الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لابِثِينَ فِيها أحْقابًا﴾ ﴿لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْدًا ولا شَرابًا﴾ ﴿إلّا حَمِيمًا وغَسّاقًا﴾
لَمْ يُبَيِّنِ الأحْقابَ هُنا كَمْ عَدَدُها، وهَذِهِ مَسْألَةُ فَناءِ النّارِ، وعَدَمِ فَنائِها.
وَقِيلَ: المُرادُ بِالأحْقابِ هُنا: جُزْءٌ مِنَ الزَّمَنِ لا كُلُّهُ، وهي الأحْقابُ المَوْصُوفُ حالُهم فِيها لِما بَعْدَهم مِن كَوْنِهِمْ لا يَذُوقُونَ فِيها، أيْ: في النّارِ أحْقابًا مِنَ الزَّمَنِ، لا يَذُوقُونَ بَرْدًا ولا شَرابًا إلّا حَمِيمًا وغَسّاقًا.
أمّا بَقِيَّةُ الأحْقابِ فَيُقالُ لَهم: ﴿فَلَنْ نَزِيدَكم إلّا عَذابًا﴾ [النبإ: ٣٠]، وهَذِهِ المَسْألَةُ قَدْ بَحَثَها الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ - في كِتابِ دَفْعِ إيهامِ الِاضْطِرابِ، عِنْدَ الكَلامِ (p-٤١١)عَلى هَذِهِ الآيَةِ، وفي سُورَةِ ”الأنْعامِ“ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قالَ النّارُ مَثْواكم خالِدِينَ فِيها إلّا ما شاءَ اللَّهُ﴾ الآيَةَ [الأنعام: ١٢٨]، وهو بَحْثٌ مُطَوَّلٌ، وسَيُطْبَعُ الكِتابُ - بِإذْنِ اللَّهِ تَعالى - مَعَ هَذِهِ التَّتِمَّةِ.
وَذَكَرَ القُرْطُبِيُّ في مَعْنى الحِقَبِ آثارًا عَدِيدَةً مِنها: عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قالَ: قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «واللَّهِ لا يَخْرُجُ مِنَ النّارِ مَن دَخَلَها حَتّى يَكُونَ فِيها أحْقابًا. الحِقْبُ: بِضْعٌ وثَمانُونَ سَنَةَ، والسَّنَةُ ثَلاثُمِائَةٍ وسِتُّونَ يَوْمًا، كُلُّ يَوْمٍ ألْفُ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ. فَلا يَتَّكِلَنَّ أحَدُكم عَلى أنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ النّارِ» . ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ.
وَقَدْ رَجَّحَ القُرْطُبِيُّ دَوامَهم - أيِ: الكُفّارُ في النّارِ - أبَدَ الآبِدِينَ. اهـ.
⁕ ⁕ ⁕
* قال المؤلف في (دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب):
(p-٤٣٠)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ النَّبَأِ
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لابِثِينَ فِيها أحْقابًا﴾ .
تَقَدَّمَ وجْهُ الجَمْعِ بَيْنَهُ هو والآياتِ المُشابِهَةِ لَهُ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ إلّا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ [هود: ١٠٧]، مَعَ الآياتِ المُقْتَضِيَةِ لِدَوامِ عَذابِ أهْلِ النّارِ بِلا انْقِطاعٍ كَقَوْلِهِ: ﴿خالِدِينَ فِيها أبَدًا﴾ [النساء: ٥٧]، في سُورَةِ ”الأنْعامِ“ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قالَ النّارُ مَثْواكم خالِدِينَ فِيها إلّا ما شاءَ اللَّهُ﴾ الآيَةَ [الأنعام: ١٢٨]، فَقَدْ بَيَّنّا هُناكَ أنَّ العَذابَ لا يَنْقَطِعُ عَنْهم وبَيَّنّا وجْهَ الِاسْتِثْناءِ بِالمَشِيئَةِ، وأمّا وجْهُ الجَمْعِ بَيْنَ الأحْقابِ المَذْكُورَةِ هُنا مَعَ الدَّوامِ الأبَدِيِّ الَّذِي قَدَّمَنا الآياتِ الدّالَّةَ عَلَيْهِ فَمِن ثَلاثَةِ أوْجُهٍ:
الأوَّلُ: وهو الَّذِي مالَ إلَيْهِ ابْنُ جَرِيرٍ وهو الأظْهَرُ عِنْدِي لِدَلالَةِ ظاهِرِ القُرْءانِ عَلَيْهِ هو أنَّ قَوْلَهُ: ﴿لابِثِينَ فِيها أحْقابًا﴾ مُتَعَلِّقٌ بِما بَعْدَهُ، أيْ: ﴿لابِثِينَ فِيها أحْقابًا﴾ في حالِ كَوْنِهِمْ ﴿لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْدًا ولا شَرابًا﴾ ﴿إلّا حَمِيمًا وغَسّاقًا﴾ [النازعات: ٢٣ - ٢٥]، فَإذا انْقَضَتْ تِلْكَ الأحْقابُ عُذِّبُوا بِأنْواعٍ أُخَرَ مِن أنْواعِ العَذابِ غَيْرَ الحَمِيمِ والغَسّاقِ. ويَدُلُّ لِهَذا تَصْرِيحُهُ تَعالى بِأنَّهم يُعَذَّبُونَ بِأنْواعٍ أُخَرَ مِن أنْواعِ العَذابِ غَيْرَ الحَمِيمِ والغَسّاقِ في قَوْلِهِ: ﴿هَذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وغَسّاقٌ﴾ ﴿وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أزْواجٌ﴾ [ص: ٥٧ - ٥٨] .
وَغايَةُ ما يَلْزَمُ عَلى هَذا القَوْلِ تَداخُلُ الحالِ وهو جائِزٌ حَتّى عِنْدَ مَن مَنَعَ تَرادُفَ الحالِ كابْنِ عُصْفُورٍ ومَن وافَقَهُ، وإيضاحُهُ أنَّ جُمْلَةَ: ﴿لا يَذُوقُونَ﴾: حالٌ مِن ضَمِيرِ اسْمِ الفاعِلِ المُسْتَكِنِّ، ونَعْنِي بِاسْمِ الفاعِلِ قَوْلَهُ: لابِثِينَ الَّذِي هو حالٌ، ونَظِيرُهُ مِن إتْيانِ جُمْلَةِ فِعْلٍ مُضارِعٍ مَنفِيٍّ بِلا حالًا في القُرْءانِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واللَّهُ أخْرَجَكم مِن بُطُونِ أُمَّهاتِكم لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ [النحل: ٧٨]، أيْ في حالِ كَوْنِكم لا تَعْلَمُونَ.
الثّانِي: أنَّ هَذِهِ الأحْقابَ لا تَنْقَضِي أبَدًا، رَواهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ والرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ (p-٤٣١)وَقالَ: إنَّهُ أصَحُّ مِن جَعْلِ الآيَةِ في عُصاةِ المُسْلِمِينَ، كَما ذَهَبَ إلَيْهِ خالِدُ بْنُ مَعْدانَ.
الثّالِثُ: أنّا لَوْ سَلَّمْنا دَلالَةَ قَوْلِهِ: ”أحْقابًا“ عَلى التَّناهِي والِانْقِضاءِ، فَإنَّ ذَلِكَ إنَّما فُهِمَ مِن مَفْهُومِ الظَّرْفِ والتَّأْبِيدِ مُصَرَّحٌ بِهِ مَنطُوقًا والمَنطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلى المَفْهُومِ، كَما تَقَرَّرَ في الأُصُولِ، وقَوْلُ خالِدِ بْنِ مَعْدانَ: إنَّ هَذِهِ الآيَةَ في عُصاةِ المُسْلِمِينَ، يَرُدُّهُ ظاهِرُ القُرْءانِ لِأنَّ اللَّهَ قالَ: ﴿وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذّابًا﴾ [النبإ: ٢٨]، وهَؤُلاءِ الكُفّارُ.
{"ayah":"لَّـٰبِثِینَ فِیهَاۤ أَحۡقَابࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق