الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ ما مَنَعَكَ ألّا تَسْجُدَ إذْ أمَرْتُكَ﴾ . الَ بَعْضُ العُلَماءِ: مَعْناهُ: ما مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ، و ”لا“ صِلَةٌ، ويَشْهَدُ لِهَذا قَوْلُهُ تَعالى: في سُورَةِ ”ص“ ﴿قالَ ياإبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ الآيَةَ [ \ ٧٥ ]، وقَدْ أوْضَحْنا زِيادَةَ لَفْظَةِ ”لا“ وشَواهِدَ ذَلِكَ مِنَ القُرْآنِ، ومِن كَلامِ العَرَبِ في سُورَةِ البَلَدِ، في كِتابِنا ”دَفْعِ إيهامِ الِاضْطِرابِ عَنْ آياتِ الكِتابِ“ والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى. * * * (p-١٠)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ أنا خَيْرٌ مِنهُ خَلَقْتَنِي مِن نارٍ وخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾، ذَكَرَ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: أنَّ إبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ خُلِقَ مِن نارٍ، وعَلى القَوْلِ بِأنَّ إبْلِيسَ هو الجانُّ الَّذِي هو أبُو الجِنِّ، فَقَدْ زادَ في مَواضِعَ أُخَرَ أوْصافًا لِلنّارِ الَّتِي خَلَقَهُ مِنها. مِن ذَلِكَ أنَّها نارُ السَّمُومِ، كَما في قَوْلِهِ: ﴿والجانَّ خَلَقْناهُ مِن قَبْلُ مِن نارِ السَّمُومِ﴾ [الحجر: ٢٧]، ومِن ذَلِكَ أنَّها خُصُوصُ المارِجِ، كَما في قَوْلِهِ: ﴿وَخَلَقَ الجانَّ مِن مارِجٍ مِن نارٍ﴾ [الرحمن: ١٥]، والمارِجُ أخَصُّ مِن مُطْلَقِ النّارِ لِأنَّهُ اللَّهَبُ الَّذِي لا دُخانَ فِيهِ. وَسُمِّيَتْ نارَ السَّمُومِ؛ لِأنَّها تَنْفُذُ في مَسامِّ البَدَنِ لِشِدَّةِ حَرِّها. وفي صَحِيحٍ مُسْلِمٍ عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها مَرْفُوعًا: «خُلِقَتِ المَلائِكَةُ مِن نُورٍ، وخُلِقَ الجانُّ مِن مارِجٍ مِن نارٍ، وخُلِقَ آدَمُ مِمّا وُصِفَ لَكم» . ورَواهُ عَنْها أيْضًا الإمامُ أحْمَدُ. ⁕ ⁕ ⁕ * قال المؤلف في (دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب): قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ ما مَنَعَكَ ألّا تَسْجُدَ إذْ أمَرْتُكَ﴾ . فِي هَذِهِ الآيَةِ إشْكالٌ بَيْنَ قَوْلِهِ: مَنَعَكَ مَعَ لا النّافِيَةِ لِأنَّ المُناسِبَ في الظّاهِرِ لِقَوْلِهِ: مَنَعَكَ بِحَسَبِ ما يَسْبِقُ إلى ذِهْنِ السّامِعِ لا ما في نَفْسِ الأمْرِ، هو حَذْفُ لا فَيَقُولُ: ﴿ما مَنَعَكَ﴾ أنَّ تَسْجُدَ دُونَ ﴿ألّا تَسْجُدَ﴾، وأُجِيبَ عَنْ هَذا بِأجْوِبَةٍ: مِن أقْرَبِها هو ما اخْتارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ في تَفْسِيرِهِ، وهو أنَّ بِالكَلامِ حَذْفًا دَلَّ المَقامُ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ فالمَعْنى: ﴿ما مَنَعَكَ﴾ مِنَ السُّجُودِ، فَأحْوَجَكَ ﴿ألّا تَسْجُدَ إذْ أمَرْتُكَ﴾، وهَذا الَّذِي اخْتارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: إنَّهُ حَسَنٌ قَوِيٌّ. وَمِن أجْوِبَتِهِمْ أنَّ ”لا“ صِلَةٌ ويَدُلُّ قَوْلُهُ تَعالى في سُورَةِ ”ص“ ﴿ما مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ﴾ الآيَةَ [ ٣٨ ]، وقَدْ وعَدْنا فِيما مَضى أنّا إنْ شاءَ اللَّهُ نُبَيِّنُ القَوْلَ بِزِيادَةِ ”لا“ مَعَ شَواهِدِهِ العَرَبِيَّةِ في الجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ: ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذا البَلَدِ﴾ [ ٩٠ ]، وبَيْنَ قَوْلِهِ: ﴿وَهَذا البَلَدِ الأمِينِ﴾ [التين: ٣] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب