الباحث القرآني
(p-٤١٥)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ النّازِعاتِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والنّازِعاتِ غَرْقًا﴾
الواوُ لِلْقَسَمِ، والمُقْسَمُ بِهِ مَحْذُوفٌ، ذُكِرَتْ صِفاتُهُ في كُلِّ المَذْكُوراتِ، إلى قَوْلِهِ: ﴿فالمُدَبِّراتِ أمْرًا﴾ [النازعات: ٥] .
وَقَدِ اخْتُلِفَ في المُقْسَمِ بِهِ فِيها كُلِّها، عَلى ما سَيَأْتِي بَيانُهُ إنْ شاءَ اللَّهُ.
”والنّازِعاتِ“: جَمْعُ نازِعَةٍ، والنَّزْعُ: جَذْبُ الشَّيْءِ بِقُوَّةٍ مِن مَقَرِّهِ، كَنَزْعِ القَوْسِ عَنْ كَبِدِهِ، ويُسْتَعْمَلُ في المَحْسُوسِ والمَعْنَوِيِّ، فَمِنَ الأوَّلِ نَزْعُ القَوْسِ كَما قَدَّمْنا، ومِنهُ قَوْلُهُ: ”وَنَزَعَ يَدَهُ“ [الأعراف: ١٠٨]، وقَوْلُهُ: ﴿تَنْزِعُ النّاسَ كَأنَّهم أعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ [القمر: ٢٠]، وقَوْلُهُ: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما﴾ [الأعراف: ٢٧]، ومِنَ المَعْنَوِيِّ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَنَزَعْنا ما في صُدُورِهِمْ مِن غِلٍّ إخْوانًا﴾ [الحجر: ٤٧]، وقَوْلُهُ: ﴿فَإنْ تَنازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ والرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩]، والحَدِيثُ: ”لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ“ .
والإغْراقُ: المُبالَغَةُ، والِاسْتِغْراقُ: الِاسْتِيعابُ.
أمّا المُرادُ بِـ ”النّازِعاتِ غَرْقًا“ هُنا، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ إلى حَوالِي عَشَرَةِ أقْوالٍ مِنها: أنَّها المَلائِكَةُ تَنْزِعُ الأرْواحَ، والنُّجُومُ تَنْتَقِلُ مِن مَكانٍ إلى مَكانٍ آخَرَ، والأقْواسُ تَنْزِعُ السِّهامَ، والغُزاةُ يَنْزِعُونَ عَلى الأقْواسِ، والغُزاةُ يَنْزِعُونَ مِن دارِ الإسْلامِ إلى دارِ الحَرْبِ لِلْقِتالِ، والوُحُوشُ تَنْزِعُ إلى الطَّلا، أيِ: الحَيَوانُ الوَحْشِيُّ.
”والنّاشِطاتِ“: قِيلَ أصْلُ الكَلِمَةِ: النَّشاطُ والخِفَّةُ، والأُنْشُوطَةُ: العُقْدَةُ سَهْلَةُ الحَلِّ، ونَشَّطَهُ بِمَعْنى رَبَطَهُ، وأنْشَطَهُ حَلَّهُ بِسُرْعَةٍ وخِفَّةٍ، ومِنهُ قَوْلُهُ ﷺ: «كَأنَّما أُنْشِطَ مِن عِقالٍ» .
أمّا المُرادُ بِهِ هُنا فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلى النَّحْوِ المُتَقَدِّمِ تَقْرِيبًا، فَقِيلَ: المَلائِكَةُ تَنْشَطُ (p-٤١٦)الأرْواحَ، وقِيلَ: أرْواحُ المُؤْمِنِينَ تَنْشَطُ عِنْدَ الفَزَعِ، ولَمْ يُرَجِّحِ ابْنُ جَرِيرٍ مَعْنًى مِنها، وقالَ: كُلُّها مُحْتَمَلَةٌ، وحَكاها غَيْرُهُ كُلَّها.
وَقَدْ ذُكِرَ في الجَلالَيْنِ المَعْنى الأوَّلُ مِنها فَقَطْ، والَّذِي يَشْهَدُ لَهُ السِّياقُ والنُّصُوصُ الأُخْرى: أنَّ كُلًّا مِنَ ”النّازِعاتِ“ و ”النّاشِطاتِ“: هُمُ المَلائِكَةُ، وهو ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ومُجاهِدٍ، وهي صِفاتٌ لَها في قَبْضِ الأرْواحِ.
وَدَلالَةُ السِّياقِ عَلى هَذا المَعْنى: هو أنَّهُما وصْفانِ مُتَقابِلانِ: الأوَّلُ نَزْعٌ بِشِدَّةٍ، والآخَرُ نَشاطٌ بِخِفَّةٍ، فَيَكُونُ النَّزْعُ غَرْقًا لِأرْواحِ الكُفّارِ، والنَّشْطُ بِخِفَّةٍ لِأرْواحِ المُؤْمِنِينَ، وقَدْ جاءَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا في قَوْلِهِ تَعالى في حَقِّ نَزْعِ أوَراحِ الكُفّارِ: ﴿وَلَوْ تَرى إذِ الظّالِمُونَ في غَمَراتِ المَوْتِ والمَلائِكَةُ باسِطُو أيْدِيهِمْ أخْرِجُوا أنْفُسَكُمُ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الهُونِ﴾ الآيَةَ [الأنعام: ٩٣] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَوْ تَرى إذْ يَتَوَفّى الَّذِينَ كَفَرُوا المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهم وأدْبارَهم وذُوقُوا عَذابَ الحَرِيقِ﴾ [الأنفال: ٥٠]، وقالَ تَعالى في حَقِّ المُؤْمِنِينَ: ﴿ياأيَّتُها النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ﴾ ﴿ارْجِعِي إلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً﴾ [الفجر: ٢٧ - ٢٨]،
• وقَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ ألّا تَخافُوا ولا تَحْزَنُوا وأبْشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت: ٣٠] .
وَهَذا يَتَناسَبُ كُلَّ المُناسَبَةِ مَعَ آخَرِ السُّورَةِ الَّتِي قَبْلَها إذْ جاءَ فِيها: ﴿إنّا أنْذَرْناكم عَذابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ﴾ [النبإ: ٤٠]، ونَظَرُ المَرْءِ ما قَدَّمَتْ يَداهُ يَبْدَأُ مِن حالَةِ النَّزْعِ حِينَما يَثْقُلُ اللِّسانُ عَنِ النُّطْقِ في حالَةِ الحَشْرَجَةِ، حِينَ لا تُقْبَلُ التَّوْبَةُ عِنْدَ العايِنَةِ لِما سَيَئُولُ إلَيْهِ، فَيَنْظُرُ حِينَئِذٍ ما قَدَّمَتْ يَداهُ، وهَذا عِنْدَ نَزْعِ الرُّوحِ أوْ نَشْطِها. واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
{"ayah":"وَٱلنَّـٰزِعَـٰتِ غَرۡقࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











