الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأنّا لا نَدْرِي أشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن في الأرْضِ أمْ أرادَ بِهِمْ رَبُّهم رَشَدًا﴾ فِيهِ نَصٌّ عَلى أنَّ الجِنَّ لا تَعْلَمُ الغَيْبَ، وقَدْ صَرَّحَ تَعالى في قَوْلِهِ: ﴿فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ ما لَبِثُوا في العَذابِ المُهِينِ﴾ [سبإ: ١٤] . وَقَدْ يَبْدُو مِن هَذِهِ الآيَةِ إشْكالٌ، حَيْثُ قالُوا أوَّلًا: ﴿إنّا سَمِعْنا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ ﴿يَهْدِي إلى الرُّشْدِ فَآمَنّا بِهِ﴾ [الجن: ١ - ٢] ثُمَّ يَقُولُونَ ﴿وَأنّا لا نَدْرِي أشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن في الأرْضِ أمْ أرادَ بِهِمْ رَبُّهم رَشَدًا﴾ [الجن: ١٠] والواقِعُ أنَّهم تَساءَلُوا لَمّا لَمَسُوا السَّماءَ فَمُنِعُوا مِنها لِشِدَّةِ حِراسَتِها، وأقَرُّوا أخِيرًا لَمّا سَمِعُوا القُرْآنَ وعَلِمُوا السَّبَبَ في تَشْدِيدِ حِراسَةِ السَّماءِ؛ لِأنَّهم لَمّا مُنِعُوا ما كانَ يَخْطُرُ بِبالِهِمْ أنَّهُ مِن أجْلِ الوَحْيِ؛ لِقَوْلِهِ ﴿وَأنَّهم ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أحَدًا﴾ [الجن: ٧] . وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأنّا لَمَسْنا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وشُهُبًا﴾ [الجن: ٨] يَدُلُّ بِفَحْواهُ أنَّهم مُنِعُوا مِنَ السَّمْعِ، كَما قالُوا: ﴿فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهابًا رَصَدًا﴾ [الجن: ٩] (p-٣١٩)وَلَكِنْ قَدْ يَظُنُّ ظانٌّ أنَّهم يُحاوِلُونَ السَّماعَ ولَوْ مَعَ الحِراسَةِ الشَّدِيدَةِ، ولَكِنَّ اللَّهَ تَعالى صَرَّحَ بِأنَّهم لَمْ ولَنْ يَسْتَمِعُوا بَعْدَ ذَلِكَ، كَما قالَ تَعالى: ﴿إنَّهم عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾ [الشعراء: ٢١٢] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب