الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اتَّخَذُوا أيْمانَهم جُنَّةً﴾ .
قُرِئَ (أيْمانَهم) بِفَتْحِ الهَمْزَةِ جَمْعُ يَمِينٍ، وقُرِئَ بِكَسْرِها مِنَ الإيمانِ ضِدِّ الكُفْرِ، أيْ: ما أظْهَرُوهُ مِن أُمُورِ الإسْلامِ.
وَمِمّا تَقَدَّمَ أنَّ مِن أنْواعِ البَيانِ إذا كانَ في الآيَةِ قِراءَتانِ، وفِيها ما يُرَجِّحُ إحْداهُما، وتَقَدَّمَ كَلامُ أبِي حَيّانَ تَخْرِيجَهُ عَلى اليَمِينِ.
وَلِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ - في مُذَكِّرَةِ التَّدْرِيسِ قَوْلُهُ: الأيْمانُ جُمَعُ يَمِينٍ، وهي الحَلِفُ والجُنَّةُ التُّرْسُ، وهو المِجَنُّ الَّذِي تُتَّقى بِهِ السُّيُوفُ والنِّبالُ والسِّهامُ في الحَرْبِ، والمَعْنى أنَّ المُنافِقِينَ إذا ظَهَرَ شَيْءٌ مِن نِفاقِهِمْ أوْ سُمِعَتْ عَنْهم كَلِمَةُ كُفْرٍ، حَلَفُوا بِاللَّهِ أنَّهم ما قالُوا ذَلِكَ وما فَعَلُوهُ، فَيَجْعَلُونَ حَلِفَهم تُرْسًا يَقِيهِمْ مِن مُؤاخَذَةِ النَّبِيِّ ﷺ بِذَنْبِهِمْ. كَما قالَ تَعالى: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا ولَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ﴾ الآيَةَ [التوبة: ٧٤] . وقالَ: ﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إنَّهم لَمِنكم وما هم مِنكُمْ﴾ الآيَةَ [التوبة: ٥٦] . وقالَ: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكم لِيُرْضُوكُمْ﴾ الآيَةَ [التوبة: ٦٢]، ونَحْوَ ذَلِكَ، فَهَذِهِ نُصُوصٌ تَدُلُّ عَلى أنَّهم يَحْلِفُونَ أيْمانًا عَلى أيْمانِهِمْ.
وَمِن جِهَةِ المَعْنى: أنَّ أيْمانَهم وحَلِفَهم مُنْصَبٌّ عَلى دَعْوى إيمانِهِمْ، فَلا انْفِكاكَ بَيْنَ اليَمِينِ والإيمانَ؛ لِأنَّهم يَحْلِفُونَ أنَّهم مُؤْمِنُونَ، واليَمِينُ أخَصُّ مِنَ الإيمانِ، وحَمْلُهُ عَلى الأخَصِّ يَقْتَضِي وُجُودَ الأعَمِّ، فالحَلِفُ عَلى الإيمانِ يَسْتَلْزِمُ دَعْوى الإيمانِ وزِيادَةً، ومُجَرَّدُ دَعْوى الإيمانِ لا يَسْتَلْزِمُ التَّأْكِيدَ بِالإقْسامِ والحَلِفِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ .
(p-١٩١)قالَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ -: أيْ بِسَبَبِ اتِّخاذِهِمْ أيْمانَهم جُنَّةً وخَفاءِ كُفْرِهِمُ الباطِنِ، تَمَكَّنُوا مِن صَدِّ بَعْضِ النّاسِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، لِأنَّ المُسْلِمِينَ يَظُنُّونَهم إخْوانًا وهم أعْداءٌ، وشَرُّ الأعْداءِ مَن تَظُنُّ أنَّهُ صَدِيقٌ ولِذا حَذَّرَ اللَّهُ نَبِيَهُ مِنهم بِقَوْلِهِ: ﴿هُمُ العَدُوُّ فاحْذَرْهُمْ﴾ [المنافقون: ٤]، وصَدُّهُمُ النّاسَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَتَعْوِيقِهِمْ عَنِ الجِهادِ؛ كَما بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ المُعَوِّقِينَ مِنكم والقائِلِينَ لِإخْوانِهِمْ هَلُمَّ إلَيْنا﴾ الآيَةَ [الأحزاب: ١٨] . وبِقَوْلِهِ: ﴿وَقالُوا لا تَنْفِرُوا في الحَرِّ﴾ الآيَةَ [التوبة: ٨١] . وقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ قالُوا لِإخْوانِهِمْ وقَعَدُوا لَوْ أطاعُونا ما قُتِلُوا﴾ الآيَةَ [آل عمران: ١٦٨] .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّهم ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ .
قالَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ -: (ساءَ) فِعْلٌ جامِدٌ لِإنْشاءِ الذَّمِّ بِمَعْنى بِئْسَ. اهـ.
وَقَدْ بَيَّنَ تَعالى تِلْكَ الإساءَةَ مِنَ المُنافِقِينَ في عِدَّةِ جِهاتٍ مِنها قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُخادِعُونَ اللَّهَ والَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ٩] . وقَوْلُهُ: ﴿إنَّ المُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وهو خادِعُهُمْ﴾ [النساء: ١٤٢] .
وَكانَ خِداعُهم بِالقَوْلِ وبِالفِعْلِ، وخِداعُهم بِالقَوْلِ في قَوْلِهِ عَنْهم: ﴿يَقُولُونَ بِألْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ في قُلُوبِهِمْ﴾ [الفتح: ١١] .
وَخِداعُهم في الفِعْلِ في قَوْلِهِ عَنْهم: ﴿وَإذا قامُوا إلى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراءُونَ النّاسَ﴾ [النساء: ١٤٢] .
وَفِي الجِهادِ قَوْلُهم: ﴿إنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وما هي بِعَوْرَةٍ إنْ يُرِيدُونَ إلّا فِرارًا﴾ [الأحزاب: ١٣] .
{"ayah":"ٱتَّخَذُوۤا۟ أَیۡمَـٰنَهُمۡ جُنَّةࣰ فَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَاۤءَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











