الباحث القرآني
* قال المؤلف في (دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب):
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وقالَتِ النَّصارى المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ﴾ - إلى قَوْلِهِ - ﴿سُبْحانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ .
هَذِهِ الآيَةُ فِيها التَّنْصِيصُ الصَّرِيحُ عَلى أنَّ كُفّارَ أهْلِ الكِتابِ مُشْرِكُونَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيهِمْ: ﴿سُبْحانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ بَعْدَ أنْ بَيَّنَ وُجُوهَ شِرْكِهِمْ، بِجَعْلِهِمُ الأوْلادَ لِلَّهِ واتِّخاذِهِمُ الأحْبارَ والرُّهْبانَ أرْبابًا مِن دُونِ اللَّهِ، ونَظِيرُ هَذِهِ الآيَةِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء: ٤٨]، لِإجْماعِ العُلَماءِ أنَّ كُفّارَ أهْلِ الكِتابِ داخِلُونَ فِيها.
وَقَدْ جاءَتْ آياتٌ أُخَرُ تَدُلُّ بِظاهِرِها عَلى أنَّ أهْلَ الكِتابِ لَيْسُوا مِنَ المُشْرِكِينَ
• كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ والمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ﴾ الآيَةَ [ ٩٨ ]،
• وقَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ والمُشْرِكِينَ في نارِ جَهَنَّمَ﴾ الآيَةَ [البينة: ٦]
• وقَوْلِهِ: ﴿ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ ولا المُشْرِكِينَ أنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ﴾ الآيَةَ [البقرة: ١٠٥]،
والعَطْفُ يَقْتَضِي المُغايَرَةَ.
والَّذِي يَظْهَرُ لِمُقَيِّدِهِ عَفا اللَّهُ عَنْهُ: أنَّ وجْهَ الجَمْعِ أنَّ الشِّرْكَ الأكْبَرَ المُقْتَضِي لِلْخُرُوجِ مِنَ المِلَّةِ أنْواعٌ، وأهْلُ الكِتابِ مُتَّصِفُونَ بِبَعْضِها وغَيْرُ مُتَّصِفِينَ بِبَعْضٍ آخَرَ مِنها، أمّا البَعْضُ الَّذِي هم غَيْرُ مُتَّصِفِينَ بِهِ فَهو ما اتَّصَفَ بِهِ كُفّارُ مَكَّةَ مِن عِبادَةِ الأوْثانِ صَرِيحًا، ولِذا عَطَفَهم عَلَيْهِمْ لِاتِّصافِ كُفّارِ مَكَّةَ بِما لَمْ يَصِفْ بِهِ أهْلَ الكِتابِ مِن عِبادَةِ الأوْثانِ، وهَذِهِ المُغايَرَةُ هي الَّتِي سَوَّغَتِ العَطْفَ، فَلا يُنافِي أنْ يَكُونَ أهْلُ الكِتابِ مُشْرِكِينَ بِنَوْعٍ آخَرَ مِن أنْواعِ الشِّرْكِ الأكْبَرِ، وهو طاعَةُ الشَّيْطانِ والأحْبارِ والرُّهْبانِ، فَإنَّ مُطِيعَ الشَّيْطانِ إذا كانَ يَعْتَقِدُ أنَّ ذَلِكَ صَوابٌ فَهو عابِدُ الشَّيْطانِ مُشْرِكٌ بِعِبادَةِ الشَّيْطانِ الشِّرْكَ الأكْبَرَ المُخَلِّدَ في النّارِ، كَما بَيَّنَتْهُ النُّصُوصُ القُرْآنِيَّةُ كَقَوْلِهِ: ﴿إنْ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إلّا إناثًا وإنْ يَدْعُونَ إلّا شَيْطانًا مَرِيدًا﴾ [النساء: ١١٧]، فَقَوْلُهُ: ﴿وَإنْ يَدْعُونَ إلّا شَيْطانًا﴾ . . . صَحَّ. . . مَعْناهُ وما يَعْبُدُونَ إلّا شَيْطانًا لِأنَّ عِبادَتَهم لِلشَّيْطانِ طاعَتُهُمِ لَهُ فِيما حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألَمْ أعْهَدْ إلَيْكم يابَنِي آدَمَ أنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ﴾ الآيَةَ [يس: ٦٠] .
وَقَوْلُهُ تَعالى عَنْ خَلِيلِهِ إبْراهِيمَ: ﴿ياأبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا﴾ (p-٢٩٩)[مريم: ٤٤]، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الجِنَّ﴾ الآيَةَ [سبإ: ٤١] .
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ المُشْرِكِينَ قَتْلَ أوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ﴾ الآيَةَ [الأنعام: ١٣٧]، فَكُلُّ هَذا الكُفْرِ بِشِرْكِ الطّاعَةِ في مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعالى، «وَلَمّا أوْحى الشَّيْطانُ إلى كُفّارِ مَكَّةَ أنْ يَسْألُوا النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الشّاةِ تُصْبِحُ مَيِّتَةً مَن قَتَلَها وأنَّهُ إذا قالَ ﷺ اللَّهُ قَتَلَها أنْ يَقُولُوا: ما قَتَلْتُمُوهُ بِأيْدِيكم حَلالٌ وما قَتَلَهُ اللَّهُ حَرامٌ فَأنْتُمْ إذًا أحْسَنُ مِنَ اللَّهِ، أنْزَلَ اللَّهُ في ذَلِكَ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وَإنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إلى أوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكم وإنْ أطَعْتُمُوهم إنَّكم لَمُشْرِكُونَ﴾» [الأنعام: ١٢١]، فَأقْسَمَ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ عَلى أنَّ مَن أطاعَ الشَّيْطانَ في مَعْصِيَةِ اللَّهِ أنَّهُ مُشْرِكٌ بِاللَّهِ، ولَمّا «سَألَ عَدِيُّ بْنُ حاتِمٍ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿اتَّخَذُوا أحْبارَهم ورُهْبانَهم أرْبابًا﴾ [التوبة: ٣١]، كَيْفَ اتَّخَذُوهم أرْبابًا ؟ قالَ النَّبِيُّ ﷺ: ألَمْ يُحِلُّوا لَهم ما حَرَّمَ اللَّهُ ويُحَرِّمُوا عَلَيْهِمْ ما أحَلَّ اللَّهُ فاتَّبَعُوهم ؟، قالَ: بَلى، قالَ: بِذَلِكَ اتَّخَذُوهم أرْبابًا»، فَبانَ أنَّ أهْلَ الكِتابِ مُشْرِكُونَ مِن هَذا الوَجْهِ الشِّرْكَ الأكْبَرَ، وإنْ كانُوا كُفّارَ مَكَّةَ في صَرِيحِ عِبادَةِ الأوْثانِ، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
{"ayah":"وَقَالَتِ ٱلۡیَهُودُ عُزَیۡرٌ ٱبۡنُ ٱللَّهِ وَقَالَتِ ٱلنَّصَـٰرَى ٱلۡمَسِیحُ ٱبۡنُ ٱللَّهِۖ ذَ ٰلِكَ قَوۡلُهُم بِأَفۡوَ ٰهِهِمۡۖ یُضَـٰهِـُٔونَ قَوۡلَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن قَبۡلُۚ قَـٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ یُؤۡفَكُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق