الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ مِسْكِينًا ذا مَتْرَبَةٍ﴾ قِيلَ: المِسْكِينُ مِنَ السُّكُونِ وقِلَّةِ الحَرَكَةِ، والمَتْرَبَةُ: اللُّصُوقُ بِالتُّرابِ. وَقَدِ اخْتُلِفَ في التَّفْرِيقِ بَيْنَ المِسْكِينِ والفَقِيرِ: أيُّهُما أشَدُّ احْتِياجًا وما حَدُّ كُلٍّ مِنهُما ؟ فاتَّفَقُوا أوَّلًا: عَلى أنَّهُ إذا افْتَرَقا اجْتَمَعا، وإذا اجْتَمَعا افْتَرَقا، وإذا ذُكِرَ أحَدُهُما فَقَطْ، فَيَشْمَلُ الثّانِيَ مَعَهُ، ويَكُونُ الحُكْمُ جامِعًا لَهُما كَما هو هُنا، فالإطْعامُ يَشْمَلُ الِاثْنَيْنِ مَعًا، وإذا اجْتَمَعا فُرِّقَ بَيْنَهُما بِالتَّعْرِيفِ. فالمِسْكِينُ كَما تَقَدَّمَ، والفَقِيرُ، قالُوا: مَأْخُوذٌ مِنَ الفَقْرَةِ وهي: الحُفْرَةُ تُحْفَرُ لِلنَّخْلَةِ ونَحْوِها لِلْغَرْسِ، فَكَأنَّهُ نَزَلَ إلى حُفْرَةٍ لَمْ يَخْرُجْ مِنها. وَقِيلَ: مِن فَقارِ الظَّهْرِ، وإذا أُخِذَتْ فَقارٌ مِنها عَجَزَ عَنِ الحَرَكَةِ، فَقِيلَ: عَلى هَذا الفَقِيرُ أشَدُّ حاجَةً، ويُرَجِّحُهُ ما جاءَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أمّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ في البَحْرِ﴾ [الكهف: ٧٩]، فَسَمّاهم مَساكِينَ مَعَ وُجُودِ سَفِينَةٍ لَهم يَتَسَبَّبُونَ عَلَيْها لِلْمَعِيشَةِ، ولِقَوْلِهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ أحْيِنِي مِسْكِينًا وأمِتْنِي مِسْكِينًا» الحَدِيثَ. مَعَ قَوْلِهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الفَقْرِ»، وهَذا الَّذِي عَلَيْهِ الجُمْهُورُ، خِلافًا لِمالِكٍ. وَقَدْ قالُوا في تَعْرِيفِ كُلٍّ مِنهُما: المِسْكِينُ مَن يَجِدُ أقَلَّ ما يَكْفِيهِ، والفَقِيرُ: مَن لا يَجِدُ شَيْئًا، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب