الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ إلَيْنا إيابَهُمْ﴾ ﴿ثُمَّ إنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ﴾ فِيهِ الدَّلالَةُ عَلى أنَّ الإيابَ هو المَرْجِعُ. قالَ عُبَيْدٌ: ؎وَكُلُّ ذِي غَيْبَةٍ يَئُوبُ وغائِبُ المَوْتِ لا يَئُوبُ كَما في قَوْلِهِ: ﴿إلى اللَّهِ مَرْجِعُكم جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [المائدة: ٤٨]، وهو عَلى الحَقِيقَةِ كَما في صَرِيحِ مَنطُوقِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ إلَيَّ مَرْجِعُكم فَأحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾ الآيَةَ [آل عمران: ٥٥] . وقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ إلى رَبِّكم مَرْجِعُكم فَيُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [الأنعام: ١٦٤] . وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ إنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ﴾ [الغاشية: ٢٦]، الإتْيانُ بِثُمَّ؛ لِلْإشْعارِ ما بَيْنَ إيابِهِمْ وبَدْءِ حِسابِهِمْ: ﴿وَإنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَألْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ﴾ [الحج: ٤٧] . وَقَوْلُهُ: إنَّ عَلَيْنا، بِتَقَدُّمِ حَرْفِ التَّأْكِيدِ، وإسْنادِ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعالى، وبِحَرْفِ ”عَلى“ مِمّا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ لا مَحالَةَ، وأنَّهُ بِأدَقِّ ما يَكُونُ، وعَلى الصَّغِيرَةِ والكَبِيرَةِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿وَإنْ تُبْدُوا ما في أنْفُسِكم أوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكم بِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤] . (p-٥٢٠)وَمِنَ الواضِحِ مَجِيءُ ﴿إنَّ إلَيْنا إيابَهُمْ﴾ ﴿ثُمَّ إنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ﴾، بَعْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَذَكِّرْ إنَّما أنْتَ مُذَكِّرٌ﴾ ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ﴾ ﴿إلّا مَن تَوَلّى وكَفَرَ﴾ ﴿فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ العَذابَ الأكْبَرَ﴾؛ تَسْلِيَةً لِلنَّبِيِّ ﷺ وتَخْوِيفًا لِأُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَلَّوْا وأعْرَضُوا، ثُمَّ إنَّ الحِسابَ في اليَوْمِ الآخِرِ لَيْسَ خاصًّا بِهَؤُلاءِ، بَلْ هو عامٌّ بِجَمِيعِ الخَلائِقِ. ولَكِنَّ إسْنادَهُ لِلَّهِ تَعالى مِمّا يَدُلُّ عَلى المَعانِي المُتَقَدِّمَةِ. نَسْألُ اللَّهَ العَفْوَ والسَّلامَةَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب