الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيْبِ لا يُعْلِمُها إلّا هُوَ﴾ الآيَةَ، بَيَّنَ تَعالى المُرادَ بِمَفاتِحِ الغَيْبِ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ ويُنَزِّلُ الغَيْثَ ويَعْلَمُ ما في الأرْحامِ وما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَدًا وما تَدْرِي نَفْسٌ بِأيِّ أرْضٍ تَمُوتُ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: ٣٤]، فَقَدْ أخْرَجَ البُخارِيُّ، وأحْمَدُ، وغَيْرُهُما عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ: أنَّ المُرادَ بِمَفاتِحِ الغَيْبِ الخَمْسِ المَذْكُورَةِ في الآيَةِ المَذْكُورَةِ، والمَفاتِحُ الخَزائِنُ، جَمْعُ مَفْتَحٍ بِفَتْحِ المِيمِ بِمَعْنى المَخْزَنِ، وقِيلَ: هي المَفاتِيحُ، جَمْعُ مِفْتَحٍ بِكَسْرِ المِيمِ، وهو المِفْتاحُ، وتَدُلُّ لَهُ قِراءَةُ ابْنِ السُّمَيْقِعِ. ”مَفاتِيحُ“ بِياءٍ بَعْدَ التّاءِ جَمْعُ مِفْتاحٍ، وهَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّ الغَيْبَ لا يَعْلَمُهُ إلّا اللَّهُ، وهو كَذَلِكَ؛ لِأنَّ الخَلْقَ لا يَعْلَمُونَ إلّا ما عَلَّمَهم خالِقُهم جَلَّ وعَلا. وَعَنْ عائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها - قالَتْ: ”مَن زَعَمَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُخْبِرُ بِما يَكُونُ في غَدٍ، فَقَدْ أعْظَمَ عَلى اللَّهِ الفِرْيَةَ“، واللَّهُ يَقُولُ: ﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَن في السَّماواتِ والأرْضِ الغَيْبَ إلّا اللَّهُ﴾ [النمل: ٦٥]، أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، واللَّهُ تَعالى في هَذِهِ السُّورَةِ الكَرِيمَةِ أمَرَهُ ﷺ أنْ يُعْلِنَ لِلنّاسِ أنَّهُ لا يَعْلَمُ الغَيْبَ، وذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ لا أقُولُ لَكم عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ ولا أعْلَمُ الغَيْبَ ولا أقُولُ لَكم إنِّي مَلَكٌ إنْ أتَّبِعُ إلّا ما يُوحى إلَيَّ﴾ [الأنعام: ٥٠] . وَلِذا لَمّا رُمِيَتْ عائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها - بِالإفْكِ، لَمْ يَعْلَمْ، أهِيَ بَرِيئَةٌ أمْ لا، حَتّى أخْبَرَهُ اللَّهُ تَعالى بِقَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمّا يَقُولُونَ﴾ [النور: ٢٦] . وَقَدْ ذَبَحَ إبْراهِيمُ - عَلَيْهِ وعَلى نَبِيِّنا الصَّلاةُ والسَّلامُ - عِجْلَهُ لِلْمَلائِكَةِ، ولا عِلْمَ لَهُ بِأنَّهم مَلائِكَةٌ حَتّى أخْبَرُوهُ، وقالُوا لَهُ: ﴿إنّا أُرْسِلْنا إلى قَوْمِ لُوطٍ﴾ [هود: ٧٠]، ولَمّا جاءُوا لُوطًا لَمْ يَعْلَمْ أيْضًا أنَّهم مَلائِكَةٌ، ولِذا ﴿سِيءَ بِهِمْ وضاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وقالَ هَذا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾ [هود: ٧٧]، يَخافُ عَلَيْهِمْ مِن أنْ يَفْعَلَ بِهِمْ قَوْمُهُ فاحِشَتَهُمُ المَعْرُوفَةَ، حَتّى قالَ: ﴿لَوْ أنَّ لِي بِكم قُوَّةً أوْ آوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ [هود: ٨٠]، ولَمْ يَعْلَمْ خَبَرَهم حَتّى قالُوا لَهُ: ﴿إنّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إلَيْكَ﴾ الآياتِ [هود: ٨١] . (p-٤٨٢)وَيَعْقُوبُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الحُزْنِ عَلى يُوسُفَ، وهو في مِصْرَ لا يَدْرِي خَبَرَهُ حَتّى أظْهَرَ اللَّهُ خَبَرَ يُوسُفَ. وَسُلَيْمانُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مَعَ أنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَهُ الشَّياطِينَ والرِّيحَ، ما كانَ يَدْرِي عَنْ أهْلِ مَأْرِبَ قَوْمِ بِلْقِيسَ حَتّى جاءَهُ الهُدْهُدُ، وقالَ لَهُ: ﴿أحَطتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾ الآياتِ [النمل: ٢٢] . وَنُوحٌ - عَلَيْهِ وعَلى نَبِيِّنا الصَّلاةُ والسَّلامُ - ما كانَ يَدْرِي أنَّ ابْنَهُ الَّذِي غَرِقَ لَيْسَ مِن أهْلِهِ المَوْعُودِ بِنَجاتِهِمْ، حَتّى قالَ: ﴿رَبِّ إنَّ ابْنِي مِن أهْلِي وإنَّ وعْدَكَ الحَقُّ﴾ الآيَةَ [هود: ٤٥]، ولَمْ يَعْلَمْ حَقِيقَةَ الأمْرِ حَتّى أخْبَرَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿قالَ يانُوحُ إنَّهُ لَيْسَ مِن أهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْألْنِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنِّي أعِظُكَ أنْ تَكُونَ مِنَ الجاهِلِينَ﴾ [هود: ٤٦] . وَقَدْ قالَ تَعالى عَنْ نُوحٍ في سُورَةِ هُودٍ: ﴿وَلا أقُولُ لَكم عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ ولا أعْلَمُ الغَيْبَ﴾ الآيَةَ [الأنعام: ٥٠]، والمَلائِكَةُ - عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ - لَمّا قالَ لَهم: ﴿أنْبِئُونِي بِأسْماءِ هَؤُلاءِ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ ﴿قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إلّا ما عَلَّمْتَنا﴾ [البقرة: ٣١، ٣٢] . فَقَدْ ظَهَرَ أنَّ أعْلَمَ المَخْلُوقاتِ وهُمُ الرُّسُلُ، والمَلائِكَةُ لا يَعْلَمُونَ مِنَ الغَيْبِ إلّا ما عَلَّمَهُمُ اللَّهُ تَعالى، وهو تَعالى يُعَلِّمُ رُسُلَهُ مِن غَيْبِهِ ما شاءَ، كَما أشارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكم عَلى الغَيْبِ ولَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُسُلِهِ مَن يَشاءُ﴾ [آل عمران: ١٧٩]، وقَوْلِهِ: ﴿عالِمُ الغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أحَدًا﴾ ﴿إلّا مَنِ ارْتَضى مِن رَسُولٍ﴾ الآيَةَ [الجن: ٢٦، ٢٧] . * تَنْبِيهٌ لَمّا جاءَ القُرْآنُ العَظِيمُ بِأنَّ الغَيْبَ لا يَعْلَمُهُ إلّا اللَّهُ، كانَ جَمِيعُ الطُّرُقِ الَّتِي يُرادُ بِها التَّوَصُّلُ إلى شَيْءٍ مِن عِلْمِ الغَيْبِ غَيْرِ الوَحْيِ مِنَ الضَّلالِ المُبِينِ، وبَعْضٌ مِنها يَكُونُ كُفْرًا. وَلِذا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «مَن أتى عَرّافًا فَسَألَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أرْبَعِينَ يَوْمًا»، ولا خِلافَ بَيْنَ العُلَماءِ في مَنعِ العِيافَةِ، والكِهانَةِ، والعَرافَةِ، والطَّرْقِ، والزَّجْرِ، والنُّجُومِ، وكُلُّ ذَلِكَ يَدْخُلُ في الكِهانَةِ؛ لِأنَّها تَشْمَلُ جَمِيعَ أنْواعِ ادِّعاءِ الِاطِّلاعِ عَلى عِلْمِ الغَيْبِ. وَقَدْ «سُئِلَ ﷺ عَنِ الكُهّانِ، فَقالَ: ”لَيْسُوا بِشَيْءٍ“» . (p-٤٨٣)وَقالَ القُرْطُبِيُّ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ ما نَصُّهُ: فَمَن قالَ إنَّهُ يَنْزِلُ الغَيْثُ غَدًا وجَزَمَ بِهِ، فَهو كافِرٌ، أخْبَرَ عَنْهُ بِأمارَةٍ ادَّعاها أمْ لا، وكَذَلِكَ مَن قالَ إنَّهُ يَعْلَمُ ما في الرَّحِمِ فَإنَّهُ كافِرٌ، فَإنْ لَمْ يَجْزِمْ، وقالَ: إنَّ النَّوْءَ يَنْزِلُ بِهِ الماءُ عادَةً، وإنَّهُ سَبَبُ الماءِ عادَةً، وإنَّهُ سَبَبُ الماءِ عَلى ما قَدَّرَهُ وسَبَقَ في عِلْمِهِ، لَمْ يَكْفُرْ، إلّا أنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ ألّا يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَإنَّ فِيهِ تَشْبِيهًا بِكَلِمَةِ أهْلِ الكُفْرِ، وجَهْلًا بِلَطِيفِ حِكْمَتِهِ؛ لِأنَّهُ يَنْزِلُ مَتى شاءَ مَرَّةً بِنَوْءِ كَذا، ومَرَّةً دُونَ النَّوْءِ. قالَ اللَّهُ تَعالى: «أصْبَحَ مِن عِبادِي مُؤْمِنٌ بِي وكافِرٌ بِالكَواكِبِ»، عَلى ما يَأْتِي بَيانُهُ في الواقِعَةِ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى. قالَ ابْنُ العَرَبِيِّ: وكَذَلِكَ قَوْلُ الطَّبِيبِ إذا كانَ الثَّدْيُ الأيْمَنُ مُسْوَدَّ الحَلَمَةِ، فَهو ذَكَرٌ، وإنْ كانَ في الثَّدْيِ الأيْسَرِ فَهو أُنْثى، وإنْ كانَتِ المَرْأةُ تَجِدُ الجَنْبَ الأيْمَنَ أثْقَلَ فالوَلَدُ أُنْثى، وادَّعى ذَلِكَ عادَةً لا واجِبًا في الخِلْقَةِ لَمْ يَكْفُرْ، ولَمْ يَفْسُقْ. وَأمّا مَنِ ادَّعى الكَسْبَ في مُسْتَقْبَلِ العُمْرِ فَهو كافِرٌ، أوْ أخْبَرَ عَنِ الكَوائِنِ المُجْمَلَةِ، أوِ المُفَصَّلَةِ، في أنْ تَكُونَ قَبْلَ أنْ تَكُونَ فَلا رِيبَةَ في كُفْرِهِ أيْضًا، فَأمّا مَن أخْبَرَ عَنْ كُسُوفِ الشَّمْسِ والقَمَرِ، فَقَدْ قالَ عُلَماؤُنا: يُؤَدَّبُ ولا يُسْجَنُ، أمّا عَدَمُ كُفْرِهِ فَلِأنَّ جَماعَةً قالُوا: إنَّهُ أمْرٌ يُدْرَكُ بِالحِسابِ وتَقْدِيرِ المَنازِلِ، حَسْبَما أخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ مِن قَوْلِهِ: ﴿والقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ﴾ [يس: ٣٩] . وَأمّا أدَبُهم، فَلِأنَّهم يُدْخِلُونَ الشَّكَّ عَلى العامَّةِ، إذْ لا يَدْرُونَ الفَرْقَ بَيْنَ هَذا وغَيْرِهِ، فَيُشَوِّشُونَ عَقائِدَهم، ويَتْرُكُونَ قَواعِدَهم في اليَقِينِ، فَأُدِّبُوا حَتّى يَسْتُرُوا ذَلِكَ إذا عَرَفُوهُ ولا يُعْلِنُوا بِهِ. قُلْتُ: ومِن هَذا البابِ ما جاءَ في ”صَحِيحِ مُسْلِمٍ“ عَنْ بَعْضِ أزْواجِ النَّبِيِّ - ﷺ: أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «مَن أتى عَرّافًا فَسَألَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً»، والعَرّافُ: هو الحازِي والمُنَجِّمُ الَّذِي يَدَّعِي عِلْمَ الغَيْبِ، وهي العَرافَةُ، وصاحِبُها عَرّافٌ، وهو الَّذِي يَسْتَدِلُّ عَلى الأُمُورِ بِأسْبابٍ ومُقَدِّماتٍ يَدَّعِي مَعْرِفَتَها، وقَدْ يَعْتَضِدُ بَعْضُ أهْلِ هَذا الفَنِّ في ذَلِكَ بِالزَّجْرِ، والطَّرْقِ، والنُّجُومِ، وأسْبابٍ مُعْتادَةٍ في ذَلِكَ، وهَذا الفَنُّ هو العِيافَةُ بِالياءِ، وكُلُّها يَنْطَلِقُ عَلَيْها اسْمُ الكِهانَةِ، قالَهُ القاضِي عِياضٌ. والكِهانَةُ: ادِّعاءُ عِلْمِ الغَيْبِ. قالَ أبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ البَرِّ في ”الكافِي“: مِنَ المَكاسِبِ المُجْتَمَعِ عَلى تَحْرِيمِها (p-٤٨٤)الرِّبا، ومُهُورُ البَغايا، والسُّحْتُ، والرِّشا، وأخَذُ الأُجْرَةِ عَلى النِّياحَةِ والغِناءِ، وعَلى الكِهانَةِ، وادِّعاءِ الغَيْبِ، وأخْبارِ السَّماءِ، وعَلى الزَّمْرِ واللَّعِبِ، والباطِلُ كُلُّهُ. اهـ مِنَ القُرْطُبِيِّ بِلَفْظِهِ، وقَدْ رَأيْتُ تَعْرِيفَهُ لِلْعَرّافِ والكاهِنِ. وَقالَ البَغَوِيُّ: العَرّافُ الَّذِي يَدَّعِي مَعْرِفَةَ الأُمُورِ بِمُقَدِّماتٍ يَسْتَدِلُّ بِها عَلى المَسْرُوقِ، ومَكانِ الضّالَّةِ ونَحْوِ ذَلِكَ، وقالَ أبُو العَبّاسِ بْنُ تَيْمِيَّةَ: العَرّافُ: اسْمٌ لِلْكاهِنِ والمُنَجِّمِ والرَّمّالِ، ونَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ في مَعْرِفَةِ الأُمُورِ بِهَذِهِ الطُّرُقِ. والمُرادُ بِالطَّرْقِ: قِيلَ الخَطُّ الَّذِي يَدَّعِي بِهِ الِاطِّلاعَ عَلى الغَيْبِ، وقِيلَ إنَّهُ الضَّرْبُ بِالحَصى الَّذِي يَفْعَلُهُ النِّساءُ، والزَّجْرُ هو العِيافَةُ، وهي التَّشاؤُمُ والتَّيامُنُ بِالطَّيْرِ، وادِّعاءُ مَعْرِفَةِ الأُمُورِ مِن كَيْفِيَّةِ طَيَرانِها، ومَواقِعِها، وأسْمائِها، وألْوانِها، وجِهاتِها الَّتِي تَطِيرُ إلَيْها. وَمِنهُ قَوْلُ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدَةَ التَّمِيمِيِّ: [ البَسِيطُ ] ؎وَمَن تَعَرَّضَ لِلْغِرْبانِ يَزْجُرُها عَلى سَلامَتِهِ لا بُدَّ مَشْئُومُ وَكانَ أشَدَّ العَرَبِ عِيافَةً بَنُو لَهَبٍ، حَتّى قالَ فِيهِمُ الشّاعِرُ: [ الطَّوِيلُ ] ؎خَبِيرٌ بَنُو لَهَبٍ فَلا تَكُ مُلْغِيًا ∗∗∗ مَقالَةَ لَهَبِي إذا الطَّيْرُ مَرَّتِ وَإلَيْهِ الإشارَةُ بِقَوْلِ ناظِمِ عَمُودِ النَّسَبِ: [ الرَّجَزُ ] فِي مَدْلَجِ بْنِ بَكْرٍ القِيافَةُ كَما لِلَهَبٍ كانَتِ العِيافَةُ وَلَقَدْ صَدَقَ مَن قالَ: [ الطَّوِيلُ ] ؎لَعَمْرُكَ ما تَدْرِي الضَّوارِبُ بِالحَصى ∗∗∗ ولا زاجِراتُ الطَّيْرِ ما اللَّهُ صانِعُ وَوَجْهُ تَكْفِيرِ بَعْضِ أهْلِ العِلْمِ لِمَن يَدَّعِي الِاطِّلاعَ عَلى الغَيْبِ، أنَّهُ ادَّعى لِنَفْسِهِ ما اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعالى بِهِ دُونَ خَلْقِهِ، وكَذَّبَ القُرْآنَ الوارِدَ بِذَلِكَ كَقَوْلِهِ: ﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَن في السَّماواتِ والأرْضِ الغَيْبَ إلّا اللَّهُ﴾ [النمل: ٦٥]، وقَوْلِهِ هُنا: ﴿وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُها إلّا هُوَ﴾ [الأنعام: ٥٩]، ونَحْوِ ذَلِكَ. وَعَنِ الشَّيْخِ أبِي عِمْرانَ مِن عُلَماءِ المالِكِيَّةِ: أنَّ حُلْوانَ الكاهِنِ لا يَحِلُّ لَهُ، ولا يُرَدُّ لِمَن أعْطاهُ لَهُ، بَلْ يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ في نَظائِرَ نَظَمَها بَعْضُ عُلَماءِ المالِكِيَّةِ بِقَوْلِهِ: [ الرَّجَزُ ] ؎وَأيُّ مالٍ حَرَّمُوا أنْ يَنْتَفِعْ ∗∗∗ مَوْهُوبُهُ بِهِ ورَدُّهُ مُنِعْ ؎(p-٤٨٥)حُلْوانُ كاهِنٌ وأُجْرَةُ الغِنا ∗∗∗ ونائِحٌ ورِشْوَةٌ مَهْرُ الزِّنا هَكَذا قِيلَ، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب