الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَلّا إذا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا﴾ ﴿وَجاءَ رَبُّكَ والمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ . (p-٥٢٧)تَقَدَّمَ في سُورَةِ ”الحاقَّةِ“ أيْضًا هَذا السِّياقُ نَفْسُهُ، بَعْدَ ذِكْرِ ثَمُودَ، وعادٍ، وفِرْعَوْنَ، في قَوْلِهِ: ﴿فَإذا نُفِخَ في الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ﴾ ﴿وَحُمِلَتِ الأرْضُ والجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً﴾ إلى قَوْلِهِ ﴿والمَلَكُ عَلى أرْجائِها﴾ [الحاقة: ١٣ - ١٧] . مِمّا يُبَيِّنُ مَعْنى ﴿صَفًّا صَفًّا﴾، أيْ: عَلى أرْجائِها صَفًّا بَعْدَ صَفٍّ. وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ - الإحالَةُ عَلى ما يُفَسِّرُها في سُورَةِ ”الرَّحْمَنِ“ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ تَنْفُذُوا مِن أقْطارِ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ [الرحمن: ٣٣] . وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَجاءَ رَبُّكَ والمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: ٢٢]، ﴿وَجاءَ رَبُّكَ﴾: مِن آياتِ الصِّفاتِ. مَواضِعُ البَحْثِ والنَّظَرِ. وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ - مِرارًا في الأضْواءِ في عِدَّةِ مَحَلّاتٍ؛ ولْيُعْلَمْ أنَّها والِاسْتِواءُ وحَدِيثُ النُّزُولِ والإتْيانُ المَذْكُورُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إلّا أنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ في ظُلَلٍ مِنَ الغَمامِ والمَلائِكَةُ وقُضِيَ الأمْرُ وإلى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾ [البقرة: ٢١٠] . وَقَدْ أوْرَدَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ - مَبْحَثَ آياتِ الصِّفاتِ كامِلَةً في مُحاضَرَةٍ أسْماها: ”آياتُ الصِّفاتِ“، وطُبِعَتْ مُسْتَقِلَّةً. كَما تَقَدَّمَ لَهُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ - في سُورَةِ ”الأعْرافِ“ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوى عَلى العَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ﴾ [الأعراف: ٥٤]، وإنْ كانَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِصِفَةِ المَجِيءِ بِذاتِها، إلّا أنَّهُ قالَ: إنَّ جَمِيعَ الصِّفاتِ مِن بابٍ واحِدٍ، أيْ: أنَّها ثابِتَةٌ لِلَّهِ تَعالى عَلى مَبْدَأِ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهو السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، عَلى غَيْرِ مِثالٍ لِلْمَخْلُوقِ، فَثَبَتَ اسْتِواءٌ يَلِيقُ بِجَلالِهِ عَلى غَيْرِ مِثالٍ لِلْمَخْلُوقِ. وَكَذَلِكَ هُنا كَما ثَبَتَ اسْتِواءٌ ثَبَتَ مَجِيءٌ، وكَما ثَبَتَ مَجِيءٌ ثَبَتَ نُزُولٌ. والكُلُّ مِن بابِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، أيْ: عَلى ما قالَ الشّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نَحْنُ كُلِّفْنا بِالإيمانِ، فَعَلَيْنا أنْ نُؤْمِنَ بِصِفاتِ اللَّهِ عَلى ما يَلِيقُ بِاللَّهِ عَلى مُرادِ اللَّهِ، ولَيْسَ عَلَيْنا أنْ نُكَيِّفَ، إذِ الكَيْفُ مَمْنُوعٌ عَلى اللَّهِ سُبْحانَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب