ صَرْفَ الإنسانِ عن الحقِّ، وهَّمَتْهُ أنّ عقلَهُ خيرٌ مِن أتباعِ الحقِّ، لتُسَلِّيَهُ وتُبْقِيَهُ على الباطلِ، فالنَّفْسُ لا تَقْوى على العقلِ إلاَّ بخداعِه.
وقولُه تعالى: ﴿وما جَعَلَ أزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ﴾، فيه: إبطالٌ لطلاقِ الجاهليَّةِ الذي كانوا يَضُرُّونَ به المرأةَ، فيُظاهِرُونَ منها ويُحرِّمونَها عليهم كأمَّهاتِهم، وسيأتي الكلامُ على الظِّهارِ وأحكامِهِ في سورةِ المجادَلَةِ بإذنِ اللهِ.
وقولُه تعالى: ﴿وما جَعَلَ أدْعِياءَكُمْ أبْناءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ واللَّهُ يَقُولُ الحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ﴾: كانتِ العربُ تتبنّى الولدَ وتسمِّيهِ باسمِها، فيَنتسِبُ كأولادِهم مِن أصلابِهم، ويَرِثُونَ منهم كأبناءِ النَّسَبِ، ويُصبحُ مَحْرَمًا كمَحارِمِ الأولادِ، فأبطَلَ اللهُ ذلك كلَّه، وبيَّن أنّ تلك ألفاظٌ يُطلِقونَها عليهم (يا بُنَيَّ)، وليستْ مِن الحقِّ في شيءٍ، ولا أثَرَ لها في الأحكامِ.
وقد حرَّم اللهُ على الرجُلِ أنْ يَنسُبَ لِنَفْسِهِ ولدًا ليس ولدًا له، وحرَّم على الولدِ أن ينتسبَ إلى أبٍ ليس أبًا له، وشدَّد في ذلك فجعَلَهُ كبيرةً، لاستحقاقِه اللعنَ، ولأنّه مِن كُفْرِ النعمةِ ونُكْرانِ الفضلِ وجَحْدِه، وفي «الصحيحَيْنِ»، مِن حديثِ سعدٍ، قال ﷺ: (مَنِ ادَّعى إلى غَيْرِ أبِيهِ وهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ غَيْرُ أبِيهِ، فالجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرامٌ) [[أخرجه البخاري (٦٧٦٦)، ومسلم (٦٣).]]، وفيهما مِن حديثِ أبي هريرةَ مرفوعًا: (لا تَرْغَبُوا عَنْ آبائِكُمْ، فَمَن رَغِبَ عَنْ أبِيهِ، فَهُوَ كُفْرٌ) [[أخرجه البخاري (٦٧٦٨)، ومسلم (٦٢).]]، وفي مسلمٍ، مِن حديثِ عليٍّ مرفوعًا: (مَنِ ادَّعى إلى غَيْرِ أبِيهِ، أوِ انْتَمى إلى غَيْرِ مَوالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ والمَلائِكَةِ والنّاسِ أجْمَعِينَ، لا يَقْبَلُ اللهُ مِنهُ يَوْمَ القِيامَةِ صَرْفًا ولا عَدْلًا) [[أخرجه مسلم (١٣٧٠).]].
وقد أمَر اللهُ بنداءِ الناسِ بأَنْسابِهم الصحيحةِ، ومَن جُهِلَ نَسَبُهُ فيُدْعى بالأُخوَّةِ الإيمانيَّةِ أو النداءِ بالمَوْلى، كما قال تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لآِبائِهِمْ هُوَ أقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ ومَوالِيكُمْ﴾.
وعفا اللهُ عمّا جَرى على اللِّسانِ مِن غيرِ قصدٍ للمعنى، ولكنَّ الإثمَ بالقصدِ، كما قال تعالى: ﴿ولَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أخْطَأْتُمْ بِهِ ولَكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾.
{"ayahs_start":4,"ayahs":["مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلࣲ مِّن قَلۡبَیۡنِ فِی جَوۡفِهِۦۚ وَمَا جَعَلَ أَزۡوَ ٰجَكُمُ ٱلَّـٰۤـِٔی تُظَـٰهِرُونَ مِنۡهُنَّ أُمَّهَـٰتِكُمۡۚ وَمَا جَعَلَ أَدۡعِیَاۤءَكُمۡ أَبۡنَاۤءَكُمۡۚ ذَ ٰلِكُمۡ قَوۡلُكُم بِأَفۡوَ ٰهِكُمۡۖ وَٱللَّهُ یَقُولُ ٱلۡحَقَّ وَهُوَ یَهۡدِی ٱلسَّبِیلَ","ٱدۡعُوهُمۡ لِـَٔابَاۤىِٕهِمۡ هُوَ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِۚ فَإِن لَّمۡ تَعۡلَمُوۤا۟ ءَابَاۤءَهُمۡ فَإِخۡوَ ٰنُكُمۡ فِی ٱلدِّینِ وَمَوَ ٰلِیكُمۡۚ وَلَیۡسَ عَلَیۡكُمۡ جُنَاحࣱ فِیمَاۤ أَخۡطَأۡتُم بِهِۦ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتۡ قُلُوبُكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمًا"],"ayah":"ٱدۡعُوهُمۡ لِـَٔابَاۤىِٕهِمۡ هُوَ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِۚ فَإِن لَّمۡ تَعۡلَمُوۤا۟ ءَابَاۤءَهُمۡ فَإِخۡوَ ٰنُكُمۡ فِی ٱلدِّینِ وَمَوَ ٰلِیكُمۡۚ وَلَیۡسَ عَلَیۡكُمۡ جُنَاحࣱ فِیمَاۤ أَخۡطَأۡتُم بِهِۦ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتۡ قُلُوبُكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق