الباحث القرآني

قال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أذِنَ اللَّهُ أنْ تُرْفَعَ ويُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالغُدُوِّ والآصالِ ۝﴾ [النور: ٣٦]. في هذه الآيةِ: فضلُ بناءِ المساجدِ وتشييدِها، ورفعِها وإبرازِها، لِيَراها الناسُ، فيَقصِدُوها للعبادةِ مِن صلاةٍ واعتكافٍ وذِكْرٍ. وقد صحَّ عن ابنِ عبّاسٍ قولُه: «هي المساجدُ يُكرِمونَهُنَّ، ونَهى عن اللَّغْوِ فيها»[[«تفسير الطبري» (١٧ /٣١٦)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٨ /٢٦٠٤).]]. وصحَّ هذا عن مجاهدٍ وقتادةَ وغيرِهما[[«تفسير ابن أبي حاتم» (٨ /٢٦٠٥).]]. ومِن السلفِ: مَن حمَلَ البيوتَ على مساكنِ الناسِ عامَّةً، كعِكْرِمةَ[[«تفسير الطبري» (١٧ /٣١٧)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٨ /٢٦٠٥).]]، وجعَلَ في ذلك مشروعيَّةَ ذِكْرِ اللهِ فيها وعمارتِها بطاعتِه. ومنهم: مَن خصَّها ببيوتِ النبيِّ ﷺ[[«تفسير ابن أبي حاتم» (٨ /٢٦٠٤).]]. وقولُه تعالى: ﴿أذِنَ اللَّهُ أنْ تُرْفَعَ﴾ الأصلُ فيه أنّه رفعٌ معنويٌّ بالذِّكْرِ والعبادةِ، وتنزيهِها عن اللَّغْوِ والنَّجَسِ. وقد تقدَّمَ الكلامُ على عِمارةِ المساجدِ وتشييدِها وبنائِها عندَ قولِهِ تعالى: ﴿وإذْ يَرْفَعُ إبْراهِيمُ القَواعِدَ مِنَ البَيْتِ وإسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا إنَّكَ أنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ۝﴾ [البقرة: ١٢٧]. وقولُه تعالى: ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالغُدُوِّ والآصالِ ۝﴾، يعني: الصلاةَ فيها بُكْرةً وعَشِيًّا، فالتسبيحُ هنا الصلاةُ، وهذا نظيرُ قولِهِ تعالى: ﴿واذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وسَبِّحْ بِالعَشِيِّ والإبْكارِ ۝﴾ [آل عمران: ٤١]، ويُشرَعُ في هذا الوقتِ الذِّكْرُ والصلاةُ، ففيه مع صلاةِ الصبحِ وصلاةِ العَشِيِّ أذكارُ الصباحِ وأذكارُ المساءِ، كما قال تعالى: ﴿واذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وخِيفَةً ودُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغَدُوِّ والآصالِ ولا تَكُنْ مِنَ الغافِلِينَ ۝﴾ [الأعراف: ٢٠٥].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب