الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فاسْتَقِيما ولا تَتَّبِعانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: ٨٩].
فضلُ التأمينِ وإدراكِ تكبيرةِ الإحرامِ:
في هذه الآيةِ: أنّ التأمينَ على الدُّعاءِ في حُكْمِ التلفُّظِ بالدعاءِ، وذلك أنّ موسى كان يَدْعُو اللهَ وهارونُ يؤمِّنُ عليه، فقال اللَّهُ: ﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما﴾، وبهذا قال ابنُ عبّاسٍ وعِكْرِمةُ وأبو العاليةِ[[«تفسير الطبري» (١٢ /٢٧١ ـ ٢٧٢)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٦ /١٩٨٠).]]، وهذا مُقتضى التأمينِ ولازِمُه، ولم يَرِدْ في الآيةِ، لأنّ اللهَ لم يَجعَلِ الإمامَ يَدْعُو والناسَ يُؤمِّنونَ والمرادُ بذلك حظُّ الداعِي بنفسِه، بل إنّ الدعاءَ والأجرَ لهم جميعًا، ولكنَّه بحسَبِ حضورِ قلبِ كلِّ واحدٍ وتحقُّقِ مُوجِباتِ الإجابةِ فيه.
والمؤمِّنُ يُدرِكُ مِن الفضلِ ما أدرَكَهُ الإمامُ في قراءتِهِ الفاتحةَ، وهذا مُقتضى مشروعيَّةِ قولِهِ: «آمِينَ»، ويُروى أنّ بلالًا كان يقولُ للنبيِّ ﷺ: «لا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ»[[أخرجه أحمد (٦ /١٢)، وأبو داود (٩٣٧).]]، وذلك لأنّه يُؤذِّنُ ويُقِيمُ على سطحِ المسجدِ، ومِن هنا قال بعضُ السلفِ والفقهاءِ: إنّ تكبيرةَ الإحرامِ تُدرَكُ بآمِينَ، وبهذا قال وكيعٌ[[«طبقات المحدِّثين» للأصبهاني (٣ /٢١٩).]]، ويُروى عن أبي الدَّرْداءِ أنّه سمِع إقامةَ الصلاةِ، فقال: «أسرِعوا بنا نُدرِكْ آمِينَ»[[أخرجه حرب بن إسماعيل في «مسائله» (ص٤٢١).]].
وجمهورُ العلماءِ: على أنّ تكبيرةَ الإحرامِ تُدرَكُ بنفسِها، وهو قولُ أحمدَ، وأنكَرَ الإدراكَ بـ(آمِين)، وحديثُ بلالٍ فيه عِلَّةٌ، فقد رواهُ أحمدُ وأبو داودَ، عن أبي عثمانَ، عن بلالٍ.
وأبو عثمانَ النَّهْديُّ لم يَسمَعْ مِن بلالٍ شيئًا، وإنْ كان أدرَكَهُ، فأبو عثمانَ تابعيٌّ مُخضرَمٌ.
أعلَّهُ بالإرسالِ غيرُ واحدٍ، كأبي حاتمٍ[[«علل الحديث» لابن أبي حاتم (٢ /٢٠٦).]]، وابنِ رجبٍ[[«فتح الباري» لابن رجب (٤ /٤٩٠).]].
وقد رواهُ هشامُ بنُ لاحقٍ، عن عاصمٍ، عن أبي عثمانَ، عن سَلْمانَ، عن بلالٍ، وجعَلَهُ موصولًا[[«فتح الباري» لابن رجب (٤ /٤٩٠).]].
ولا يصحُّ.
وهشامٌ، ترَكَهُ الإمامُ أحمدُ[[«ميزان الاعتدال» (٤ /٣٠٦).]].
وقال البخاريُّ: مُضطرِبُ الحديثِ عندَهُ مناكيرُ[[«الضعفاء الكبير» للعقيلي (٤ /٣٣٧)، و«الكامل» لابن عدي (٧ /١١٠).]].
وقال ابنُ حِبّانَ: مُنكَرُ الحديثِ[[«المجروحين» (٣ /٩٠).]].
وإقامةُ المؤذِّنِ فوقَ سطحِ المسجدِ ظاهرةٌ، لحديثِ: (إذا سَمِعْتُمُ الإقامَةَ، فامْشُوا إلى الصَّلاةِ وعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ والوَقارِ، ولا تُسْرِعُوا، فَما أدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وما فاتَكُمْ فَأَتِمُّوا) [[أخرجه البخاري (٦٣٦)، ومسلم (٦٠٢).]]، ولا يُؤمَرُ بالسَّكِينةِ ويُنهى عن السُّرْعةِ إلاَّ البعيدُ، ولا يَسمَعُ البعيدُ مَن داخِلَ المسجدِ.
وإدراكُ تكبيرةِ الإحرامِ بإدراكِها بنفسِها أقرَبُ، لأنّ الإدراكَ بـ(آمِينَ) لا يَنضبِطُ في الصلواتِ السِّرِّيَّةِ، ثمَّ يُشكِلُ عليه مَن يؤمِّنُ مع الإمامِ ولم يدخُلْ في الصلاةِ، كمَن كان قادمًا إليها، فلا يُعتبَرُ دخولُهُ إدراكًا حتى يُكبِّرَ، فهو يُدرِكُ بتكبيرتِهِ، لا بمجرَّدِ تأمينِه.
دعاءُ الإمامِ لِنَفْسِهِ وللناسِ في صلاتِهِ:
وإذا دعا الإمامُ في صلاتِهِ جهرًا كالقُنُوتِ، فلْيَجعَلِ المأمومينَ شُرَكاءَ معه فيه، حتى يُؤمِّنوا على دُعائِه، ويُروى عندَ أبي داودَ والتِّرْمِذيِّ، مِن حديثِ ثَوْبانَ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (لا يَؤُمُّ رَجُلٌ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعاءِ دُونَهُمْ، فَإنْ فَعَلَ فَقَدْ خانَهُمْ) [[أخرجه أحمد (٥ /٢٨٠)، وأبو داود (٩٠)، والترمذي (٣٥٧)، وابن ماجه (٩٢٣).]]، وفيه كلامٌ.
ولم يثبُتْ أنّ النبيَّ ﷺ قنَتَ في أصحابِهِ، فخَصَّ نفسَهُ بدُعاءٍ، ولا فعَلَ ذلك خلفاؤُهُ.
وإذا أسَرَّ بينَهُ وبينَ نفسِه في سجودِهِ واستفتاحِهِ، فخَصَّ نفسَهُ، فلا حرَجَ، فقد كان النبيُّ ﷺ يدعو دعاءَ الاستفتاحِ في صلاتِهِ ويخُصُّ نفسَهُ، كما في حديثِ أبي هريرةَ في «الصحيحَيْنِ»، وفيه قال له: أرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ والقِراءَةِ، ما تَقُولُ؟ قالَ: (أقُولُ: اللَّهُمَّ باعِدْ بَيْنِي وبَيْنَ خَطايايَ كَما باعَدتَّ بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ...)، الحديثَ[[أخرجه البخاري (٧٤٤)، ومسلم (٥٩٨).]].
وكان يستعيذُ لنفسِهِ بقولِهِ: (اللَّهُمَّ، إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن عَذابِ جَهَنَّمَ، ومِن عَذابِ القَبْرِ، ومِن فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ، ومِن شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجّالِ) [[أخرجه مسلم (٥٨٨).]]، وكذلك دعاؤُهُ بينَ السَّجدتَيْنِ مِن حديثِ حُذَيْفةَ[[أخرجه أحمد (٥ /٣٩٨)، وأبو داود (٨٧٤)، والنسائي (١١٤٥)، وابن ماجه (٨٩٧).]] وابنِ عبّاسٍ[[أخرجه أحمد (١ /٣١٥)، وأبو داود (٨٥٠)، والترمذي (٢٨٤)، وابن ماجه (٨٩٨).]].
{"ayah":"قَالَ قَدۡ أُجِیبَت دَّعۡوَتُكُمَا فَٱسۡتَقِیمَا وَلَا تَتَّبِعَاۤنِّ سَبِیلَ ٱلَّذِینَ لَا یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق