الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ناداهُ رَبُّهُ بِالوادِي المُقَدَّسِ﴾، بَيَّنَ القُرْآنُ الكَرِيمُ أنَّهُ الطُّورُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلَمّا قَضى مُوسى الأجَلَ وسارَ بِأهْلِهِ آنَسَ مِن جانِبِ الطُّورِ نارًا﴾ إلى قَوْلِهِ ﴿فَلَمّا أتاها نُودِيَ مِن شاطِئِ الوادِي الأيْمَنِ في البُقْعَةِ المُبارَكَةِ﴾ [القصص: ٢٩ - ٣٠] والمُبارَكَةُ تُساوِي المُقَدَّسَ.
فَبَيَّنَ تَعالى أنَّ المُناداةَ كانَتْ بِالطُّورِ وهو الوادِي المُقَدَّسُ، وهو طُوًى، وفي البُقْعَةِ المُبارَكَةِ. وقَدْ بَيَّنَ تَعالى ما كانَ في ذَلِكَ المَكانِ مِن مُناجاةٍ وأمْرِ العَصا والآياتِ الأُخْرى في سُورَةِ ”طه“ مِن أوَّلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَهَلْ أتاكَ حَدِيثُ مُوسى﴾ ﴿إذْ رَأى نارًا﴾ إلى قَوْلِهِ ﴿اذْهَبْ إلى فِرْعَوْنَ﴾ [طه: ٩ - ٢٤] .
وَقَدْ فَصَّلَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ - القَوْلَ في ذَلِكَ المَوْقِفِ في سُورَةِ ”مَرْيَمَ“ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَنادَيْناهُ مِن جانِبِ الطُّورِ الأيْمَنِ﴾ [مريم: ٥٢] .
وَقَدْ بَيَّنَ تَعالى في سُورَةِ ”طه“، كامِلَ قِصَّةِ المُناداةِ مِن قَوْلِهِ: ﴿إنِّي أنا رَبُّكَ فاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إنَّكَ بِالوادِي المُقَدَّسِ طُوًى﴾ ﴿وَأنا اخْتَرْتُكَ فاسْتَمِعْ لِما يُوحى﴾ ﴿إنَّنِي أنا اللَّهُ لا إلَهَ إلّا أنا فاعْبُدْنِي وأقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾ ﴿إنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ﴾ [طه: ١٢ - ١٥] .
ثُمَّ قِصَّةَ العَصا والآيَةَ في يَدِهِ - عَلَيْهِ السَّلامُ - وإرْسالَهُ إلى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغى، وسُؤالَ مُوسى: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ ﴿وَيَسِّرْ لِي أمْرِي﴾ [طه: ٢٥ - ٢٦]، واسْتِوْزارَ أخِيهِ مَعَهُ، دُونَ التَّعَرُّضِ إلى أُسْلُوبِ الدَّعْوَةِ، وفي هَذِهِ السُّورَةِ الكَرِيمَةِ بَيانٌ لِمَنهَجِ الدَّعْوَةِ، وما يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ عَلَيْهِ نَبِيُّ اللَّهِ مُوسى مَعَ عَدُوِّ اللَّهِ فِرْعَوْنَ.
وَأُسْلُوبُ العَرْضِ: ﴿هَلْ لَكَ إلى أنْ تَزَكّى﴾ ﴿وَأهْدِيَكَ إلى رَبِّكَ فَتَخْشى﴾ [النازعات: ١٨ - ١٩]، ثُمَّ تَقْدِيمُ الآيَةِ الكُبْرى، ودَلِيلِ صِحَّةِ دَعْواهُ مِمّا يَلْزَمُ كُلَّ داعِيَةٍ اليَوْمَ أنْ يَقِفَ هَذا المَوْقِفَ، حَيْثُ لا يُوجَدُ اليَوْمَ أكْثَرُ مِن فِرْعَوْنَ، ولا أشَدُّ طُغْيانًا مِنهُ؛ حَيْثُ ادَّعى الرُّبُوبِيَّةَ والأُلُوهِيَّةَ مَعًا، فَقالَ: ﴿أنا رَبُّكُمُ الأعْلى﴾ [النازعات: ٢٤]، وقالَ: ﴿ما عَلِمْتُ لَكم مِن إلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨]، (p-٤٢٠)وَلا يُوجَدُ اليَوْمَ أكْرَمُ عَلى اللَّهِ مِن نَبِيِّ اللَّهِ مُوسى وأخِيهِ هارُونَ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَيَكُونُ مَنهَجُ الدَّعْوَةِ مِن أكْرَمِ خَلْقِ اللَّهِ إلى أكْفَرِ عِبادِ اللَّهِ بِهَذا الأُسْلُوبِ الهادِئِ اللَّيِّنِ الحَكِيمِ، مُنْطَلِقًا مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أوْ يَخْشى﴾ [طه: ٤٤] فَكانا كَما أمَرَهُما اللَّهُ، وقالا كَما عَلَّمَهُما اللَّهُ ﴿هَلْ لَكَ إلى أنْ تَزَكّى﴾ ﴿وَأهْدِيَكَ إلى رَبِّكَ فَتَخْشى﴾، وهَذا المَنهَجُ هو تَحْقِيقٌ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ﴾ [النحل: ١٢٥] .
وَقَدْ وضَعَ القُرْآنُ مَنهَجًا مُتَكامِلًا لِلدَّعْوَةِ إلى اللَّهِ، وفَصَّلَهُ العُلَماءُ بِما يُشْتَرَطُ في الدّاعِي والمَدْعُوِّ إلَيْهِ، ومُراعاةِ حالِ المَدْعُوِّ.
وَقَدْ قَدَّمَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ -: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: ١٠٥] مِن سُورَةِ ”المائِدَةِ“ .
وَقَوْلَهُ تَعالى: ﴿وَما أُرِيدُ أنْ أُخالِفَكم إلى ما أنْهاكم عَنْهُ﴾ [هود: ٨٨] في سُورَةِ ”هُودٍ“ .
وَقَوْلَهُ تَعالى: ﴿وَجادِلْهم بِالَّتِي هي أحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥] في سُورَةِ ”النَّحْلِ“ .
وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ كُلِّهِ يُشَكِّلُ مَنهَجًا كامِلًا لِمادَّةِ طَرِيقِ الدَّعْوَةِ إلى اللَّهِ تَعالى، فِيما يَتَعَلَّقُ بِالدّاعِي والمَدْعُوِّ وما يَدْعُو إلَيْهِ، وكَيْفِيَّةِ ذَلِكَ. والحَمْدُ لِلَّهِ.
{"ayah":"إِذۡ نَادَىٰهُ رَبُّهُۥ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوًى"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











