الباحث القرآني

قال تعالى: ﴿وأَوْحَيْنا إلى مُوسى وأَخِيهِ أنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتًا واجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وأَقِيمُوا الصَّلاةَ وبَشِّرْ المُؤْمِنِينَ ۝﴾ [يونس: ٨٧]. في هذا: إشارةٌ إلى أنّ الإمامَ يَلِي أمْرَ مَساكِنِ الناسِ، وذلك لأنّه يَملِكُ مِن السُّلْطانِ والمالِ والقُدْرةِ واختيارِ النافعِ مِن المكانِ: ما لا يَملِكُهُ العامَّةُ، وأنّه يَعرِفُ مِن المَصالِحِ والمَنافعِ لهم والمَخاطِرِ عليهم: ما لا يَعرِفونَهُ. في قولِه تعالى: ﴿تَبَوَّءا﴾ المرادُ بالتبوُّءِ: هو اتِّخاذُ موضعٍ يُسكَنُ فيه، والتبوُّءُ: تفعُّلٌ مِن البَوْءِ، يعني: الرجوعَ، ومعنى ذلك أنّ صاحبَ الدارِ يَرجِعُ إلى موضِعِهِ كلَّما خرَجَ منه، وهو سَكَنُهُ، فقولُه: ﴿تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما﴾، يعني: اجعَلا قومَكما مُتَبَوِّئِينَ بيوتًا لهم. وعلى السُّلْطانِ اختيارُ المُدُنِ، ووضعُ خِطَطِها ومنافعِهِمُ العامَّةِ منها، ووضعُ نظامٍ يَضبِطُهُمْ، كما وضَعَ النبيُّ ﷺ أحكامًا لحقِّ الجارِ، وغَرْزِ الخشبةِ في الجدارِ، وحَرِيمِ البئرِ، وأحكامًا للطُّرُقاتِ وحقوقِها. وقولُه تعالى: ﴿واجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ القِبْلةُ هي الجِهةُ التي تُستقبَلُ، وقد اختُلِفَ في المرادِ بذلك في هذه الآيةِ على أقوالٍ للسلفِ: مـنـهـا: استقبالُ الكعبةِ بالبيوتِ، وهذا مرويٌّ عن ابنِ عبّاسٍ ومجاهِدٍ وقتادةَ[[«تفسير الطبري» (١٢ /٢٥٧ ـ ٢٥٩)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٦ /١٩٧٧).]]، وفي هذا أنّ الكعبةَ قِبْلةٌ لمُوسى ومَن معه. ومنها: أنّ المرادَ هو أداءُ الصلاةِ في البيوتِ، فلا تُترَكُ بلا صلاةٍ فتكونَ كالمَقابِرِ، وهذا مرويٌّ عن الضحّاكِ والنخَعيِّ وابنِ زيدٍ[[«تفسير ابن كثير» (٤ /٢٨٩).]]. ومنهـا: أنّ المرادَ هو جعلُ البيوتِ مُتقابِلةً، فيَستقبِلُ الناسُ بعضُهم بعضًا في أبوابِهم، وهذا القولُ روايةٌ عن ابنِ عبّاسٍ[[«تفسير ابن أبي حاتم» (٦ /١٩٧٧).]]، وقولُ سعيدِ بنِ جُبيرٍ[[«تفسير الطبري» (١٢ /٢٦٠).]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب