الباحث القرآني

قال تعالى: ﴿وأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِن أهْلِ الكِتابِ مِن صَياصِيهِمْ وقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وتَأْسِرُونَ فَرِيقًا ۝﴾ [الأحزاب: ٢٦]. لمّا اجتمَعَتِ الأحزابُ ضدَّ النبيِّ ﷺ لقتالِه، قام اليهودُ مِن بني قُرَيْظَةَ بمظاهَرةِ أولئك وإعانتِهم على رسولِ اللهِ ﷺ، فنقَضُوا عَهْدَهم الذي كان مع النبيِّ ﷺ. وقد ذكَرَ اللَّهُ إنزالَ بني قُرَيْظَةَ ﴿وأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِن أهْلِ الكِتابِ مِن صَياصِيهِمْ وقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وتَأْسِرُونَ فَرِيقًا ۝﴾، وهي حصونُهُمْ، لإعانةِ المشركينَ، مِنَّةً منه، ليَكشِفَ شدةَ ما تُكِنُّهُ صدورُهم مِن حقدٍ وبغضاءَ وتربُّصٍ وتحيُّنٍ للفُرَصِ لقتلِ المؤمنِين، وفي هذا أنّ الله يُنزِلُ الشدائدَ في الأمَّةِ، وفي رَحِمِها مِنَنٌ وخيرٌ لهم. وقولُه: ﴿ظاهَرُوهُمْ﴾، يعني: صارُوا لهم ظهيرًا، كالظَّهْرِ مِن خَلْفِ الإنسانِ يقومُ به ويُسنِدُه. وفي هذه الآيةِ: دليلٌ على أنّ مَن ظاهَرَ العدوَّ على المُسلِمينَ، أخَذَ حُكْمَهم، كما قال تعالى: ﴿فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وتَأْسِرُونَ فَرِيقًا ۝﴾، فقتَلَ النبيُّ ﷺ رجالَ بني قُرَيْظَةَ لأجلِ ذلك، وسَبى نساءَهم وذَرارِيَّهم. وبنو قُرَيْظةَ لم يُقاتِلوا النبيَّ ﷺ، وإنّما كانوا ظهرًا لقريشٍ، فأخَذُوا حُكْمَهم، فإنّ مَن قاتَلَ مواجَهةً، أو كان ظهيرًا لِمَن قاتَلَ المُسلِمينَ، فإنّه يأخُذُ حُكْمَهم في جوازِ قتالِه، وقد تقدَّم الكلامُ على حُكْمِ المظاهِرينَ والحُلَفاءِ للأعداءِ مِن نَقَضَةِ العهودِ مِن المعاهَدينَ في مواضعَ، منها عندَ قولِهِ تعالى: ﴿أوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنهُمْ بَلْ أكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ۝﴾ [البقرة: ١٠٠]، وقولِ اللهِ تعالى: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كافَّةً﴾ [البقرة: ٢٠٨]، وقولِهِ تعالى: ﴿إلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُّمْ مِنَ المُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا ولَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أحَدًا فَأَتِمُّوا إلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إلى مُدَّتِهِمْ﴾ [التوبة: ٤].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب