الباحث القرآني

قال تعالى: ﴿وما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَغُلَّ ومَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ القِيامَةِ ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وهُمْ لا يُظْلَمُونَ ۝﴾ [آل عمران: ١٦١]. نزَلَتْ هذه الآيةُ في قَطِيفَةٍ فقَدَها الناسُ، فظَنُّوا أنّ النبيَّ ﷺ أخَذَها، كما رواهُ أبو داودَ والترمذيُّ، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «نزَلَتْ هذه الآيةُ: ﴿وما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَغُلَّ﴾ في قطيفةٍ حَمْراءَ فُقِدَتْ يومَ بَدْرٍ، فقال بعضُ الناسِ: لعلَّ رسولَ اللهِ ﷺ أخَذَها! فأنزَلَ اللَّهُ عزّ وجل: ﴿وما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَغُلَّ﴾ إلى آخِرِ الآيةِ»[[أخرجه أبو داود (٣٩٧١) (٤/٣١)، والترمذي (٣٠٠٩) (٥/٢٣٠).]]. فأرادَ اللهُ تنزيهَ نبيِّهِ مِن أنْ يَخُونَ أصحابَهُ وأُمَّتَهُ، ولم يُعاتِبِ اللهُ أصحابَ نبيِّه ﷺ في ظنِّهم ذلك، لأنّ ظنَّهم كان بحُسْنِ قصدٍ أنّ اللهَ أباحَ له ما لم يُبِحْهُ لغيرِهِ مِن أُمَّتِه، فبيَّنَ اللهُ أنّ حُكْمَ نبيِّه كحُكْمِ سائرِ الناسِ. مِن أحكام الغنائِمِ: والغنائمُ قَسَمَها اللهُ، وجعَلَ ذلك إليه، كما في قولِه تعالى: ﴿واعْلَمُوا أنَّما غَنِمْتُمْ مِن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ الآيةَ [الأنفال: ٤١]. وكانت مُحرَّمةً على سائرِ الأنبياءِ وأُمَمِهم، فخَصَّ اللهُ بإباحتِها نبيَّه، كما في «الصحيحينِ»، مِن حديثِ جابرٍ، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لم يُعْطَهُنَّ أحَدٌ مِنَ الأَنْبِياءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، وأَيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتِي أدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لِيَ الغَنائِمُ، وكانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خاصَّةً، وبُعِثْتُ إلى النّاسِ كافَّةً، وأُعْطِيتُ الشَّفاعَةَ) [[أخرجه البخاري (٤٣٨) (١/٩٥)، ومسلم (٥٢١) (١/٣٧٠).]]. وقولُهُ في الآيةِ: ﴿أنْ يَغُلَّ﴾، أيْ: يَخُونَ. أنواعُ الغنائِمِ: والغنائمُ على نوعَيْنِ: نوعٌ: لا يُحمَلُ ولا يُحفَظُ ولا يُنتَفَعُ به غالبًا إلا في موضعِه، كالشرابِ والطعامِ مِن الماءِ واللبَنِ والحليبِ والخُبزِ والفاكهةِ، فهذا يُطعَمُ ويُنتفَعُ به مِن غيرِ متاجَرَةٍ به. ويُلحَقُ بهذا النوعِ المتاعُ التافِهُ، كالسَّوْطِ والعَصا والسِّواكِ والقلمِ الرخيصِ. ونوعٌ: يُحمَلُ ويُحفَظُ، فهذا مِن الغنيمةِ المُحرَّمةِ، لا تَحِلُّ إلا بعدَ قِسْمَتِها. ويأتي الكلامُ في الغنيمةِ مفصَّلًا في سورةِ التوبةِ بإذنِ اللهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب