الباحث القرآني

قال تعالى: ﴿ولا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وإيّاكُمْ إنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيرًا ۝﴾ [الإسراء: ٣١]. تقدَّم في سورة الأنعامِ قولُهُ تعالى: ﴿نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وإيّاهُمْ﴾ [١٥١] وأراد أنّ الذي رزَقَ الآباءَ مِن قبلُ هو الذي يتكفَّلُ برِزْقِ الأبناءِ مِن بعدُ، فالربُّ واحدٌ، فقد كان يَخشى الجَدُّ على ولدِه، فرزَقَ الجَدَّ وولدَه، ثمَّ خاف الأبُ على ولدِه، فرزَقَ الأبَ وولدَه، وهكذا فرَبُّ الأجيالِ واحدٌ. وفي قوله تعالى في هذه السورة: ﴿نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وإيّاكُمْ﴾ مع قولِهِ في سورةِ الأنعامِ: ﴿نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وإيّاهُمْ﴾ [١٥١]، إشارةٌ إلى أنّ اللهَ يرزُقُ الوالدَ بالولدِ، ويرزُقُ الولدَ بالوالدِ، برَكةً متبادَلةً، ومِن ذلك ما في سورةِ الكهفِ في مالِ اليتيمَيْنِ، قال: ﴿وكانَ أبُوهُما صالِحًا فَأَرادَ رَبُّكَ أنْ يَبْلُغا أشُدَّهُما ويَسْتَخْرِجا كَنْزَهُما رَحْمَةً مِن رَبِّكَ﴾ [٨٢]، وقد يَحفَظُ اللهُ الولدَ بعملِ والدِه، ولكنْ لا يُضيِّعُهُ لضياعِ والدِه، فلا تَزِرُ وازِرةٌ وِزْرَ أُخرى، ولذا قال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ۝إلاَّ أصْحابَ اليَمِينِ ۝﴾ [المدثر: ٣٨ ـ ٣٩]، وهذا في الدُّنيا والآخِرةِ، فيَلحَقُ الولدُ والدَهُ في الخيرِ في الآخِرةِ إنْ كانا مؤمنَيْنِ، ولا يَلحَقُهُ في الشرِّ، وجزاؤُهُ بعملِه، كما قال تعالى: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا واتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإيمانٍ ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وما ألَتْناهُمْ مِن عَمَلِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾ [الطور: ٢١]. وقد تقدَّم الكلامُ على قتلِ الأولادِ في الجاهليَّةِ وأسبابِه، عندَ قولِهِ تعالى: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِراءً عَلى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وما كانُوا مُهْتَدِينَ ۝﴾ [الأنعام: ١٤٠].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب