الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿ولَمّا ورَدَ ماءَ مَدْيَنَ وجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النّاسِ يَسْقُونَ ووَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾ [القصص: ٢٣].
لمّا جاء موسى إلى مَدْيَنَ، ورَدَ موضعَ ماءٍ يجتمعُ الناسُ عليه لِيَسْقُوا، وقد هيَّأَ اللهُ لموسى خروجَ المرأتينِ ليكونَ بدايةً لصلاحِ أمرِهِ وأمانِه.
قولُه تعالى: ﴿ووَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ﴾: قال: ﴿مِن دُونِهِمُ﴾، أي: ليستا معهم، للدَّلالةِ على أنّ المرأةَ لا تَختلِطُ بمَجامِعِ الرِّجالِ، بل تَعتزِلُهم، فقد كانتا تَذُودانِ، قال ابنُ عبّاسٍ: «يعني بذلك حابستَيْنِ غنَمَهما»[[«تفسير الطبري» (١٨ /٢٠٨)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٩ /٢٩٦٢).]]، وقال أبو مالكٍ: «تَحبِسانِ غنَمَهما حتى يفرُغَ الناسُ وتَخْلُوَ لهما البئرُ»[[«تفسير الطبري» (١٨ /٢٠٩)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٩ /٢٩٦٢).]].
ويظهَرُ هذا في قولِهما: ﴿لا نَسْقِي حَتّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾، وفي هذا استحبابُ عَرْضِ قضاءِ حاجةِ المرأةِ عندَ ظهورِ تعطيلِها، لأنّهُنَّ غالبًا يَمنعُهُنَّ حياؤُهُنَّ عن طلبِ مُساعدةِ الرِّجالِ.
وقولُهما: ﴿وأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾ دليلٌ على ما سبَقَ، ففيه بيانُ عُذْرِهما بحضورِهما إلى هذا الموضعِ مِن مواضعِ الرجالِ، ويُرِدْنَ بذلك بيانَ أنّ أباهُما كان يقومُ بذلك، ولكنْ لمّا كَبِرَ، لم تَجِدا بُدًّا مِن الإتيانِ إلى هذا الموضعِ، وقد تقدَّم الكلامُ على حُكْمِ اختلاطِ المرأةِ بالرجالِ، وبيانِ أحوالِهِ وأنواعِه، في مواضعَ مضَتْ، منها عندَ قولِ اللهِ تعالى: ﴿فَرَجُلٌ وامْرَأَتانِ مِمَن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، وقولِه تعالى: ﴿تَعالَوْا نَدْعُ أبْناءَنا وأَبْناءَكُمْ ونِساءَنا ونِساءَكُمْ وأَنْفُسَنا وأَنْفُسَكُمْ﴾ [آل عمران: ٦١]، وقولِه: ﴿ولَيْسَ الذَّكَرُ كالأُنْثى﴾ [آل عمران: ٣٦]، وقولِه تعالى في هودٍ: ﴿وامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ﴾ [٧١]، وقولِه في طه: ﴿فَقالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾ [١٠]، ويأتي الإشارةُ إلى ذلك في قولِه: ﴿لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِن قَوْمٍ عَسى أنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنهُمْ ولا نِساءٌ مِن نِساءٍ﴾ [الحجرات: ١١]، وقد بَيَّنْتُ ذلك مفصَّلًا في كتابِ: «الاختلاطُ: تحريرٌ، وتقريرٌ، وتعقيبٌ».
وفي قولِه تعالى: ﴿وأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾: وجوبُ قيامِ الرَّجُلِ بالكسبِ ومَؤُونَةِ أهلِه، زوجًا كان أو أبًا، أو أخًا أو ابنًا، وذلك لِما جعَلَ اللهُ فيهم مِن خَصِيصةٍ وقِوامةٍ، فاللهُ فَضَّلَهُمْ لأجلِ أشياءَ، منها كَسْبُهم ونفقتُهم على أهلِيهِم ومَن يَلُونَ مِن النساءِ ومَن لا يَملِكُ قوةً وكفايةً، فبناتُ صاحبِ مَدْيَنَ اعتذَرْنَ عن أبيهِنَّ، وذلك لأنّ السؤالَ قام في ذهنِ موسى وغيرِه، فأَجَبْنَ مع أنّه لم يَسْأَلْهُنَّ، لأنّ المَقامَ ليس مَقامَهُنَّ، بل مَقامُ ولِيِّهِنَّ.
وقد بيَّنّا ذلك عندَ قولِه تعالى: ﴿الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وبِما أنْفَقُوا مِن أمْوالِهِمْ﴾ [النساء: ٣٤]، وقولِه تعالى: ﴿وارْزُقُوهُمْ فِيها واكْسُوهُمْ وقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء: ٥]، وقولِه تعالى لآدمَ وحَوّاءَ: ﴿فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقى ﴾ [طه: ١١٧]، أي: تَخْرُجانِ جميعًا والشقاءُ لآدمَ، لأنّه مكفيٌّ في الجنةِ مِن الضَّرْبِ في الأرضِ والعملِ والتكسُّبِ، وأمّا في الدُّنيا، فسيَشْقى وحدَه، ومَحَلُّ حَوّاءَ في قَرارِها، واللهُ أمَر الرِّجالَ ولم يَنْهَ النِّساءَ عن التكسُّبِ إنِ احتَجْنَ إليه مِن غيرِ تبرُّجٍ ولا اختلاطٍ بالرِّجالِ الأجانبِ.
{"ayah":"وَلَمَّا وَرَدَ مَاۤءَ مَدۡیَنَ وَجَدَ عَلَیۡهِ أُمَّةࣰ مِّنَ ٱلنَّاسِ یَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَیۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ قَالَتَا لَا نَسۡقِی حَتَّىٰ یُصۡدِرَ ٱلرِّعَاۤءُۖ وَأَبُونَا شَیۡخࣱ كَبِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق