الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وكُلاًّ آتَيْنا حُكْمًا وعِلْمًا﴾ [الأنبياء: ٧٩].
اجتهَدَ داودُ وسُلَيْمانُ في القضاءِ في شكوى الرجُلَيْنِ، وفي هذا دليلٌ على جوازِ الاجتهادِ في مواضعِهِ وعندَ مَن يَملِكُ آلتَهُ، ومَن اجتهَدَ فهو مأجورٌ، وذلك لِما في «الصحيحَيْنِ»، مِن حديثِ عمرِو بنِ العاصِ، أنّه سمِع رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: (إذا حَكَمَ الحاكِمُ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أصابَ، فَلَهُ أجْرانِ، وإذا حَكَمَ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أخْطَأَ، فَلَهُ أجْرٌ)[[أخرجه البخاري (٧٣٥٢)، ومسلم (١٧١٦).]].
ولا يجوزُ لأحدٍ أن يقضيَ في مسألةٍ برأيِه إلاَّ بشروطٍ:
الأولُ: أن يكونَ عالمًا يَملِكُ آلةَ الاجتهادِ بما يَقضي فيه، ولهذا وصَفَ النبيُّ ﷺ المجتهِدَ المأجورَ بـ(الحاكمِ)، يعني: الذي يَعرِفُ مفاصلَ الحُكْمِ ومقاطِعَ الحقوقِ وأدلَّتَها، ولا يسمّى حاكمًا إلاَّ وقد تأهَّلَ للحُكْمِ، ومَن تكلَّمَ بأمرٍ مِن غيرِ تأهُّلٍ فيه، فهو خارِصٌ لا حاكِمٌ، وكذلك فإنّ اللَّهَ قال عن داودَ وسليمانَ مبيِّنًا سببَ تأهُّلِهما للحُكْمِ: ﴿وكُلاًّ آتَيْنا حُكْمًا وعِلْمًا﴾.
الثاني: أن يَستفرِغَ وُسْعَهُ باجتهادِه، فإنّ العالِمَ لا يَلزَمُ مِن كونِه عالمًا أن يُطلِقَ الحُكْمَ مِن غيرِ تأمُّلٍ وتفكُّرٍ واستفراغٍ للوُسْعِ، بجمعِ الأدلَّةِ وعَرْضِها وتمييزِها، ومعرفةٍ لِما ورَدَ مِن الأدلَّةِ وما لم يَرِدْ، وبالنظر في دَلالاتِ النصوص وهل حسَمَ الشارعُ المسألةَ بنصٍّ قطعيٍّ أو ظنيٍّ أو ترَكَها، فإنّ النبيَّ ﷺ قال: (إذا حَكَمَ الحاكِمُ فاجْتَهَدَ)، يعني: أنّه أفرَغَ وُسْعَهُ ولم يتكلَّمْ بخَرْصٍ، فقد يتساوى العالِمُ بالجاهلِ عندَ خَرْصِه، فلا فَرْقَ بينَ جاهلٍ يجتهِدُ وعالِمٍ خارِصٍ، فكلاهُما قال بغيرِ عِلْمٍ، وفي «السُّننِ»، قال النبيُّ ﷺ: (القُضاةُ ثَلاثَةٌ: واحِدٌ فِي الجَنَّةِ، واثْنانِ فِي النّارِ، فَأَمّا الَّذِي فِي الجَنَّةِ، فَرَجُلٌ عَرَفَ الحَقَّ فَقَضى بِهِ، ورَجُلٌ عَرَفَ الحَقَّ فَجارَ فِي الحُكْمِ، فَهُوَ فِي النّارِ، ورَجُلٌ قَضى لِلنّاسِ عَلى جَهْلٍ، فَهُوَ فِي النّارِ)[[أخرجه أبو داود (٣٥٧٣)، والترمذي (١٣٢٢)، والنسائي في «السنن الكبرى» (٥٨٩١)، وابن ماجه (٢٣١٥).]].
الثالثُ: أنْ يكونَ عارِفًا بالنازِلةِ التي يَقضي فيها، فإنّ الإحاطةَ بالأدلَّةِ لا تَكْفي للحُكْمِ على نوازِلَ لا يُحيطُ بها العالمُ، فقد يَستعمِلُ الدليلَ في غيرِ موضعِهِ وما لا يُناسِبُه، فيُخطئُ بتقصيرٍ لا باجتهادٍ.
والعالِمُ المجتهِدُ المخطِئُ مأجورٌ أجرًا واحدًا، والمصيبُ المجتهِدُ له أجرانِ، كما في الحديثِ، فكلاهُما استحَقَّ أجرًا لاجتهادِه، والمصيبُ استحَقَّ الثانيَ لصوابِهِ وتسديدِه، وإنّما كان الفرقُ بينَهما في الأجرِ مع أنّ جميعَهما استفرَغَ وُسْعَه، وذلك حتى لا يتواكَلَ العالِمُ في الفُتيا ويتعجَّلَ، فكان للأجرِ الثاني نصيبٌ بالطلبِ والقصدِ، فلو تساوَيا، لم يكنْ للمصيبِ ولا للصوابِ خصيصةٌ، وفي النفوسِ تساهُلٌ خَفِيٌّ وجَلِيٌّ يُدرِكُها ولو كانتْ صالحةً إنْ عَلِمَتْ تَساوِيَ الأجرِ في الحالَيْنِ، ولأنّه للصوابِ شرفٌ وعلوُّ منزلةٍ، فلا بدَّ أن يَختَصَّ صاحبُهُ بمنزِلةٍ مِثْلِ منزِلتِه.
{"ayah":"فَفَهَّمۡنَـٰهَا سُلَیۡمَـٰنَۚ وَكُلًّا ءَاتَیۡنَا حُكۡمࣰا وَعِلۡمࣰاۚ وَسَخَّرۡنَا مَعَ دَاوُۥدَ ٱلۡجِبَالَ یُسَبِّحۡنَ وَٱلطَّیۡرَۚ وَكُنَّا فَـٰعِلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











