الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿وإذْ قُلْنا ادْخُلُوا هَذِهِ القَرْيَةَ فَكُلُوا مِنها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وادْخُلُوا البابَ سُجَّدًا وقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وسَنَزِيدُ المُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: ٥٨].
أمَرَ اللهُ بَني إسرائيلَ بالسجودِ عندَ دخولِ بيتِ المَقْدِسِ، وهي القريةُ المذكورةُ في الآيةِ، وهذا هو الأشهرُ، قاله ابنُ عباسٍ[[ينظر: «زاد المسير» (١ /٦٨)، و«البحر المحيط» (١ /٣٥٦).]]، ومجاهدٌ[[ينظر: «تفسير البغوي» (١ /٩٨).]]، وقتادةُ والسُّدِّيُّ والربيعُ[[ينظر: «تفسير الطبري» (١ /٧١٢، ٧١٣).]].
وقيل: هي أرِيحا، وهي قريبةٌ مِن بيتِ المَقْدِسِ، قاله عبدُ الرحمنِ بنُ زيدٍ[[ينظر: «تفسير الطبري» (١ /٧١٣).]].
والقريةُ: ما اتُّخِذَ قَرارًا للناسِ ممّا اجتمَعتْ فيه الأبنيةُ، كالحجارةِ والطِّينِ والخشبِ، وما لا قرارَ فيه ـ كأماكنِ الباديةِ التي يسكُنُونَ فيها بيوتَ الشَّعَرِ ـ فلا تُسمّى قُرًى، لأنّهم يرتحِلونَ عنها يتتبَّعونَ منافعَ مَواشِيهم.
والقريةُ: اسمٌ يُطلَقُ على المدنِ المعمورةِ المسكونةِ طَوالَ العامِ.
ثمَّ قال: ﴿فَكُلُوا مِنها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وادْخُلُوا البابَ سُجَّدًا﴾، قدَّمَ السجودَ على الأكلِ، لأنّ النعمةَ تحقَّقتْ بالدخولِ والتمكينِ قبلَ الأكلِ، فينبغي أنْ يكونَ الشكرُ عندَ التمكينِ مِن النعمةِ، وفي أثنائِها، وبعدَها.
والبابُ: مِن أبوابِ بيتِ المَقْدِسِ، قاله ابنُ عباسٍ ومجاهدٌ[[ينظر: «تفسير الطبري» (١ /٧١٣ ـ ٧١٤)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (١ /١١٧).]].
سجودُ الشكرِ:
والسجودُ الذي أُمِروا به عندَ الدخولِ هو سجودُ الشكرِ، وفُسِّرَ السجودُ هنا بأنّه الركوعُ، رواهُ سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ والعَوْفِيُّ عن ابنِ عباسٍ[[ينظر: «تفسير الطبري» (١ /٧١٤)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (١ /١١٧).]]، وهو الأصحُّ، لأنّهم أُمِرُوا بالسجودِ مقترِنًا بالدخولِ، وهذا يتحقَّقُ في الركوعِ.
والسجودُ في اللُّغةِ يُطلَقُ على الانحناءِ على سبيلِ التعظيمِ، سواءٌ مسَّ الأرضَ أو لم يمَسَّها، ومنه قولُ الشاعرِ:
بِجَمْعٍ تَضِلُّ البُلْقُ في حَجَراتِهِ
تَرى الأُكْمَ مِنها سُجَّدًا لِلْحَوافِرِ[[ينظر: «المعاني الكبير» (٢ /٨٩٠)، و«الزاهر في معاني كلمات الناس» (١ /٤٧).]]
والأُكُمُ: التلالُ المرتفعةُ، جمعُ: أكَمةٍ، وقيل: أُكُمٌ جمعُ: إكامٍ، وإكامٌ جمعُ: أكَمٍ، وأَكَمٌ جمعُ: أكَمةٍ[[ينظر: «تهذيب اللغة» (١٤ /١٧٨)، و«المحكم والمحيط الأعظم» (٧ /٩٨)، و«تاج العروس» (أ ك م).]].
يقولُ: تخضعُ الأُكُمُ وتهبِطُ خشوعًا مِن وقْعِ حوافِرِ الخيلِ، وهي البُلْقُ، فالمرادُ بالسجودِ هنا: هو الخضوعُ والخشوعُ.
والسجودُ يُورِثُ الإنسانَ تواضُعًا للخالقِ، ولذا أمَرَ اللهُ به هنا، قال تعالى: ﴿سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِن أثَرِ السُّجُودِ﴾ [الفتح: ٢٩]، صحَّ عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قال: «هو التواضُعُ»[[أخرجه البخاري (٦ /١٣٤). و ينظر: «فتح الباري» (٨ /٥٨٢).]].
وإذا رأيتَ متكبِّرًا، فاعلَمْ أنّه قليلُ الصلاةِ أو عديمُها، لا يجتمعُ كِبرٌ مع كثرةِ سجودٍ.
وفي الآيةِ إشارةٌ إلى أنّه يُشرَعُ للمتمكِّنِ مِن الدخولِ إلى نعمةٍ كُبرى ـ كفتحِ بلدٍ أو أرضٍ فيها نَعِيمٌ ورغدُ عيشٍ ـ أنْ يدخُلَها مطرِقًا للهِ منكسِرًا، حتى لا يُورِثَهُ تمكُّنُهُ منها بَطَرًا وأَشَرًا وكِبْرًا، فإنّ الإنسانَ عندَ تغيُّرِ حالِهِ مِن ضعفٍ إلى قوةٍ، ومِن ذلٍّ إلى تمكينٍ، ومِن فقرٍ إلى غنًى، يجدُ في نفسِهِ نَشْوةً وسَكْرةً تختلِفُ عمّا يجدُهُ المستديمُ على النعمةِ، والنعمةُ العظيمةُ الحادثةُ لها سَكْرةٌ على النفسِ تُفقِدُها توازُنَها، فإذا لم يَكسِرْها بتواضعٍ مِن أوَّلِ الأمرِ بالسجودِ للخالقِ والتضرُّعِ والتذلُّلِ له، تمكَّنتْ منه حتى أورَثتْهُ غرورًا وكِبْرًا وبغيًا على الخلقِ، وخاصةً النعمةَ المفاجئةَ للإنسانِ بعدَ بأسٍ وشدةٍ وفقرٍ، قال تعالى: ﴿وإذا أذَقْنا النّاسَ رَحْمَةً مِن بَعْدِ ضَرّاءَ مَسَّتْهُمْ إذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا﴾ [يونس: ٢١].
العبادةُ عندَ فَجْأةِ النعم:
والنعمةُ المفاجئةُ بلا تدرُّجٍ: استدراجٌ، فلا يقابِلُها إلا شدةُ التواضعِ والخشوعِ، ولذا كانت نعمُ اللهِ على نبيِّه ﷺ على التدرُّجِ، ومع هذا فقد لزِمَ ﷺ التواضعَ وزادَهُ عندَ نزولِ النعمِ العظيمةِ.
ودخَلَ النبيُّ ﷺ مكةَ وهو مطأطِئُ الرأسِ تواضُعًا وخشوعًا للهِ، وذلك لأنّه خرَجَ منها متخفِّيًا طريدًا، ورجَعَ إليها سيِّدًا فاتحًا، مع كثرةِ الأَتْباعِ، وأخرَجَ ابنُ إسحاقَ ـ وعنه ابنُ المباركِ في «الزهدِ» ـ قال محمدُ بنُ إسحاقَ: «حدَّثَني عبدُ اللهِ بنُ أبي بكرٍ، وابنُ أبي نَجِيحٍ، ويحيى بنُ عبّادٍ، قالوا: أقبَلَ رسولُ اللهِ ﷺ حتى وقَفَ بذي طَوًى، وهو مُعْتَجِرٌ ببُرْدٍ حِبَرَةٍ، فلمّا اجتمَعتْ عليه خيولُهُ ورأى ما أكرَمَهُ اللهُ به، تواضَعَ للهِ حتى إنّ عُثْنُونَهُ لَتمَسُّ واسطةَ رَحْلِهِ»[[أخرجه ابن المبارك في «الزهد والرقائق» (٢ /٥٣).]].
وروى البيهقيُّ، مِن حديثِ جعفرِ بنِ سُلَيْمانَ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، قال: «دخَلَ رسولُ اللهِ ﷺ مَكَّةَ يومَ الفتحِ وذَقَنُهُ على رحلِهِ متخشِّعًا»[[«السنن الكبرى» (٧٨٨٨) (٤ /٣٥٢).]].
ومِن أولِ ما فعَلَهُ عندَ دخولِه مكةَ: صلاتُهُ في داخلِ الكعبةِ، كما جاء في «الصحيحِ»، مِن حديثِ نافعٍ، عن عبدِ اللهِ رضي الله عنه، أنّ رسولَ اللهِ ﷺ أقبَلَ يومَ الفتحِ مِن أعلى مَكَّةَ على راحلتِهِ مردِفًا أسامةَ بنَ زيدٍ، ومعه بلالٌ، ومعه عثمانُ بنُ طَلْحةَ مِن الحَجَبَةِ، حتى أناخَ في المسجدِ، فأمَرَهُ أنْ يأتيَ بمِفْتاحِ البيتِ ففتَحَ، ودخَلَ رسولُ اللهِ ﷺ ومعه أسامةُ وبلالٌ وعثمانُ، فمكَثَ فيها نهارًا طويلًا، ثمَّ خرَجَ، فاستبَقَ الناسُ، فكان عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ أوَّلَ مَن دخَلَ، فوجَدَ بلالًا وراءَ البابِ قائمًا، فسألَهُ: أين صلّى رسولُ اللهِ ﷺ؟ فأشارَ له إلى المكانِ الذي صلّى فيه، قال عبدُ اللهِ: فنَسِيتُ أنْ أسألَهُ: كم صلّى مِن سجدةٍ؟[[أخرجه البخاري (٢٩٨٨) (٤ /٥٦).]].
وقوله: ﴿وقُولُوا حِطَّةٌ﴾ هي مِن ألفاظِ الاستغفارِ لبني إسرائيلَ، أُمِرُوا بها عندَ الدخولِ، يُقالُ: حَطَّ اللهُ عنك خطاياكَ، فهو يَحُطُّها حِطَّةً، روى ابنُ جريرٍ وابنُ أبي حاتمٍ، قال سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عباسٍ: حِطَّةٌ: مغفرةٌ. وبه قال: استغفِروا اللهَ[[«تفسير الطبري» (١ /٧١٦، ٧١٧)، وتفسير ابن أبي حاتم (١ /١١٨).]].
وهو قولُ أكثرِ المفسِّرينَ مِن السلفِ، ويؤيِّدُ هذا أنّه قال بعدَ ذلك: ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ﴾، أيِ: استغفِروا ليُغفَرَ لكم، ولكنَّهم خالَفُوا أمرَ اللهِ، فزحَفُوا على أسْتاهِهِمْ، أي: مَقاعِدِهم، كما في «الصحيحينِ»، مِن حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه، يقولُ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (قِيلَ لِبَنِي إسْرائِيلَ: ﴿وادْخُلُوا البابَ سُجَّدًا وقُولُوا حِطَّةٌ﴾، فَبَدَّلُوا، فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلى أسْتاهِهِمْ، وقالُوا: حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ) [[أخرجه البخاري (٣٤٠٣) (٤ /١٥٦)، ومسلم (٣٠١٥) (٤ /٢٣١٢).]].
وهذا التبديلُ مِن تبديلِ اللفظِ وتبديل المعنى وتبديلِ العملِ، وهو شرُّ أنواعِ التحريفِ لأَمْرِ اللهِ، وهو المقصودُ في قولِه بعدَ ذلك: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّماءِ﴾ [البقرة: ٥٩].
أفضلُ أنواعِ التوبةِ وأقواها:
وفي الآيةِ دليلٌ على أنّ أقوى أنواعِ التوبةِ: تلك التي يجتمِعُ فيها عملُ القلبِ وعملُ الجوارحِ وقولُ اللسانِ، ولذا أمَرَهم اللهُ بالسجودِ، وأمَرَهُمْ بقولِ: «حِطَّةٌ»، ولا بدَّ مِن عملِ القلبِ، لأنّه أصلُ الامتثالِ بهذه المأموراتِ، وأنّ هذا هو أعظمُ الإحسانِ، ولذا قال: ﴿وسَنَزِيدُ المُحْسِنِينَ ﴾، مع أنّ الإتيانَ بالأعمالِ الصالحةِ في ذاتِه مكفِّرٌ للسيِّئاتِ، لقولِه: ﴿إنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ﴾ [هود: ١١٤].
والسجودُ في القرآنِ على نوعينِ:
النوعُ الأولُ: سجودُ تسخيرٍ:
وذلك كما في قولِه تعالى: ﴿ولِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّماواتِ والأَرْضِ طَوْعًا وكَرْهًا وظِلالُهُمْ بِالغُدُوِّ والآصالِ ﴾ [الرعد: ١٥]، وقولِه تعالى: ﴿يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ اليَمِينِ والشَّمائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ﴾ [النحل: ٤٨]، وقولِه تعالى: ﴿والنَّجْمُ والشَّجَرُ يَسْجُدانِ ﴾ [الرحمن: ٦].
وكلُّ علامةٍ يُبصِرُها الإنسانُ في الكونِ ويراها ناطقةً على كونِ الخالقِ هو اللهَ، فتلك العلامةُ مِن السجودِ للهِ، لأنّها امتثالٌ لتدبيرِ اللهِ وأمرِهِ، فدلَّتْ عليه بامتثالِها، ولا يمتثِلُ إلا متذلِّلٌ خاشعٌ مخلوقٌ.
النوعُ الثاني: سجودُ اختيارٍ:
وذلك كما في آيةِ البابِ، وكثيرٌ مِن ذِكرِ السجودِ في القرآنِ يرادُ به هذا النوعُ، قال تعالى: ﴿يَخِرُّونَ لِلأَذْقانِ سُجَّدًا ﴾ [الإسراء: ١٠٧]، وقال تعالى: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا واسْجُدُوا واعْبُدُوا رَبَّكُمْ﴾ [الحج: ٧٧]، وقال تعالى: ﴿والَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وقِيامًا ﴾ [الفرقان: ٦٤].
وبعضُ آيِ القرآنِ يدخُلُ فيه النوعانِ، كما في قولِه: ﴿ولِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ والمَلائِكَةُ وهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [النحل: ٤٩].
والنوعُ الثاني أعظمُ عندَ اللهِ، لأنّ الفعلَ يعظُمُ عندَ مَن يختارُهُ، على مَن لا يجدُ غيرَهُ، لهذا فَضَّلَ اللهُ الإنسانَ الساجدَ على غيرِهِ مِن المخلوقاتِ.
الأصلُ في السجودِ في الوحي:
وإذا أُطلِقَ السجودُ في القرآنِ والسُّنَّةِ، وتجرَّدَ مِن قرينةٍ تَصْرِفُهُ، فالمرادُ به السجودُ على الأَعْظُمِ السبعةِ، وأصبَحَ هذا مصطلَحًا عليه في كتبِ العلماءِ وأقوالِ السلفِ.
فضلُ السجود على الركوعِ والقيامِ:
والسجودُ أعظَمُ مِن الركوعِ والقيامِ في الصلاةِ، لأنّ السجودَ أكثرُ تواضُعًا، وأقرَبُ للأرضِ، والعبادةُ التي يكونُ فيها الإنسانُ أكثَرَ تخفِّيًا أفضلُ مِن غيرِها مِن جنسِها ممّا تكونُ علانيةً، إلا ما دلَّ عليه الدليلُ، فالسجودُ أظهرُ تخفِّيًا ونزولًا إلى الأرضِ، وأشَدُّ انكسارًا وتذلُّلًا واعترافًا بالتقصيرِ، والصوتُ في السجودِ عندَ المناجاةِ أخفى مِن صوتِ القائمِ والراكعِ.
والسجودُ عبادةٌ مستقلَّةٌ تُشرَعُ بأسبابِها ولو بلا صلاةٍ، كسجودِ التلاوةِ والشكرِ ـ كما في الآيةِ هنا ـ وظهورِ الآيةِ.
وأمّا الركوعُ والقيامُ، فليسا بعبادةٍ إلا في الصلاةِ، فلا يُشرَعُ للإنسانِ أنْ يركَعَ أو يقومَ متعبِّدًا للهِ بلا صلاةٍ، فالقيامُ للعبادةِ بلا صلاةٍ وحدَهُ لا يُشرَعُ، بل مُحْدَثٌ وبِدْعةٌ، إلا إذا قام لِيَدْعُوَ، فيُشرَعُ القيامُ، لاقترانِهِ بالدعاءِ فقطْ، والركوعُ وحدَهُ بلا صلاةٍ بِدْعةٌ وليس بعبادةٍ، ولو مع الذِّكْرِ والتعظيمِ والدعاءِ.
حكمُ القيامِ لغيرِ اللهِ:
ولذا، فإنّ الساجدَ لغيرِ اللهِ يكفُرُ، وأمّا القائمُ لغيرِ اللهِ، فلا يكفُرُ، بل يجوزُ أنْ يكونَ تحيةً وتقديرًا، لأنّ السجودَ عبادةٌ مستقلَّةٌ يظهرُ فيها التعبُّدُ وحدَهُ، بخلافِ القيامِ، وأمّا الركوعُ، وهو الانحناءُ اليسيرُ ولو تحيَّةً، فهو بدعةٌ لا تجوزُ، وهو تحيةُ العَجَمِ، وليس تحيةَ أهلِ الإسلامِ، ولا يكفُرُ مَن فعَلَه لغيرِ اللهِ، لأنّه ليس بعبادةٍ مستقلَّةٍ بنفسِه، بل لو فعَلَهُ الإنسانُ للهِ بلا صلاةٍ، لَمُنِعَ من ذلك ونُهِيَ عنه، فليس بعبادةٍ مستقلَّةٍ لا للهِ ولا لغيرِه، وإذا نَوى فاعلُ الركوعِ أو القيامِ عبادةً لغيرِ اللهِ، كفَرَ، لنيَّتِه، لا لفعلِه.
ويُسمّى الكلُّ ببعضِ أجزائِهِ إذا كان الجزءُ عظيمًا وركنًا جليلًا فيه، ولذا تُسمّى الصلاةُ بالسجودِ، كما قال تعالى: ﴿وأَدْبارَ السُّجُودِ ﴾ [ق: ٤٠]، والمرادُ: أدبارَ الصلاةِ، وسُمِّيَتْ أماكنُ العبادةِ: مَساجِدَ، ولم تُسَمَّ: مَراكِعَ، لأنّ السجودَ أعظمُ.
ولكنْ تُسمّى الصلاةُ ركوعًا كذلك، لأنّ الركوعَ رُكْنٌ، كما قال سبحانَهُ: ﴿وارْكَعِي مَعَ الرّاكِعِينَ ﴾ [آل عمران: ٤٣].
حكمُ السجودِ بلا سببٍ:
والسجودُ في آيةِ البابِ سجودُ الشكرِ، والسجودُ بلا سببٍ لا يُشرَعُ، وكَرِهَهُ بل حَرَّمَهُ بعضُ الفقهاءِ، كالإمامِ النوويِّ[[ينظر: «المجموع» (٤ /٦٩)، و«روضة الطالبين» (١ /٣٢٦).]]، لأنّه بدعةٌ وإحداثٌ.
وورَدَ النصُّ في أنواعِ السجودِ، كسجودِ الشكرِ والتلاوةِ وظهورِ الآيةِ.
وبعضُ العلماءِ يَرى للدعاءِ سجودًا منفردًا لِمَن أراد توبةً وغفرانًا، قال ابنُ تيميَّةَ: «ولو أراد الدعاءَ، فعفَّرَ وجهَهُ للهِ بالترابِ وسجَدَ له لِيَدْعُوَهُ فيه، فهذا سجودٌ لأجلِ الدعاءِ، ولا شيءَ يمنعُهُ»[[ينظر: «الفتاوى الكبرى» (٥ /٣٤٠).]].
وبعضُهم يستدِلُّ على مشروعيَّةِ السجودِ المنفصلِ بلا سببٍ، بما رواهُ مسلمٌ في «الصحيحِ»، عن ربيعةَ بنِ كعبٍ الأسلميِّ، قال: كنتُ أبِيتُ مع رسولِ اللهِ ﷺ، فأتيتُهُ بوَضُوئِهِ وحاجتِهِ، فقال لي: (سَلْ)، فقُلْتُ: أسْأَلُكَ مُرافَقَتَكَ فِي الجَنَّةِ، قالَ: (أوَ غَيْرَ ذَلِكَ؟!)، قُلْتُ: هُوَ ذاكَ، قالَ: (فَأَعِنِّي عَلى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ) [[أخرجه مسلم (٤٨٩) (١ /٣٥٣).]].
وهو استدلالٌ فيه نظرٌ، لأنّ المرادَ بالسجودِ هنا الصلاةُ، لأنّ الصلاةَ تُسمّى سجودًا، كما تقدَّمَ الكلامُ عليه، ولو جُعِلَ السجودُ هنا هو السجودَ المنفصِلَ بلا سببٍ، لَلَزِمَ مِن ذلك القولُ بمشروعيَّةِ الركوعِ بلا سببٍ، لأنّ اللهَ يقولُ: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا واسْجُدُوا﴾ [الحج: ٧٧]، والركوعُ للهِ بلا سببٍ عبادةٌ لم يقُلْ بها أحدٌ معتبَرٌ مِن علماءِ الإسلامِ.
سجودُ الشكر وصلاتُهُ:
وبعضُ العلماءِ رأى أنّ للشكرِ صلاةً كما أنّ له سجودًا، وحمَلُوا الصلاةَ التي صلاَّها النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عندَ فتحِ مكةَ على أنّها صلاةُ الشكرِ للهِ على فتحِ مكةَ، وثبوتُ صلاةِ الشكرِ للهِ على النعمةِ لا يحتاجُ إلى دليلٍ خاصٍّ، لأنّ اللهَ أمَرَ بشُكْرِهِ تعبُّدًا للهِ، والإكثارِ مِن النوافلِ له بلا حصرٍ أو قيدٍ بنعمةٍ معيَّنةٍ، ولكنْ قد تطرأُ نعمةٌ عظيمةٌ فيصلِّي حينَها للهِ شكرًا، وهذا حسَنٌ، ولكنَّ صلاةَ الشكرِ في ذاتِها مشروعةٌ بلا دليلٍ خاصٍّ، لأنّ أصلَ العباداتِ إنّما هي تضرُّعٌ وعبادةٌ وشكرٌ للهِ، ولذا كان النبيُّ ﷺ يُكثِرُ مِن قيامِ الليلِ حتى تتفطَّرَ قَدَماهُ ويقولُ: (أفَلا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟!) [[أخرجه البخاري (١١٣٠) (٢ /٥٠)، ومسلم (٢٨٢٠) (٤ /٢١٧٢).]]، فجعَلَ عبادتَهُ كلَّها شكرًا للهِ، والحديثُ في «الصحيحِ» عن عائشةَ والمُغِيرةِ.
ورُوِيَ عن سعدِ بنِ أبي وقّاصٍ رضي الله عنه، أنّه لمّا فُتِحَتْ مدائنُ كِسْرى، صلّى ثمانيَ ركَعاتٍ[[ينظر: «البداية والنهاية» (٤ /٣٠٠).]].
وفي حديثِ كعبِ بنِ مالكٍ لمّا بُشِّرَ بتوبةِ اللهِ عزّ وجل عليه، خرَّ ساجدًا[[أخرجه البخاري (٤٤١٨) (٦ /٣)، ومسلم (٢٧٦٩) (٤ /٢١٢٠).]].
وفي «سننِ النَّسائيِّ»، مِن حديثِ سعيدٍ، عن ابنِ عباسٍ، أنّ النبيَّ ﷺ سجَدَ في ص، وقالَ: (سَجَدَها داوُدُ تَوْبَةً، ونَسْجُدُها شُكْرًا) [[أخرجه النسائي (٩٥٧) (٢ /١٥٩).]].
سجود التوبة:
وفي هذا أنّ سجودَ التوبةِ والاستغفارِ صحيحٌ، وسجودُ الشكرِ كذلك، وإنّما لم يسجُدْ نبيُّنا ﷺ هذه السجدةَ توبةً كداودَ، وإنّما جعَلَها شكرًا، لأنّ طلبَ التوبةِ كان بسببِ عملٍ وقَعَ مِن داودَ، فكانتِ التوبةُ مِن داودَ لا مِن محمدٍ عليهما السلام، وإنّما سجَدَها ﷺ شكرًا، لأنّ اللهَ غفَرَ لنبيِّهِ داودَ ذلك، وقَبِلَ استغفارَهُ، فقد قال بعدَهُ: ﴿فَغَفَرْنا لَهُ ذَلِكَ وإنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وحُسْنَ مَآبٍ ﴾ [ص: ٢٥]، ثمَّ إنّ اللهَ أمَرَهُ بالاقتداءِ بداودَ وإخوانِهِ وآبائِهِ الأنبياءِ، فقد قالَ اللهُ في إبراهيمَ: ﴿ومِن ذُرِّيَّتِهِ داوُودَ وسُلَيْمانَ﴾ [الأنعام: ٨٤]، إلى قَوْلِهِ: ﴿وإسْماعِيلَ واليَسَعَ ويُونُسَ ولُوطًا وكُلاًّ فَضَّلْنا عَلى العالَمِينَ ﴾ [الأنعام: ٨٦]، ثُمَّ قال في الأنبياءِ الذينَ سَمّاهُمُ اللهُ في هذه الآيةِ: ﴿فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠] صلّى اللهُ عليهم، فكان مِن الاقتداءِ بهم: العملُ كعَمَلِهم، ومنهم داودُ، وإنِ اختلَفَ القصدُ، فيؤدّى الظاهرُ، فذاك سجودُ توبةٍ، وهذا سجودُ شكرٍ.
ورُوِيَ عن جماعةٍ مِن الصحابةِ سجودُهم شكرًا للهِ عندَ رؤيتِهم أو سماعِهم خبرًا عظيمًا للأُمَّةِ، يُروى هذا عن أبي بكرٍ وعمرَ في فتحِ اليَمامةِ، وعن عليٍّ لمّا أُتِيَ بالمُخْدَجِ في قتالِهِ، رواهُما ابنُ أبي شَيْبةَ[[أخرجهما ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٨٤١٣)، (٨٤١٥)، (٨٤١٦) (٢ /٢٢٨).]].
السجودُ قائمًا:
ويُستحَبُّ لمَن أرادَ السجودَ أنْ يسجُدَ وهو قائمٌ، وإنْ كان قاعدًا أنْ يقومَ ثمَّ يسجُدَ، فقد جاء عندَ أبي داودَ في «سننِه»، مِن حديثِ سعدِ بنِ أبي وقّاصٍ رضي الله عنه، قال: خرَجْنا مع رسولِ اللهِ ﷺ مِن مَكَّةَ نُرِيدُ المدينةَ، فلمّا كنّا قريبًا مِن عَزْوَراءَ، نزَلَ، ثمَّ رفَعَ يَدَيْهِ، فدَعا اللهَ ساعةً، ثمَّ خَرَّ ساجدًا، فمكَثَ طويلًا، ثمَّ قامَ، فرفَعَ يدَيْهِ ساعةً، ثمَّ خَرَّ ساجدًا ـ فعَلَهُ ثلاثًا ـ قالَ: (إنِّي سَأَلْتُ رَبِّي وشَفَعْتُ لأُمَّتِي، فَأَعْطانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ ساجِدًا شُكْرًا لِرَبِّي، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي فَسَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتِي، فَأَعْطانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ ساجِدًا لِرَبِّي شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي، فَسَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتِي، فَأَعْطانِي الثُّلُثَ الآْخِرَ، فَخَرَرْتُ ساجِدًا لِرَبِّي) [[أخرجه أبو داود (٢٧٧٥) (٣ /٨٩).]].
وهذا الحديثُ لا يصحُّ، ففي إسنادِه موسى بنُ يعقوبَ الزَّمْعِيُّ، وشيخُهُ يحيى بنُ الحسنِ لا يُعرَفُ[[«ميزان الاعتدال» (٤ /٣٦٨).]].
ولكنْ هذا ظاهرُ فعلِ النبيِّ ﷺ حتى في صلاتِه، فقد صحَّ عنه: «أنّه كانَ أحْيانًا يُصَلِّي قاعِدًا، فَإذا قَرُبَ مِنَ الرُّكُوعِ، فَإنَّهُ يَرْكَعُ ويَسْجُدُ وهُوَ قائِمٌ، وأَحْيانًا يَرْكَعُ ويَسْجُدُ وهُوَ قاعِدٌ»[[«الفتاوى الكبرى» لابن تيمية (٢ /٢٦٢).]].
وهذا في صلاةٍ، وكذلك في غيرِ الصلاةِ لِمَن أرادَ سجودًا، لأنّ السجودَ عن قيامٍ أظهرُ في التذلُّلِ والتضرُّعِ والانكسارِ، فيَهْوِي مِن أعلى ما تكونُ عليه قامتُهُ ورأسُهُ، إلى أسفلِ ما يكونُ عليه رأسُهُ، وهو أكرَمُ ما فيه.
وبعضُ السلفِ كَرِهَ سجودَ الشكرِ، ورأَوْا أنّ الشكرَ يكونُ بصلاةٍ تامَّةٍ فقطْ، رُوِيَ هذا عن إبراهيمَ النَّخَعِيِّ، فروى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن مُغِيرةَ، عن إبراهيمَ: «أنّه كان يَكْرَهُ سَجْدةَ الفرحِ، ويقولُ: ليس فيها ركوعٌ ولا سجودٌ»[[أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٨٤٢١) (٢ /٢٢٩).]].
وكان يقولُ عنها: «بدعةٌ»[[أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٨٤٢٣) (٢ /٢٢٩).]].
وكَرِهَهُ مالكٌ[[ينظر: «المدونة» (١ /١٩٧).]]، وهذا غريبٌ مع سَعَةِ اطِّلاعِهِ على فقهِ أهلِ المدينةِ ومعرفتِهِ بأفعالِ النبيِّ ﷺ، ومِثلُ هذا ينتقِلُ عملُه ويشتهِرُ.
وفي البابِ أحاديثُ مرفوعةٌ في سجودِ النبيِّ ﷺ للشكرِ، وأكثرُها معلولٌ، ومِن ذلك ما جاء عندَ أبي داودَ، والترمذيِّ، وابنِ ماجَهْ، من طريقِ بَكّارِ بنِ عبدِ العزيزِ بنِ أبي بَكْرةَ، عن أبيهِ، عن أبِي بَكْرةَ رضي الله عنه: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ إذا جاءَهُ أمْرٌ يَسُرُّهُ، خَرَّ ساجِدًا للهِ»[[أخرجه أبو داود (٢٧٧٤) (٣ /٨٩)، والترمذي (١٥٧٨) (٤ /١٤١)، وابن ماجه (١٣٩٤) (١ /٤٤٦).]]، وبكارٌ ليِّنُ الحديثِ[[ينظر: «تاريخ ابن معين» «دوري» (٤ /٨٦)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (٢ /٤٠٨)، و«الكامل في ضعفاء الرجال» لابن عدي (٢ /٢١٧).]].
وكذلك ما جاء مِن حديثِ عبدِ الواحدِ بنِ محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ، قال: سَجَدَ النَّبِيُّ ﷺ، فَأَطالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، وقالَ: (إنّ جِبْرِيلَ أتانِي فَبَشَّرَنِي، فَسَجَدتُّ للهِ شُكْرًا) [[أخرجه أحمد (١٦٦٤) (١ /١٩١).]]، رواهُ أحمدُ وعبدُ الواحدِ لا تُعرَفُ حالُه[[ينظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (٦ /٥٥)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (٦ /٢٣).]].
وأَمْثَلُ منها حديثُ البَراءِ في سجودِ النبيِّ لمّا بلَغَهُ إسلامُ هَمْدانَ لمّا كتَبَ له عليٌّ رضي الله عنه بإسلامِهم، فلمّا قرَأَ رسولُ اللهِ ﷺ الكتابَ، خَرَّ ساجدًا[[أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (٢ /٣٦٩).]]، وقد رواهُ البيهقيُّ، والقصةُ في «صحيحِ البخاريِّ» بلا ذِكْرِ السجودِ فيها[[«صحيح البخاري» (٤٣٤٩) (٥ /١٦٣).]]، وقوّاهُ غيرُ واحدٍ كالبيهقيِّ وغيرِه[[ينظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (٢ /٣٦٩)، و«معرفة السنن» (٣ /٣١٦).]].
ولا يلزمُ لسجودِ الشكرِ تكبيرٌ، ولا طهارةٌ، ولا تسليمٌ، ولا يظهرُ كذلك اشتراطُ الاستقبالِ، لأنّه سجودٌ، وليس صلاةً.
{"ayah":"وَإِذۡ قُلۡنَا ٱدۡخُلُوا۟ هَـٰذِهِ ٱلۡقَرۡیَةَ فَكُلُوا۟ مِنۡهَا حَیۡثُ شِئۡتُمۡ رَغَدࣰا وَٱدۡخُلُوا۟ ٱلۡبَابَ سُجَّدࣰا وَقُولُوا۟ حِطَّةࣱ نَّغۡفِرۡ لَكُمۡ خَطَـٰیَـٰكُمۡۚ وَسَنَزِیدُ ٱلۡمُحۡسِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق