الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿والمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ولا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أرْحامِهِنَّ إنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ وبُعُولَتُهُنَّ أحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إنْ أرادُوا إصْلاحًا ولَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ ولِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ واللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: ٢٢٨].
الطلاقُ: مأخوذٌ مِن الإطلاقِ بعدَ قَيْدٍ، وهو الفَكُّ والحَلُّ بعدَ عقدٍ، فعِصْمةُ المرأةِ مقيَّدةٌ بيدِ زَوْجِها، وأمرُها في حقِّها بالاستمتاعِ بنفسِها معقودٌ بزَوْجِها، وفَكُّ القيدِ وحَلُّ العَقْدِ هو الطلاقُ في الشريعةِ.
طلاق الجاهلية:
وكان الرَّجُلُ في الجاهليَّةِ إذا أرادَ طلاقَ امرأتِهِ، قالَ لها: «اذْهَبِي، فلا أنْدَهُ سَرْبَكِ»، ومعنى ذلك: لا أرُدُّ إبِلَكِ الذّاهِبَةَ في سَرْبِها، بل أترُكُها لتذهَبَ حيثُ شاءَتْ.
ويطلِّقونَ كذلك بقولِهم: «حَبْلُكِ على غارِبِكِ».
وربَّما طَلَّقَتِ المرأةُ في الجاهليَّةِ زَوْجَها إذا غابَ عنها، تقومُ بتحويلِ بابِ بيتِها إلى جهةٍ أخرى فتطلُقُ منه، كما ذكرَهُ الزُّبَيْرُ بنُ بَكّارٍ.
والتربُّصُ هو الانتظارُ، وإنّما جُعِلَ بصيغةِ الخبرِ والمرادُ به الأمرُ، كما في قولِه تعالى: ﴿والوالِداتُ يُرْضِعْنَ أوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، وإنّما جعَلَ اللهُ ذلك لَهُنَّ وبأنفُسِهِنَّ، لأنّ الرَّجُلَ لا يَعْتَدُّ بطلاقِ امرأتِهِ، إلاَّ الرابعةَ منهُنَّ، فيعتدُّ معها حتّى تخرُجَ مِن عِدَّتِها، فيتزوَّجَ غيرَها، حتّى لا يأخُذَ خامسةً والرابعةُ زوجةٌ له ما دامَتْ في العِدَّةِ.
والقولُ قولُ المرأةِ ما دامَتْ ثقةً في دِينِها في بَدْءِ حَيْضِها وانتهائِه، لأنّ هذا الأمرَ لا يُعلَمُ إلاَّ بِها، وهي مستأمَنَةٌ عليه، وعلى ما في بَطْنِها لو كانت حاملًا مِن زوجِها، أن تُخبِرَ بذلك ولو كرِهَتْهُ، حتّى لا تَختلِطَ الأنسابُ، وعِدَّةُ الحاملِ غيرُ عِدَّةِ غيرِها، فلا يَحِلُّ لها كتمانُ ما في بطنِها مِن حَمْلٍ، أو طُهْرٍ أو حَيْضٍ، استعجالًا لخروجِها مِن عِصْمةِ زَوْجِها.
والقولُ قولُها ما لم تُخبِرْ بمُحالٍ أو أمرٍ بعيدٍ، كحيضِها في مُدَّةٍ لا تحيضُ النِّساءُ فيها، قال ابنُ المُنذِرِ: «وقال كلُّ مَن حَفِظْتُ عنه مِن أهلِ العِلْمِ: إذا قالَتِ المرأةُ في عَشَرةِ أيّامٍ: قد حِضْتُ ثلاثَ حِيَضٍ، وانقضَتْ عِدَّتِي: إنّها لا تصدَّقُ، ولا يُقبَلُ ذلك منها»[[«المجموع» (١٨/١٩٩).]].
ولو قالَتْ: إنّها حاضَتْ ثلاثًا في شهرٍ، وكان عادةُ نِسائِها ذلك، صُدِّقَتْ، وقد قَضى به شُرَيْحٌ، وصَدَّقَهُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ، وقال به مالكٌ.
وقال أبو حنيفةَ والشافعيُّ: لا تصدَّقُ في أقلَّ مِن السِّتينَ يومًا[[المرجع السابق.]].
والآيةُ في عِدَّةِ المرأةِ مِن زَوْجِها، والأصلُ في الحِكْمةِ مِن مشروعيَّةِ عِدَدِ الأزواجِ: استبراءُ الرَّحِمِ، إلاَّ عِدَّةَ الوفاةِ، فقد جعلَها اللهُ عبادةً تَشمَلُ الاستِبْراءَ، وتعظيمَ حقِّ الزوجِ، وغيرَ ذلك.
والمقصودُ بالمطلَّقاتِ في الآيةِ: ﴿والمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾: هُنَّ الحُيَّضُ اللاَّتي دخَلَ بهنَّ أزواجُهُنَّ، وإنّما قدَّمَهُنَّ في بيانِ حُكْمِهِنَّ، لأنّ أكثرَ أحوالِ النساءِ المطلَّقاتِ: المدخولُ بهنَّ، يُدْخَلُ بهنَّ، ثُمَّ يطلَّقْنَ وهُنَّ حُيَّضٌ، والمرأةُ لا تخلو مِن أحوالٍ:
إمّا حائِضٌ، أو غيرُ حائضٍ لصِغَرٍ ويأسٍ وغيرِهِ، أو حاملٌ.
والمرادُ هنا المطلَّقةُ الحائضُ، والمطلَّقةُ الحائِضُ إمّا أنْ تكونَ: مدخولًا بِها، أو غيرَ مدخولٍ بِها.
والمرادُ في الآيةِ: المطلَّقةُ الحائضُ المدخولُ بها، لأنّ اللَّهَ قالَ: ﴿ولا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أرْحامِهِنَّ﴾، وهذا الخِطابُ لا يَتَوجَّهُ إلاَّ للمدخولِ بِها، فيُظَنُّ منها حَمْلٌ.
وقد بيَّن اللهُ حُكْمَ الحامِلِ في سُورةِ الطلاقِ: ﴿وأُولاتُ الأَحْمالِ أجَلُهُنَّ أنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤].
وبيَّن حُكْمَ الآيسةِ والتي لا تحيضُ لصِغرٍ وغيرِه فيها: ﴿واللاََّّئِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ﴾ الآيةَ [الطلاق: ٤].
وبيَّن اللهُ حُكْمَ غيرِ المدخولِ بها في قولِه في سورةِ الأحزابِ: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا نَكَحْتُمُ المُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِن عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها﴾ [الأحزاب: ٤٩].
وآيةُ البقرةِ: لا يدخُلُ في حُكْمِها غيرُ المطلَّقةِ الحائضِ المدخولِ بها على الصحيحِ، لذِكْرِ اللهِ للطلاقِ والأَقْراءِ والحَمْلِ فيها.
معنى القرءِ:
وقولُه تعالى: ﴿ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾:
القَرْءُ في لُغَةِ العَرَبِ يُطلَقُ على الزَّمَنِ، سواءٌ كان حَيْضًا أو طُهْرًا، فيُقالُ: أقْرَأَتِ المَرْأَةُ: إذا دنا حَيْضُها، وأَقْرَأَتْ: إذا دنا طُهْرُها، كما يقولُ الشاعرُ:
إذا هَبَّتْ لِقارِئِها الرِّياحُ
فهو مِن الأسماءِ المشتَرَكةِ، يقولُ بهذا أهلُ اللُّغَةِ، كأبي عُبَيْدٍ، والأصمَعيِّ، وأبي عَمْرِو بنِ العَلاءِ، وحكى الاتفاقَ عليه ابنُ جريرٍ[[«تفسير الطبري» (٤/١٠٣).]]، وإنّما الخلافُ في نزولِ حُكْمِ اللهِ على أحدِ المعنيَيْنِ، زمَنِ الطُّهْرِ أمْ زمَنِ الحيضِ؟ على قولَيْنِ، هما رِوايتانِ عن أحمدَ:
الأوَّلُ: المرادُ به الأطهارُ، وهو قولٌ صحَّ عن عائشةَ، وزيدٍ، وابنِ عمرَ، وفقهاءِ المدينةِ، وقال به ربيعةُ ومالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ.
الثاني: المرادُ به الحِيَضُ، وهو قولُ عمرَ، وعليٍّ، وابنِ مسعودٍ، وابنِ عبّاسٍ، وعِكْرِمةَ، ومجاهِدٍ، وقَتادةَ، وهو قولُ أبي حَنِيفةَ وأهلِ الرأيِ، وجماهيرِ الحنابلةِ.
وصحَّ عن عمرِو بنِ دينارٍ قولُهُ: «الأَقْراءُ: الحِيَضُ، عن أصحابِ النبيِّ ﷺ»[[«تفسير الطبري» (٤/٨٩).]].
ورواهُ الأسوَدُ وعَلْقمةُ، عن عمرَ وابنِ مسعودٍ، وهو صحيحٌ عنهما[[«تفسير الطبري» (٤/٩١).]].
ورواهُ ابنُ المُسَيَّبِ، عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وهو صحيحٌ عنه[[«تفسير الطبري» (٤/٩٣).]].
ورواهُ زيدُ بنُ رُفَيْعٍ، عن أبي عُبَيْدةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، عن أبيه وعُثْمانَ[[«تفسير الطبري» (٤/٩٤).]]، وزيدٌ ليس بالقويِّ، ولم يَسمعْ أبو عُبَيْدةَ مِن عُثْمانَ.
وهذا مِن مواضعِ النزاعِ القويِّ، لِقِدَمِ الخلافِ، وجلالةِ المخالِفِينَ، واحتمالِ اللُّغةِ والوضعِ للمعنيَينِ جميعًا.
والنَّفْسُ تميلُ إلى الأوَّلِ، لأنّ عليه قولَ أهلِ الصَّدْرِ الأوَّلِ مِن أهلِ الحجازِ، قال أبو بكرِ بنُ عبدِ الرحمنِ: «ما أدْرَكْنا أحَدًا مِن فُقَهائِنا إلاَّ يَقُولُ بقولِ عائِشَةَ في أنّ الأقراءَ هي الأطهارُ»[[«تفسير القرطبي» (٤/٤١).]].
وقد استَدَلَّ بعضُ مَن قال بأنّ القُرُوءَ الأطهارُ بما ثبَتَ في «الصحيحَيْنِ»، مِن حديثِ ابنِ عمرَ، أنّ النبيَّ ﷺ قال له عندَما طَلَّقَ امرأتَهُ وهي حائضٌ: (مُرْهُ فَلْيُراجِعْها، ثُمَّ لْيُمْسِكْها حَتّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شاءَ أمْسَكَ بَعْدُ، وإنْ شاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ التي أمَرَ اللهُ أنْ تُطَلَّقَ لَها النِّساءُ) [[أخرجه البخاري (٥٢٥١) (٧/٤١)، ومسلم (١٤٧١) (٢/١٠٩٣).]].
حيثُ أحالَهُ النبيُّ ﷺ إلى الطُّهْرِ، فإذا كان الطُّهْرُ مَحَلَّ الطلاقِ، فهو محلُّ العِدَّةِ.
ثمَّ إنّ اللهَ جمَعَ، فقالَ: ﴿ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾، وهو جمعٌ للقَرْءِ لا القُرْءِ، فالأولُ الطُّهْرُ، والثاني الحَيْضُ.
واللهُ ذكَرَ العددَ مؤنَّثًا، وهذا يَدُلُّ أنّ المرادَ بالقروءِ: الأطهارُ، فالطُّهْرُ مذكَّرٌ، والحَيْضُ مؤنَّثٌ.
وقال غيرُ واحدٍ: إنّ القَرْءَ بفتحِ القافِ وضَمِّها: سواءٌ.
وأمّا القولُ الثاني: وهو القولُ بأنّ الأَقْراءَ الحِيَضُ، فاستَدَلَّ مَن قال به: بأنّ النبيَّ ﷺ أمَرَ في سَبْيِ أوْطاسٍ أنْ يُسْتَبْرَأْنَ قبلَ أن يُوطَأْنَ بِحَيْضةٍ، كما أخرَجَهُ أحمدُ، مِن حديثِ أبي سعيدٍ[[أخرجه أحمد (١١٢٢٨) (٣/٢٨).]].
ثمَّ إنّ الطُّهْرَ أصلٌ لا حَدَّ له، والحَيْضُ هو العارضُ المحدودُ، والضَّبْطُ به أدقُّ، والقرءُ ضبطٌ لِزَمَنٍ، والأزمانُ الضيِّقةُ المحدودةُ أزمانُ الحَيْضِ، لا أزمانُ الطُّهْرِ الذي هو الأصلُ المُتَّسِعُ، فأكثَرُ عُمْرِ المرأةِ طاهِرًا لا حائِضًا.
والحَيْضُ هو الذي يَقذِفُ ما في الرَّحِمِ وينقِّيهِ، ويحصُلُ المقصودُ بنهايةِ الحَيْضِ، لا بنهايةِ الطُّهْرِ، فإنّ الاستبراءَ لا يُحتاجُ معه إلى نهايةِ الطُّهْرِ، بل نهايةِ الحَيْضِ، وبِدايةُ الطُّهْرِ كافيةٌ في ذلك.
وللشافعيِّ قولٌ ذكَرَهُ القرطبيُّ[[«تفسير القرطبي» (٤/٣٨).]]، وذكَرَه أيضًا الغزاليُّ[[«الوسيط في المذهب» (٦/١١٨).]] قَولًا لبعضِ فقهاء الشافعيَّة: أنّ القرء هو الانتقالُ مِن الطُّهْرِ إلى الحَيْضِ، وليس الانتقالَ مِن الحَيْضِ إلى الطُّهْرِ، لأنّ الحَيضَ ليس زمَنًا مشروعًا للطلاقِ فلا يَنزِلُ عليه لفظُ القرءِ هنا، مع دخولِهِ في عمومِ اللُّغَةِ، لأنّه وقتٌ كغيرِهِ، وهو قولٌ حَسَنٌ لو كان له سَلَفٌ.
المقصدُ مِن عدَّةِ المطلَّقةِ:
والمقصدُ الشرعيُّ الأكبرُ ـ وهو الاستبراءُ ـ يحصُلُ بجميعِ هذه الأقوالِ الثلاثةِ، وما عداهُ مِن المقاصدِ ـ كإنظارِ الزَّوجَيْنِ أن يتفكَّرا في الرجعةِ ويتصالَحا، ويَذهَبَ ما بالنفوسِ ـ فهو مُدَّةٌ تحصُلُ بأدنى الأقوالِ زمنًا مع النفوسِ المعتدِلةِ، واللهُ أعلمُ.
عدةُ الأمَةِ المطلَّقةِ:
ولا خلافَ عندَ العلماءِ: أنّ الحُرَّةَ المطلَّقةَ الحائضَ المدخولَ بها: تعتدُّ ثلاثةَ قروءٍ، للآيةِ.
وقدِ اختلَفَ العلماءُ في عِدَّةِ الأَمَةِ على قولَيْنِ:
القولُ الأوَّلُ: أنّ عِدَّتَها أقلُّ مِن عِدَّةِ الحُرَّةِ، وهي قُرْءانِ، لأنّ القُرْءَ لا يُنصَّفُ، ولأنّ الأمَةَ في الحدودِ على النِّصْفِ مِن الحُرَّةِ.
وهذا القولُ هو قولُ عُمَرَ وجمهورِ العلماءِ مِن بَعْدِه، روى سعيدُ بنُ منصورٍ عنه، قال: «لوِ استَطَعْتُ أنْ أجعَلَ عِدَّةَ الأمَةِ حَيْضةً ونِصْفًا، لفَعَلْتُ»[[أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (١٢٧٠) (١/٣٤٣).]].
القولُ الثاني: عِدَّتُها كالحُرَّةِ، وهو قولُ أهلِ الظاهرِ، أخذًا بعمومِ الآيةِ.
والأرجَحُ الأَوَّلُ، لأنّ أعظمَ مقاصدِ العِدَّةِ براءةُ الرَّحِمِ، وقد جعَلَ اللهُ استبراءَ الأَمَةِ بحَيْضةٍ، فلا تُوطَأُ سُرِّيَّةٌ إلاَّ بعدَ استبرائِها بها، ولكنْ لمّا كانَتِ الحُرَّةُ ثلاثةَ قُروءٍ، واجتمَعَ في عِدَّةِ المطلَّقةِ مقاصدُ غيرُ مَقصَدِ الاستبراءِ، كالأمَدِ بالتفكيرِ في المراجَعةِ بينهما، نقَصَتِ الأمَةُ عنِ الحُرَّةِ، فلا تعتدُّ ثلاثةَ قروءٍ، وارتفَعَتْ عن مَقْصَدِ الاستبراءِ وحْدَهُ، كالسُّرِّيَّةِ، فلا تعتدُّ بحَيْضةٍ، فكانت عِدَّتُها قُرْأَيْنِ.
ويدخُلُ في الآيةِ: المرأةُ التي ينقطِعُ حَيْضُها انقطاعًا عارضًا باختيارِها، كالمُرْضِعِ ومَن تأخُذُ دواءً يتسبَّبُ في قَطْعِ الدَّمِ، أو بغيرِ اختيارِها، لكنَّه عارِضٌ، كمَرَضٍ يُرْجى بُرْؤُهُ جَفَّفَ الدَّمَ عنها، فتتربَّصُ بالأقراءِ، لعمومِ الآيةِ، ولعدَمِ دخولِها في حُكْمِ غيرِها مِن الآيِسِ والحامِلِ.
وهذا قولُ الأئمَّةِ الأربعةِ، وقال بِه مِن الصحابةِ: عثمانُ وعليٌّ وابنُ مسعودٍ وزيدٌ.
انقطاعُ دمِ المطلَّقةِ في عِدتها:
ومَنِ انقَطَعَ دَمُها لغيرِ عارضٍ، ولم تبلُغْ سِنَّ الإياسِ بعدُ، ففي المسألةِ قولانِ مشهورانِ:
الأوَّلُ: وهو أعلى ما جاء في ذلك، عن عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، كما رواهُ مالِكٌ وعبدُ الرزّاقِ، عنه، قال: «أيُّما امرأةٍ طُلِّقَتْ ثمَّ حاضَتْ حَيْضةً أو حيضتَيْنِ، ثمَّ ارتفعَتْ حَيْضَتُها، فإنّها تنتظِرُ تسعةَ أشهُرٍ، فإنْ بان بها حملٌ فذلك، وإلاَّ اعتَدَّتْ بعدَ التِّسْعةِ ثلاثةَ أشهُرٍ، ثمَّ حَلَّتْ»[[أخرجه مالك في «الموطأ» (عبد الباقي) (٧٠) (٢/٥٨٢)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (١١٠٩٥) (٦/٣٣٩).]].
وهو قولُ مالكٍ وأحمدَ، وهو قولُ الشافعيِّ في القديمِ.
والثاني: تنتظِرُ حتّى الإياسِ، ثمَّ تعتَدُّ بالشهورِ، وهذا القولُ لأبي حنيفةَ والشافعيِّ، ورُوِيَ عن عليٍّ وابنِ مسعودٍ.
والأرجَحُ الأوَّلُ، والقولُ الثاني فيه ضَرَرٌ، ولا نصَّ يعضُدُهُ إلاَّ التعليلَ أنّ المرأةَ إمّا أن تكونَ حائضًا، أو آيسًا، أو حاملًا، أو صغيرةً لا تحيضُ، وانتظارُها للإياسِ لا حَدَّ له، وفيه ضررٌ عليها.
وقولُ عُمَرَ أقربُ، وسُنَّتُهُ أوْلى بالأخذِ والقبول.
وبيانُ الحملِ لا يطولُ، والنُّطْفةُ إذا لم تتكوَّنْ وتتخلَّقْ، ماتَتْ وسقَطَتْ لا يحفَظُها الرَّحِمُ، وأهلُ الطِّبِّ يَقطَعونَ بمِثْلِ هذا اليومَ، والاستئناسُ بقولِ الثِّقَةِ منهم أوْلى مِن تَربُّصِ المرأةِ إلى الإياسِ بلا حدٍّ.
ومَن طلَّقَ زوجتَهُ في حالِ الحَيْضِ، فلا تَعتَدُّ بتلك الحَيْضةِ عندَ مَن أمضى طلاقَهُ، وحُكِيَ الاتِّفاقُ على ذلك، وأمّا مَن لم يُمْضِ الطلاقَ، فهو لا يُمضِي العِدَّةَ تبَعًا.
احتسابُ طهر المطَلَّقَةِ:
وأمّا مَن طلَّقَها في حالِ طُهْرٍ لم يَمَسَّها فيه، فإنّها تَعْتَدُّ عندَ جمهورِ الفقهاءِ بذلك الطُّهْرِ، ولو بَقِيَ منه ساعةٌ.
وبعضُ الفقهاءِ لا يَرى للمطلَّقةِ في طُهْرٍ أن تعتدَّ ببقيَّةِ طُهْرِها هذا، بل تحسُبُ غيرَهُ، وقال الزُّهْريُّ في امرأةٍ طُلِّقَتْ في بعضِ طُهْرِها: «إنّها تعتدُّ بثلاثةِ أطهارٍ سوى بقيَّةِ ذلك الطُّهْرِ».
ولم يوافِقْهُ ممَّن يقولُ بأنّ الأقراءَ الأطهارُ على قولِه هذا أحدٌ، كما قالَهُ ابنُ عبدِ البرِّ[[«التمهيد» (١٥/٩٣).]].
وقولُهُ تعالى: ﴿ولا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أرْحامِهِنَّ﴾ إشارةٌ إلى ما سبَقَ أنّ أمرَ العِدَّةِ موكولٌ إلى المرأةِ والقولَ في ذلك قَوْلُها، تُوكَلُ إلى دينِها، وعند الشكِّ تخوَّفُ باللهِ، ويَظهَرُ تخويفُها مِن عِظَمِ أمرِ الكِتْمانِ بقولِهِ: ﴿إنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ﴾، وهذا وعيدٌ شديدٌ ذكَرَهُ اللهُ في غيرِ ما موضعٍ تشديدًا، فقد ذكَرَهُ في عَضْلِ النساءِ أن يَرجِعْنَ إلى أزواجِهِنَّ بعد آياتٍ، وذكَرَهُ عند الأمرِ بِرَدِّ الأمرِ عند التنازُعِ إلى اللهِ ورسولِهِ كما في سورةِ النساءِ، وعند الأمرِ بإقامةِ حدِّ الزِّنى في سورةِ النُّورِ، وعند الاقتداءِ بالنبيِّ ﷺ في سورةِ الأحزابِ، وعند إقامةِ الشهادةِ للهِ في الطلاقِ، وفي مواضعَ أُخرى عند التحذيرِ مِن عمَلٍ يؤكِّدُهُ بالتذكيرِ بالإيمانِ باللهِ وعظمتِه، والآخِرةِ والحِسابِ فيها، كما في موالاةِ مَن حادَّ اللهَ ورسولَهُ في المجادَلةِ، وغيرِ ذلك.
وقيل: المرادُ بما في أرحامِهِنَّ: الحَمْلُ، قاله عمرُ وابنُ عبّاسٍ[[«تفسير الطبري» (٤/١١٠)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٢/٤١٥).]]، وقيلَ: الحَيْضُ، قاله عِكْرِمةُ والزُّهْريُّ والنَّخَعيُّ[[«تفسير الطبري» (٤/١٠٥ ـ ١٠٦)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٢/٤١٦).]].
وكلاهُما مقصودٌ، فلا يَحِلُّ لها كِتْمانُ حَمْلِها ولا حَيْضِها، فلا يَحِلُّ لها الكَذِبُ بِحَمْلِها أو حَيْضِها أو طُهْرِها، فتقولَ: أنا حاملٌ، أو حائضٌ، أو طاهرٌ، وليست كذلك، رغبةً في فِراقٍ أو لَحاقٍ، فإذا عَلِمَتْ أنّ زوجَها يُحِبُّ الولَدَ، كذَبَتْ بِحَمْلِها لِتَرجِعَ، وكذَبَتْ لأجلِ أن يَمْتَدَّ أجلُ عِدَّتِها ليُراجِعَها، وأَشَدُّ مِن ذلك: الكَذِبُ في كِتْمانِ الحملِ، لِيَلْحَقَ الولَدُ بغيرِ أبيه.
إرجاعُ الرجلِ زوجتَهُ في عدَّتها:
وقولُه: ﴿وبُعُولَتُهُنَّ أحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إنْ أرادُوا إصْلاحًا﴾:
والحَقُّ لِزَوْجِها في إرجاعِها ما دامَتْ في العِدَّةِ، وإرجاعُهُ لها على حالَيْنِ:
الأُولـى: إذا أرادَ الإصلاحَ، فيُستحَبُّ له ذلك.
الثانيةُ: إذا أرادَ الإضرارَ بالزوجةِ، إمّا ليُسِيءَ إليها في معامَلتِهِ وهي عندَهُ، أو ليُمْسِكَها ثُمَّ يُطلِّقَها حتّى يطولَ أمَدُها بلا زوجٍ، فهذا إمساكٌ محرَّمٌ، لقولِهِ تعالى: ﴿ولا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرارًا لِتَعْتَدُوا﴾ [البقرة: ٢٣١].
ورَدُّ الزوجةِ: إمّا أن يكونَ في العِدَّةِ، فهو حقٌّ للزَّوْجِ فقَطْ ولو لم تُرِدِ الزوجةُ، ولا يَلزَمُهُ عقدٌ ولا مهرٌ بالاتفاقِ، لقولِهِ تعالى: ﴿أحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾، يَعني: في عِدَّتِهِنَّ.
واختُلِفَ في وجوبِ الإشهادِ، والأرجَحُ: عدمُ وجوبِهِ في الرَّجْعةِ في العِدَّةِ، ووجوبُه بعدَ الخروجِ مِن العِدَّةِ وبلوغِ الأَجَلِ، قال تعالى: ﴿فَإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنكُمْ﴾ [الطلاق: ٢].
وإمّا أن يكونَ في غيرِ العِدَّةِ، فهو حقٌّ للزوجَيْنِ جميعًا، وللوليِّ أيضًا.
وتَرجِعُ الزوجةُ في العِدَّةِ بالإشهادِ على ذلك منه، بلا خلافٍ، وإنّما الخلافُ ما لو جامَعَها أو قبَّلَها أو لَمَسَها أو فعَلَ مَعَها ما لا يَحِلُّ إلاَّ للزوجِ مِن زوجتِهِ، هل تَرجِعُ بمجرَّدِ هذا الفعلِ أم لا؟
والصحيحُ: أنّها تَرجِعُ بالجِماعِ، وهو قولُ ابنِ المسيَّبِ والحسَنِ وابنِ سِيرِينَ، وهو قولُ طائفةٍ مِن أصحابِ مالكٍ.
ويَرى أبو حَنيفةَ وأهلُ الرأيِ: أنّ اللَّمْسَ رَجْعةٌ أيضًا، خلافًا للجمهورِ الذين لا يَرَوْنَ الجماعَ ولا ما دُونَهُ رَجْعةً، وهو قولُ مالكٍ والشافعيِّ وإسحاقَ.
وقال مالكٌ: هو رجعةٌ لو نَواها، ويَجِبُ أن يُشهِدَ.
والشافعيُّ لا يَرى رَجْعةً إلاَّ بالقولِ.
النَّفَقَةُ والكِسْوَة والسُّكْنى للمطلَّقة:
وقولُه: ﴿ولَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ ولِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ واللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾:
قيل: المرادُ بالذي لَهُنَّ: النَّفَقةُ والكِسْوةُ والسُّكْنى، كما أنّ اللهَ أوجَبَ عليهِنَّ الرَّجْعةَ لأزواجِهِنَّ، فعلى أزواجِهِنَّ لَهُنَّ حَقُّ النَّفَقةِ والسُّكْنى والكِسْوةِ.
وقيل: المرادُ بذلك: حُسْنُ المَعْشَرِ، وطِيبُ الصُّحْبةِ.
فما يُريدُهُ الرَّجُلُ مِن المرأةِ مِن حُسْنِ المَعْشَرِ والمَلْبَسِ، فعليه كذلك لها، فلها حَقٌّ منه، كما له حقٌّ منها.
واتَّفَقَ الفقهاءُ على وجوبِ النفقةِ والكِسْوةِ والمعاشَرةِ بالمعروفِ، لعمومِ قولِهِ: ﴿وعَلى المَولُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، ويأتي الكلامُ على حَقِّ المطلَّقَةِ في السُّكْنى في سورة الطلاقِ.
ولا خلافَ أنّ على الزوجةِ طاعةَ زَوْجِها لفِراشِه، ومعاشرَتَهُ بالمعروفِ.
ودرجةُ الرجالِ التي جعَلَها اللهُ لهم هي القِوامةُ ولوازِمُها، مِن الطاعةِ بالمعروفِ، والجهادِ، والعملِ، وما بنى اللهُ فيهِ مِن بَسْطةِ جَسَدٍ وخِلْقةٍ تَختلِفُ عنها، بالقُوَّةِ واللِّحْيةِ وغيرِ ذلك.
وذكَرَ اللهُ اسمَ العزيزِ والحكيمِ، فإنّه لعِزَّتِهِ قضى بين عبادِهِ وانفرَدَ بالحُكْمِ، ولحِكْمتِهِ العظيمةِ قَضى فيما لا يُدْرِكونَ جميعَ عِلَلِهِ ومنافعِه، فكان حكيمًا مستحِقًّا للطاعةِ، لكمالِ عِلْمِهِ وحكمتِه.
{"ayah":"وَٱلۡمُطَلَّقَـٰتُ یَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَـٰثَةَ قُرُوۤءࣲۚ وَلَا یَحِلُّ لَهُنَّ أَن یَكۡتُمۡنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِیۤ أَرۡحَامِهِنَّ إِن كُنَّ یُؤۡمِنَّ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ إِنۡ أَرَادُوۤا۟ إِصۡلَـٰحࣰاۚ وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِی عَلَیۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَیۡهِنَّ دَرَجَةࣱۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق