الباحث القرآني
(p-٧)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ﴾
قِيلَ: رُدَّ إلى الكِبَرِ والهَرَمِ وضَعْفِ الجِسْمِ والعَقْلِ.
إنَّ الثَّمانِينَ وبُلِّغْتُها قَدْ أحْوَجَتْ سَمْعِي إلى تُرْجُمان
كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمَن نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ في الخَلْقِ﴾ [يس: ٦٨] .
وَذَكَرَ الشَّيْخُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ هَذا القَوْلَ، وساقَ مَعَهُ قَوْلَهُ: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكم مِن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وشَيْبَةً﴾ [الروم: ٥٤]، وساقَ آيَةَ التِّينِ هَذِهِ: ﴿ثُمَّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ﴾، وقالَ: عَلى أحَدِ التَّفْسِيرَيْنِ، وقَوْلَهُ: ﴿وَمِنكم مَن يُرَدُّ إلى أرْذَلِ العُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا﴾ [الحج: ٥]، وهَذا المَعْنى مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، رَواهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقِيلَ: رُدَّ إلى النّارِ بِسَبَبِ كُفْرِهِ، وهَذا مَرْوِيٌّ عَنْ مُجاهِدٍ والحَسَنِ.
وَقَدْ رَجَّحَ ابْنُ جَرِيرٍ المَعْنى الأوَّلَ، وهو كَما تَرى، ما يَشْهَدُ لَهُ القُرْآنُ في النُّصُوصِ الَّتِي قَدَّمْنا، واسْتَدَلَّ لِهَذا الوَجْهِ مِن نَفْسِ السُّورَةِ. وذَلِكَ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى قالَ في آخِرِها: ﴿فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ﴾ [التين: ٧]، أيْ: بَعْدَ هَذِهِ الحُجَجِ الواضِحَةِ، وهي بَدْءُ خَلْقِ الإنْسانِ وتَطَوُّرُهُ إلى أحْسَنِ أمْرِهِ، ثُمَّ رَدُّهُ إلى أحَطِّ دَرَجاتِ العَجْزِ أسْفَلَ سافِلِينَ، وهَذا هو المُشاهَدُ لَهم، يُحْتَجُّ بِهِ عَلَيْهِمْ.
أمّا رَدُّهُ إلى النّارِ فَأمْرٌ لَمْ يَشْهَدْهُ ولَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ، فَلا يَصْلُحُ أنْ يَكُونَ دَلِيلًا يُقِيمُهُ عَلَيْهِمْ؛ لِأنَّ مِن شَأْنِ الدَّلِيلِ أنْ يُنْقَلَ مِنَ المَعْلُومِ إلى المَجْهُولِ، والبَعْثُ هو مَوْضِعُ إنْكارِهِمْ، فَلا يُحْتَجُّ عَلَيْهِمْ لِإثْباتِ ما يُنْكِرُونَهُ بِما يُنْكِرُونَهُ، وهَذا الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ واضِحٌ.
وَمِمّا يَشْهَدُ لِهَذا الوَجْهِ: أنَّ حالَةَ الإنْسانِ هَذِهِ في نَشْأتِهِ مِن نُطْفَةٍ، فَعَلَقَةٍ، فَطِفْلٍ، فَغُلامٍ، فَشَيْخٍ، فَهَرَمٍ، وعَجْزٍ. جاءَ مَثَلُها في النَّباتِ وكِلاهُما مِن دَلائِلِ البَعْثِ، كَما في قَوْلِهِ: ﴿اعْلَمُوا أنَّما الحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ ولَهْوٌ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿كَمَثَلِ غَيْثٍ أعْجَبَ الكُفّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطامًا وفي الآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ ومَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ ورِضْوانٌ﴾ [الحديد: ٢٠] (p-٨)وَقَوْلِهِ: ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ أنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ في الأرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا ألْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطامًا إنَّ في ذَلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الألْبابِ﴾ [الزمر: ٢١] .
فَكَذَلِكَ الإنْسانُ؛ لِأنَّهُ كالنَّباتِ سَواءٌ كَما قالَ تَعالى: ﴿واللَّهُ أنْبَتَكم مِنَ الأرْضِ نَباتًا﴾ ﴿ثُمَّ يُعِيدُكم فِيها ويُخْرِجُكم إخْراجًا﴾ [نوح: ١٧ - ١٨] .
وَيَكُونُ الِاسْتِثْناءُ إلّا الَّذِينَ آمَنُوا فَإنَّهم لا يَصِلُونَ إلى حالَةِ الخَوْفِ وأرْذَلِ العُمُرِ؛ لِأنَّ المُؤْمِنَ مَهْما طالَ عُمُرُهُ، فَهو في طاعَةٍ، وفي ذِكْرِ اللَّهِ فَهو كامِلُ العَقْلِ، وقَدْ تَواتَرَ عِنْدَ العامَّةِ والخاصَّةِ أنَّ حافِظَ كِتابِ اللَّهِ المُداوِمَ عَلى تِلاوَتِهِ، لا يُصابُ بِالخَرَفِ ولا الهَذَيانِ.
وَقَدْ شاهَدْنا شَيْخَ القُرّاءِ بِالمَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ الشَّيْخَ حَسَنَ الشّاعِرَ، لا زالَ عَلى قَيْدِ الحَياةِ عِنْدَ كِتابَةِ هَذِهِ الأسْطُرِ تَجاوَزَ المِائَةَ بِكَثِيرٍ، وهو لا يَزالُ يُقْرِئُ تَلامِيذَهُ القُرْآنَ، ويُعَلِّمُهُمُ القِراءاتِ العَشْرَ، وقَدْ يَسْمَعُ لِأكْثَرَ مِن شَخْصٍ يَقْرَءُونَ في أكْثَرَ مِن مَوْضِعٍ وهو يَضْبُطُ عَلى الجَمِيعِ.
وَقَدْ رَوى الشَّوْكانِيُّ مِثْلَهُ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ ذَلِكَ.
{"ayah":"ثُمَّ رَدَدۡنَـٰهُ أَسۡفَلَ سَـٰفِلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق