الباحث القرآني
(p-٤٥٤)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
سُورَةُ المُطَفِّفِينَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ .
التَّطْفِيفُ: التَّنْقِيصُ مِنَ الطَّفِيفِ، وهو الشَّيْءُ القَلِيلُ.
وَقَدْ فَسَّرَهُ ما بَعْدَهُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿الَّذِينَ إذا اكْتالُوا عَلى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ﴾ ﴿وَإذا كالُوهم أوْ وزَنُوهم يُخْسِرُونَ﴾ [المطففين: ٢ - ٣] .
قالُوا: نَزَلَتْ في رَجُلٍ كانَ لَهُ مِكْيالانِ: كَبِيرٌ وصَغِيرٌ، إذا اكْتالَ لِنَفْسِهِ عَلى غَيْرِهِ، اكْتالَ بِالمِكْيَلِ الكَبِيرِ، وإذا كالَ مِن عِنْدِهِ لِغَيْرِهِ، اكْتالَ بِالمِكْيَلِ الصَّغِيرِ، فَفي كِلْتا الحالَتَيْنِ تَطْفِيفٌ، أيْ: تَنْقِيصٌ عَلى النّاسِ مِن حُقُوقِهِمْ.
والتَّقْدِيمُ في افْتِتاحِيَّةِ هَذِهِ السُّورَةِ بِالوَيْلِ لِلْمُطَفِّفِينَ، يُشْعِرُ بِشِدَّةِ خَطَرِ هَذا العَمَلِ، وهو فِعْلًا خَطِيرٌ؛ لِأنَّهُ مِقْياسُ اقْتِصادِ العالَمِ ومِيزانُ التَّعامُلِ، فَإذا اخْتَلَّ أحْدَثَ خَلَلًا في اقْتِصادِهِ، وبِالتّالِي اخْتِلالٌ في التَّعامُلِ، وهو فَسادٌ كَبِيرٌ.
وَأكْبَرُ مِن هَذا كُلِّهِ، وُجُودُ الرِّبا إذا بِيعَ جِنْسٌ بِجِنْسِهِ، وحَصَلَ تَفاوُتٌ في الكَيْلِ أوِ الوَزْنِ.
وَفِيهِ كَما قالَ تَعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ [البقرة: ٢٧٩] .
وَلِذا فَقَدَ ورَدَ ذِكْرُ الكَيْلِ والوَزْنِ، والحَثُّ عَلى العِنايَةِ بِهِما في عِدَّةِ مَواطِنَ، بِعِدَّةِ أسالِيبَ مِنها الخاصُّ ومِنها العامُّ.
فَقَدْ ورَدَ في ”الأنْعامِ“ و ”الأعْرافِ“ و ”هُودٍ“ و ”بَنِي إسْرائِيلَ“ و ”الرَّحْمَنِ“ و ”الحَدِيدِ“، أيْ: في سِتِّ سُوَرٍ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ.
أوَّلًا في سُورَةِ ”الأنْعامِ“ في سِياقِ ما يُعْرَفُ بِالوَصايا العَشْرِ: ﴿قُلْ تَعالَوْا أتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكم عَلَيْكم ألّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ (p-٤٥٥)[الأنعام: ١٥١] .
وَذَكَرَ بِرَّ الوالِدَيْنِ والنَّهْيَ عَنْ قَتْلِ الأوْلادِ والقُرْبِ مِنَ الفَواحِشِ، وقَتْلِ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، والنَّهْيَ عَنْ مالِ اليَتِيمِ.
ثُمَّ قالَ: ﴿وَأوْفُوا الكَيْلَ والمِيزانَ بِالقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلّا وُسْعَها وإذا قُلْتُمْ فاعْدِلُوا ولَوْ كانَ ذا قُرْبى وبِعَهْدِ اللَّهِ أوْفُوا﴾ [الأنعام: ١٥٢] .
وَتَكَلَّمَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ - عِنْدَها كَلامًا مُوجَزًا مُفِيدًا، بِأنَّ الأمْرَ هُنا بِقَدْرِ الوُسْعِ، ومَن أخَلَّ مِن غَيْرِ قَصْدِ التَّعَدِّي لا حَرَجَ عَلَيْهِ.
وَقالَ: ولَمْ يَذْكُرْ هُنا عُقُوبَةً لِمَن تَعَمَّدَ ذَلِكَ، ولَكِنَّهُ تَوَعَّدَهُ بِالوَيْلِ في مَوْضِعٍ آخَرَ، وساقَ أوَّلَ هَذِهِ السُّورَةِ: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ .
كَما بَيَّنَ عاقِبَةَ الوَفاءِ بِالكَيْلِ بِقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ وأحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: ٥٩]، أيْ: مَآلًا.
وَهُنا يَلْفِتُ كَلامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - النَّظَرَ إلى نُقْطَةٍ هامَّةٍ، وهي في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلّا وُسْعَها﴾ [الأنعام: ١٥٢]، حَيْثُ إنَّ التَّطْفِيفَ: الزِّيادَةُ الطَّفِيفَةُ، والشَّيْءُ الطَّفِيفُ: القَلِيلُ.
فَكَأنَّ الآيَةَ هُنا تَقُولُ: تَحَرَّوْا بِقَدْرِ المُسْتَطاعِ مِنَ التَّطْفِيفِ ولَوْ يَسِيرًا.
وَبَعْدَ بَذْلِ الجُهْدِ ”لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلّا وُسْعَها“، وهَذا غايَةٌ في التَّحَرِّي مَعَ شِدَّةِ التَّحْذِيرِ والتَّوَعُّدِ بِالوَيْلِ، وإذا كانَ الوَعِيدُ بِالوَيْلِ عَلى الشَّيْءِ الطَّفِيفِ، فَما فَوْقَهُ مِن بابِ أوْلى.
المَوْضِعُ الثّانِي في سُورَةِ ”الأعْرافِ“ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإلى مَدْيَنَ أخاهم شُعَيْبًا قالَ ياقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكم مِن إلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكم فَأوْفُوا الكَيْلَ والمِيزانَ ولا تَبْخَسُوا النّاسَ أشْياءَهم ولا تُفْسِدُوا في الأرْضِ بَعْدَ إصْلاحِها ذَلِكم خَيْرٌ لَكم إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: ٨٥] .
فاقْتَرَنَ الأمْرُ بِالوَفاءِ بِالكَيْلِ بِالأمْرِ بِعِبادَةِ اللَّهِ وحْدَهُ؛ لِأنَّ في الأمْرَيْنِ إعْطاءَ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ مِن غَيْرِ ما نَقْصٍ.
(p-٤٥٦)وَبَيِّنَ أنَّ في عَدَمِ الإيفاءِ المَطْلُوبِ بَخْسَ النّاسِ أشْياءَهم، وفَسادًا في الأرْضِ بَعْدَ إصْلاحِها.
المَوْضِعُ الثّالِثُ في سُورَةِ ”هُودٍ“، ومَعَ شُعَيْبٍ أيْضًا: ﴿وَإلى مَدْيَنَ أخاهم شُعَيْبًا قالَ ياقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكم مِن إلَهٍ غَيْرُهُ ولا تَنْقُصُوا المِكْيالَ والمِيزانَ إنِّي أراكم بِخَيْرٍ وإنِّي أخافُ عَلَيْكم عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ﴾ ﴿وَيا قَوْمِ أوْفُوا المِكْيالَ والمِيزانَ بِالقِسْطِ ولا تَبْخَسُوا النّاسَ أشْياءَهم ولا تَعْثَوْا في الأرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ ﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكم إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وما أنا عَلَيْكم بِحَفِيظٍ﴾ الآيَةَ [هود: ٨٤ - ٨٦] .
وَبِنَفْسِ الأُسْلُوبِ أيْضًا كَما تَقَدَّمَ، رَبَطَهُ بِعِبادَةِ اللَّهِ تَعالى وحْدَهُ، وتَكْرارِ الأمْرِ بَعْدَ النَّهْيِ: ﴿وَلا تَنْقُصُوا المِكْيالَ والمِيزانَ﴾، ثُمَّ: ﴿أوْفُوا المِكْيالَ والمِيزانَ بِالقِسْطِ﴾ نَهْيٌ عَنْ نَقْصِهِ، وأمْرٌ بِإيفائِهِ، نَصَّ عَلى المَفْهُومِ بِالتَّأْكِيدِ: ﴿وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أشْياءَهم ولا تَعْثَوْا في الأرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ مَعَ التَّوْجِيهِ بِأنَّ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لَهم.
المَوْضِعُ الرّابِعُ في سُورَةِ ”بَنِي إسْرائِيلَ“: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ ولا تَبْسُطْها كُلَّ البَسْطِ﴾ [الإسراء: ٢٩]، أيِ: اعْتِدالٌ في الإنْفاقِ مَعَ نَفْسِهِ، فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ، ثُمَّ: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكم خَشْيَةَ إمْلاقٍ﴾ [الإسراء: ٣٢]، وكُلُّها في مَجالِ الِاقْتِصادِ وبَعْدَها: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنا﴾ [الإسراء: ٣٢]، ﴿وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلّا بِالحَقِّ﴾ [الإسراء: ٣٣] .
وَقَدْ يَكُونُ الباعِثُ عَلَيْهِما أيْضًا غَرَضٌ مالِيٌّ: ﴿وَلا تَقْرَبُوا مالَ اليَتِيمِ إلّا بِالَّتِي هي أحْسَنُ﴾ [الإسراء: ٣٤]، وهو مِن أخَصِّ أبْوابِ المالِ.
ثُمَّ الوَفاءُ بِالعَهْدِ، ثُمَّ: ﴿وَأوْفُوا الكَيْلَ إذا كِلْتُمْ وزِنُوا بِالقِسْطاسِ المُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وأحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [الإسراء: ٣٥]، فَمَعَ ضَرُورِيّاتِ الحَياةِ حِفْظُ النَّفْسِ والعِرْضِ والمالِ يَأْتِي الحِفاظُ عَلى الكَيْلِ والوَزْنِ.
المَوْضِعُ الخامِسُ في سُورَةِ ”الشُّورى“ وهو أعَمُّ مِمّا تَقَدَّمَ، وجَعَلَهُ مَقْرُونًا بِإنْزالِ الكِتابِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي أنْزَلَ الكِتابَ بِالحَقِّ والمِيزانَ وما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ﴾ [الشورى: ١٧] .
(p-٤٥٧)وَتَكَلَّمَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ - عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ بِما أشَرْنا إلى أنَّهُ عامٌّ، فَقالَ: المِيزانُ هَنا مُرادٌ بِهِ العَدْلُ والإنْصافُ، وأنَّ هَذا المَعْنى مُتَضَمِّنٌ آلَةَ الوَزْنِ وزِيادَةً.
وَأوْرَدَ بَقِيَّةَ الآياتِ هُنا في مَبْحَثٍ مُفَصَّلٍ، فَذَكَرَ آيَةَ ”الرَّحْمَنِ“، وآيَةَ ”الحَدِيدِ“، وتَكَلَّمَ عَلى الجَمِيعِ بِالتَّفْصِيلِ.
وَفِي قَوْلِهِ تَعالى في سُورَةِ ”الرَّحْمَنِ“: ﴿والسَّماءَ رَفَعَها ووَضَعَ المِيزانَ﴾ [الرحمن: ٧]، مُقابَلَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ رَفْعِ السَّماءِ الَّذِي هو حَقٌّ وعَدْلٌ وقُدْرَةٌ، والمِيزانُ وضَعَهُ في الأرْضِ، لِتَقُومُوا بِالعَدْلِ والإنْصافِ، وبِهَذا العَدْلِ قامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ.
وَفِي سُورَةِ ”الحَدِيدِ“ اقْتِرانُ المِيزانِ بِإرْسالِ الرُّسُلِ وإنْزالِ الكُتُبِ: ﴿لَقَدْ أرْسَلْنا رُسُلَنا بِالبَيِّناتِ وأنْزَلْنا مَعَهُمُ الكِتابَ والمِيزانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالقِسْطِ﴾ [الحديد: ٢٥] .
وَمَعْلُومٌ أنَّ المِيزانَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَ الكِتابِ هو مِيزانُ الحَقِّ والعَدْلِ، والنَّهْيُ عَنْ أكْلِ أمْوالِ النّاسِ بِغَيْرِ حَقٍ، وعَدَمُ بَخْسِ النّاسِ أشْياءَهم.
فَكانَتْ هَذِهِ الآيَةُ أعَمَّ وأشْمَلَ آياتِ الوَفاءِ في الكَيْلِ والوَزْنِ، بِمَثابَةِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكم أنْ تُؤَدُّوا الأماناتِ إلى أهْلِها وإذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ﴾ [النساء: ٥٨] .
وَقَدْ جَمَعَ لَفْظَ الأمانَةِ؛ لِيَعُمَّ بِهِ كُلَّ ما يُمْكِنُ أنْ يُؤْتَمَنَ الإنْسانُ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ هُنا المِيزانُ مَعَ الكِتابِ المُنَزَّلِ، وبِهِ يَسْتَوْفِي كُلُّ إنْسانٍ حَقَّهُ في أيِّ نَوْعٍ مِن أنْواعِ التَّعامُلِ، فَكُلُّ مَن غَشَّ في سِلْعَةٍ أوْ دَلَّسَ أوْ زادَ في عَدَدٍ، أوْ نَقَصَ أوْ زادَ في ذَرْعٍ، أوْ نَقَصَ فَهو مُطَفِّفٌ لِلْكَيْلِ، داخِلٌ تَحْتَ الوَعِيدِ بِالوَيْلِ.
فَمَن باعَ ذَهَبًا مَثَلًا عَلى أنَّهُ صافٍ مِنَ الغِشِّ وزْنَ دِرْهَمٍ، وفِيهِ مِنَ النُّحاسِ عُشْرُ الدِّرْهَمِ، فَقَدْ نَقَصَ وطَفَّفَ لِنَفْسِهِ، فَأخَذَ حَقَّ دِرْهَمٍ كامِلٍ ذَهَبًا، ونَقَصَ حَيْثُ أعْطى دِرْهَمًا إلّا عَشْرًا.
وَمَن باعَ رِطْلًا سَمْنًا وفِيهِ عُشْرُ الرِّطْلِ شَحْمًا، فَقَدْ طَفَّفَ بِمِقْدارِ هَذا العُشْرِ لِنَفْسِهِ، ونَقَصَ وبَخَسَ المُشْتَرِي بِمِقْدارِ ذَلِكَ.
(p-٤٥٨)وَهَكَذا مَن باعَ ثَوْبًا عَشْرَ أمْتارٍ وهو يَنْقُصُ رُبُعَ المِتْرِ، فَقَدْ طَفَّفَ وبَخَسَ بِمِقْدارِ هَذا الرُّبُعِ.
وَهَكَذا في القِسْمَةِ بَيْنَ النّاسِ وبَيْنَ الأوْلادِ، وبَيْنَ الأهْلِ، وكُلَّ ما فِيهِ عَطاءٌ وأُخِذَ بَيْنَ اثْنَيْنِ، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
وَمِن بابِ ما يَذْكُرُهُ العُلَماءُ في مُناسَباتِ السُّوَرِ بَعْضُها مِن بَعْضٍ.
فَقَدْ قالَ أبُو حَيّانَ لَمّا ذَكَرَ السُّورَةَ الَّتِي قَبْلَها مَصِيرَ الأبْرارِ والفُجّارِ يَوْمَ القِيامَةِ ذَكَرَ هُنا مِن مُوجِباتِ ذَلِكَ وأهَمِّها: تَطْفِيفُ الكَيْلِ، وبِخْسِ الوَزْنِ، وهَذا في الجُمْلَةِ مُتَوَجِّهٌ، ولَكِنَّ صَرِيحَ قَوْلِهِ تَعالى في السُّورَةِ السّابِقَةِ: ﴿وَإذا القُبُورُ بُعْثِرَتْ﴾ ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وأخَّرَتْ﴾ [الإنفطار: ٤ - ٥]، فَهو وإنْ كانَ عامًّا في كُلِّ ما قَدَّمَهُ لِنَفْسِهِ مِن عَمَلِ الخَيْرِ، وما أخَّرَ مِن أداءِ الواجِباتِ عَلَيْهِ، فَإنَّهُ يَتَضَمَّنُ أيْضًا خُصُوصَ ما قَدَّمَ مِن وفاءٍ في الكَيْلِ ورُجْحانٍ في الوَزْنِ، وما أخَّرَ في تَطْفِيفٍ في الكَيْلِ وبَخْسٍ طَمَعًا في المالِ وجَمْعًا لِلتُّراثِ، كَما قالَ تَعالى: ﴿وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أكْلًا لَمًّا﴾ ﴿وَتُحِبُّونَ المالَ حُبًّا جَمًّا﴾ ﴿كَلّا إذا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا﴾ ﴿وَجاءَ رَبُّكَ والمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ ﴿وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنْسانُ وأنّى لَهُ الذِّكْرى﴾ ﴿يَقُولُ يالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي﴾ [الفجر: ١٩ - ٢٤] .
وَمِن هُنا يُعْلَمُ لِلْعاقِلِ أنَّ ما طَفَّفَ مِن كَيْلٍ أوْ بَخَسَ مِن وزْنٍ مَهْما جَمَعَ مِنهُ، فَإنَّهُ يُؤَخِّرُهُ وراءَهُ ومَسْئُولٌ عَنْهُ، ونادِمٌ عَلَيْهِ، وقائِلٌ: ﴿يالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي﴾، ولاتَ ساعَةَ مَندَمٍ.
{"ayah":"وَیۡلࣱ لِّلۡمُطَفِّفِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق